قبل ثلاثة أشهر عاد الفتى مصعب فراس التميمي لقريته دير نظام، شمال رام الله، قادما من الأردن، حيث أمضى هناك سنوات طويلة مع والدته، دون أن تسمح قوات الاحتلال لهم بالعودة، عاد ليستشهد.
"لا تبكي، أنت طلبت منه أن يستشهد، وها هو استشهد".. بهذه الكلمات خاطب فراس التميمي زوجته التي انفجرت من البكاء على جسد صبيها "مصعب 16 عاما ونصف"، الممدد في المستشفى الاستشاري في رام الله.
أصابع الأقارب تمشي على وجه مصعب، ترتفع لترتب شعره، ثم تهبط لتتحسس صدره، في وداعية أخيرة في ثلاجة مجمع فلسطين الطبي.
رصاصة وجهها قناص من جنود الاحتلال، أصابت عنق الفتى مصعب التميمي، خلال فترة استراحة الصبية الذين كانوا يتناوبون على رشق قوات الاحتلال التي اقتحمت قرية دير نظام بالحجارة، عصر أمس، شقيق الشهيد (15 عاما) كان يجلس على مقربة منه، وحذره قبل انطلاق الرصاصة من أن جنديا يأخذ وضعية القنص وسيطلق النار.
والد الشهيد، فراس التميمي (43 عاما)، قال: "تناولنا صباحا الإفطار، وطلبت من أولادي الثلاثة وأكبرهم مصعب، ألا يتوجهوا إلى المواجهات، غافلني مصعب وخرج ولحقه شقيقه، تبعتهما وأصيب مصعب أمامي، حملته بيدي إلى رام الله في سيارة خاصة حتى جسر عطارة، ومن هناك نقلته سيارة إسعاف إلى المستشفى، وبعد دقائق من وصوله استشهد".
ويضيف: "ابني مصعب لا يختلف عن كثير من أطفال وشبان فلسطين، الذين ينزلون إلى المواجهات، فهم يعلمون أنه في أي لحظة قد يصبح الواحد منهم شهيدا، لم تكن لديه اهتمامات كثيرة، غير حب فلسطين وكتابة الأشعار، لم يسعفه العمر ليصبح شاعرا، لكنه كتب بالدم قصيدته الخاصة، يفهمها من يغلي في دمه حب البلاد".
منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب المشؤوم في السادس من كانون الأول 2017، ودير نظام مشتعلة بالمواجهات، وهي قرية صغيرة جدا، حيث لا يتجاوز عدد سكانها 1200 نسمة، وبحسب رئيس المجلس القروي، أحمد التميمي، فإن مساحة القرية تبلغ 4 آلاف دونم، صادر الاحتلال منها 2500 دونم لصالح مستوطنة حلميش القريبة وعدد من معسكرات الاحتلال ونقاطه العسكرية وطرقه الالتفافية.
ويتابع التميمي: "تعاني دير نظام منذ أشهر من حصار خانق يفرضه الاحتلال عليها، بسبب مقاومة أهلها لمصادرة الأراضي وممارسات الاحتلال، كما تشارك في كافة المناسبات الوطنية وتشتبك مع الاحتلال في كافة الهبات المتتالية، خاصة في السنوات الأخيرة، ومنذ عام 2000 استشهد منها ثلاثة شبان، ويقبع من أهلها في سجون الاحتلال سبعة أسرى، إضافة إلى الأسيرة استرق التميمي".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها