قال رئيس دولة فلسطين محمود عبَّاس إنَّ القيادة قرَّرت وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي، وتشكيل لجنة لتنفيذ ذلك، عملاً بقرار المجلس المركزي.
وأضاف سيادته عقب اجتماع القيادة الذي عقد، مساء اليوم الخميس 25-7-2019، في مقرِّ الرئاسة بمدينة رام الله، "لن نرضخ للإملاءات وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة الغاشمة وتحديدا بالقدس، وكل ما تقوم به دولة الاحتلال غير شرعي وباطل".
وفيما يلي نص كلمة الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ). صدق الله العظيم.
شعبنا الفلسطيني العظيم في الوطن والشتات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
في ضوء ما أقدمت عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي من تدميرٍ للعشرات من بيوت أهلنا في القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين الأبدية وتشريد مئات المواطنين الآمنين من صور باهر وغيرها، الذين أصبحوا بلا مأوى، في خرق إسرائيلي واضح للقانون الدولي-كعادتها-وخرق للشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة بيننا وبينها، الأمر الذي لا يمكن تصنيفه إلا باعتباره تطهيرًا عرقيًا وجريمة ضد الإنسانية لا يمكن السكوت عليها-مع أن مسألة التطهير العرقي انتهت من كل العالم بعد جنوب إفريقيا إلا أنها بقيت للآن في إسرائيل برعاية أميركية.
ووفاءً لشهدائنا وجرحانا وأسرانا وعذابات شعبنا الذي يعيش تحت أطول احتلال في تاريخنا المعاصر، في أرض دولة فلسطين المحتلة وباسم اللاجئين الفلسطينيين في كل مكان وحقهم في العودة إلى ديارهم، نقولها بوضوح: إنّنا لن نرضخ للإملاءات وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة الغاشمة وتحديدًا في القدس وغيرها، الأرض الفلسطينية كلها مقدسة، بقية المدن والقرى لا تقلُّ تقديسًا عن القدس، (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)، فكل فلسطين أرض مباركة.
نقولها بوضوح: إنّنا لن نرضخ للإملاءات وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة الغاشمة وتحديدًا في القدس، وإن كل ما تقوم به دولة الاحتلال فيها من إجراءات غير شرعي وباطل باطل باطل.
إنَّ الإدارة الأميركية ومن خلال سياساتها المنحازة لإسرائيل ومحاولاتها تغيير المرجعيات الدولية بتمرير صفقة القرن، توفر الغطاء للانتهاكات الإسرائيلية ضد شعبنا، الأمر الذي رفضناه وسوف نستمر في رفضه التزاما منّا بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومصلحة شعبنا وحقوقه، وسوف يفشّل شعبنا الفلسطيني بصموده ومقاومته الشعبية السلمية المخططات الإسرائيلية والأميركية على حد سواء.
ومهما طال الزمن أو قصر، فسوف يندحر هذا الاحتلال البغيض عن أرضنا وسوف تستقل دولتنا العتيدة بإذن الله. فلا سلام ولا أمن ولا استقرار في منطقتنا وكل العالم دون أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة.
وفي هذا السياق، فإننا نعيد التأكيد مرة أخرى بأننا لم نفوض أحدا بالحديث باسم دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، الشرعي والوحيد ليس لنّا شريك، الأمة العربية إخوتنا وأصحاب مصلحة في القضية الفلسطينية، لكننا نحن أصحاب القرار الأول.
إن سلطة الاحتلال الإسرائيلي قررت التنكر لجميع ما ترتب عليها من التزامات وفقا للاتفاقات الموقعة معها، حيث تواصل قتل المواطنين الفلسطينيين واعتقالهم وهدم بيوتهم ومصادرة أراضيهم، إضافة إلى إغلاق الطرق بمئات الحواجز وبناء الجدران التي تقطّع أوصال الأرض الفلسطينية، وفرض سياسة الفصل العنصري "الأبرتهايد" التي نبذها العالم أجمع. هذا "الأبرتهايد" الذي انتهى منذ ثلاثين عامًا من كل العالم لا زال هنّا مرعيا من قبل أميركا. وأخيرا ممارسة القرصنة للأموال الفلسطينية.
ومن ناحية أخرى، تواصل قطعان المستوطنين، مدعومة بدولة الاحتلال، الاعتداءات على أرواح وممتلكات أبناء شعبنا في مدنهم وقراهم، وعلى مقدساتنا المسيحية والإسلامية وبالذات المسجد الأقصى المبارك، وكنيسة القيامة، وهو أمر لا يمكن السكوت عليه. وشعبنا يجب أن لا يسكت عنه، وشعبنا يجب أن يمنعه بكل الوسائل المشروعة، يجب أن يقف في وجه كل من يريد أن يعتدي علينا، كفى كفى كفى.
إن أيدينا كانت وما زالت ممدودة للسلام-لأننا نؤمن بالسلام-الشامل والعادل والدائم، ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أننا نقبل باستمرار الوضع القائم أو الاستسلام للسياسات والإجراءات الاحتلالية، وأجدد التأكيد أننا لن نستسلم، ولن نتعايش مع الاحتلال، ولن نتساوق مع صفقة القرن أو صفعة القرن أو صفقة العار-كلها مسميات لاسم واحد-، ففلسطين والقدس ليست للبيع والمقايضة وليست صفقة عقارات في شركة عقارات.
وفي الوقت الذي نشكر فيه كل من يقف إلى جانبنا من دول وشعوب العالم من أجل نيل حقوقنا، فإننا نطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في ردع العدوان الإسرائيلي على شعبنا وإنهاء احتلاله لدولتنا، وذلك بتنفيذ ما اتخذه من قرارات بهذا الشأن.
بالأمس كان هناك اجتماع بمجلس الأمن، 14 دولة تكلمت بلغة وأميركا تكلمت بلغة وحدها، ويخرج غرينبلات ليقول: الفلسطينيون معزولون، أنا أريد أن أعرف من هو المعزول. هل نحن أم هم؟ هل هم أمام 14 دولة أم نحن ومعنا 14 دولة. ونحن معنا 135 دولة (مجموعة ال77 والصين) نترأسها، و140 دولة تعترف بنّا. من هو الذي في عزلة؟ هل نحن أم أميركا؟ ومع ذلك نقول لدول العالم: نريد عملا، نشكركم على موقفكم من رؤية الدولتين والاحتلال وحدود 1967 لكن نريد خطوات عملية ولو مرة واحدة لتنفيذ القرارات الأممية سواء في مجلس الأمن يوجد 86 قرارا، اختاروا أي قرار ونفذوه. أو قرارات الجمعية العامة 700 قرار أي قرار خذوه ونفذوه، لكن للأسف لم ينفذ أي قرار، وفي الوقت ذاته نتحدث عن الشرعية الدولية والعدالة الدولية أعتقد أن هذا أمر لا يمكن قبوله في القرن الـ21.
ونقول لإخواننا في غزة: آن الأوان لتطبيق اتفاق 2017 أنتم من بادر للبدء بالحوار، ومصر مشكورة رعت هذا الحوار والعرب كلهم موافقون على هذا الاتفاق 2017، نتفق ثم نطبقه، عندما نقول نريد أن نواجه إسرائيل بقوانا جميعها. أنتم أين؟ ومع من؟ أنا أفهم المنظمات المنخرطة في منظمة التحرير لكن أنتم أين؟ لا نريد أن نعود إلى مأساة اجتماع موسكو عندما رفضتم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وتساوقتم مع إسرائيل وأميركا. لأن العالم كله يتحدث عن دولتين والعالم كله موافق على القرار 2334 والعالم كله موافق على قرارات الجمعية العامة بدولة فلسطين منذ أن حصلنا على عضو مراقب. وأنتم تقولون لا لمنظمة التحرير. مع من تقفون؟ لا زالت يدي ممدودة للمصالحة وأريد المصالحة ولي مصلحة بأن تكون هناك مصالحة. أمّا أن نبقى هكذا ونتكلم عن أشياء جانبية، عن أشياء فرعية، عن أشياء هامشية، أعتقد آن الأوان لأن نكون أكثر جدية.
وعلى ضوء ما جرى في اجتماع القيادة اليوم من مداولات، وأمام إصرار سلطة الاحتلال على التنكر لجميع الاتفاقات الموقعة، وما يترتب عليها من التزامات، نعلن عن قرار القيادة وقف العمل بالاتفاقات الموقّعة مع الجانب الإسرائيلي والبدء بوضع آليات-ابتداء من يوم غد- تشكيل لجنة لتنفيذ ذلك، عملًا بقرارات المجلس المركزي الفلسطيني.
بسم الله الرحمن الرحيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). صدق الله العظيم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها