رفض البرلمان البريطاني مساء أمس، مجددا اتفاق الخروج المعدل الذي أبرمته رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي، ما يضع البلاد في حالة من الشك قبل نحو اسبوعين من الموعد المحدد لمغادرة الاتحاد الأوروبي.
وصوت البرلمان ضد الاتفاق بغالبية 391 صوتا مقابل 242.
وخلال النقاش الذي استمر عدة ساعات، دعت ماي، التي لم تتمكن تقريبا من الحديث بسبب بحة في صوتها، البرلمان إلى التصويت لصالح الاتفاق المعدل، وقالت " إذا لم يتم قبول هذا الاتفاق، فإن من الممكن، أن يذهب البريكست هباء".
وأضافت :"أنا على يقين من أننا توصلنا إلى أفضل تغييرات ممكنة".
ويمكن أن يؤدي رفض البرلمان مجددا لما توصلت اليه ماي مع الاتحاد الاوروبي الى فوضى اقتصادية، لأن لندن قد تواجه عندها في التاسع والعشرين من اذار/مارس احتمال الخروج من دون اتفاق من الاتحاد الاوروبي، الذي يعتبر أكبر شريك تجاري لها، بعد عضوية استمرت 46 عاما.
الا ان الاتحاد الاوروبي سارع الى تأكيد استعداده "للنظر" في طلب بريطاني "دوافعه مبررة" لإرجاء بريكست، بحسب ما أعلنت الثلاثاء متحدّثة باسم التكتّل بعد رفض البرلمان البريطاني الاتفاق.
وقالت متحدّثة باسم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر "إذا قدّمت المملكة المتحدة طلبا مبرر الدوافع للتمديد، فإن الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي على استعداد للنظر فيه واتّخاذ قرار بالاجماع".
وكانت ماي في آخر محاولة لإقناع النواب بالتصويت لصالح الاتفاق، قالت الثلاثاء إن بريطانيا "يمكن أن تخسر بريكست" في حال التصويت ضد الاتفاق.
وقالت أمام البرلمان "بالنسبة للراغبين حقا في تحقيق بريكست عليهم أن يدركوا أنه في حال عدم الموافقة على الاتفاق الليلة، فإن هذا المجلس يخاطر بعدم تحقيق بريكست مطلقاً".
وأضافت "الخطر بالنسبة الينا نحن الراغبين بتحقيق بريكست والحصول على ثقة الشعب البريطاني وتنفيذ ما صوتوا له في استفتاء بريكست، هو خسارة بريكست في حال لم يتم التصويت بالموافقة على الخطة الليلة".
وقد توجهت مساء الاثنين على وجه السرعة الى ستراسبورغ لانتزاع تنازلات من قادة الاتحاد الأوروبي في محاولة أخيرة لكسب تأييد البرلمان البريطاني في إحدى جلسات التصويت الأكثر أهمية له منذ أجيال.
وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية أنها حصلت على "تعديلات ملزمة قانونيا" لطالما طالب بها النواب في مسألة الحدود مع إيرلندا.
لكن النائب العام البريطاني النافذ جيفري كوكس قال إن المحاذير القانونية في النقطة الأكثر خلافا في اتفاق الانسحاب المكون من 585 صفحة الذي تم الاتفاق عليه مع الاتحاد الأوروبي "لا تزال على حالها".
وتعرض الاتفاق الأول الذي أبرمته ماي مع بروكسل إلى هزيمة ساحقة في البرلمان في كانون الثاني/يناير مع تشكيل النواب المناهضين لبريكست والمدافعين عنه تحالفا غير متوقع.
ويعارض أشد أنصار بريكست خطة "شبكة الأمان" بشأن الحدود مع إيرلندا والمصممة لتجنب اندلاع العنف الطائفي مجددا في إيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا.
وضغط هؤلاء على ماي لضمان حق بريطانيا في الانسحاب من الخطة أو تحديد مدتها.
لكن بروكسل اعتبرت أنها ضرورية للحفاظ على حدود التكتل الخارجية بعد بريكست.
وأفاد الحزب الوحدوي الديموقراطي في بيان أنه "لم يتم تحقيق تقدم كاف" داعيا إلى "اتفاق منطقي".
واعتبرت موافقة الحزب الوحدوي الديموقراطي مهمة للغاية لإقناع أعضاء حزب ماي بالتخفيف من حدة معارضتهم وإما دعم الاتفاق أو الامتناع عن التصويت.
وكان قادة الاتحاد الأوروبي اكدوا ان هذا العرض هو الأفضل والأخير الذي يمكن لبريطانيا توقعه.

وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر "لن تكون هناك فرصة ثالثة".
أما المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل فقالت الثلاثاء إن الاتحاد الأوروبي قدم "اقتراحات واضحة وواسعة النطاق تأخذ في الاعتبار مخاوف بريطانيا العظمى وتقدم الحلول لها".
وتمهد الهزيمة لجلستي تصويت جديدتين على الأقل في البرلمان تعهدت بهما ماي في محاولة للحفاظ على وحدة حكومتها المنقسمة.
وسيصوت النواب في جلسة بات عقدها أمرا مرجحا الأربعاء على مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/مارس دون أي اتفاق.
ويعد هذا الخيار محفوفا بالمخاطر الاقتصادية ولا يدعمه إلا أشد أنصار بريكست.
وفي حال رفض النواب سيناريو الخروج بدون اتفاق، فسيتبع ذلك تصويت الخميس على طلب تأجيل من الاتحاد الأوروبي.
وسيكون على باقي دول التكتل الـ27 دعم التأجيل بالإجماع واتخاذ قرار بشأن مدته. وسيعقد قادة الاتحاد الأوروبي قمة في بروكسل في 21 و22 آذار/مارس.
وسيتعين على أي تأجيل أن يكون قصير الأمد.
وأفاد يونكر أنه "يجب إكمال بريكست قبل الانتخابات الأوروبية" في نهاية أيار/مايو.