أكَّد عضو اللَّجنة المركزية لحركة "فتح" محمد أشتية، أنَّ إسرائيل أفشلت كل الجهد الأمريكي السَّابق، والآن الرَّئيس ترامب يجد نفسه منسجماً تماماً مع رغبات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.

وتساءل: "ماذا ستفعل القيادة الفلسطينية؟ نحن سنقوم بمراجعة تامة لاتفاق أوسلو، لأنَّ أهم بند فيه قضايا الحل النهائي، وعلى رأسها موضوع القدس، والمفاوضات بشكلها السَّابق قد ذهبت إلى غير رجعة، والمسار السِّياسي والصفقات الكبرى التي تحدَّث عنها ترامب قد تبخرت بإلقائه القدس في الحضن الإسرائيلي".

وقال: أوعز الرَّئيس عباس بتسريع المصالحة، فهي ليست سكة حديد من أجل أن يسير عليها مسار التَّسوية السِّياسية، والمصالحة الفلسطينية هي جزء لا يتجزأ من عصب الهم الوطني الفلسطيني، وهي أولوية وطنية، ويجب أن تتم ولا رجعة فيها، وسنسعى لترتيب البيت الداخلي في كل مؤسسات المنظَّمة والسَّلطة، والأساس في هذا الموضوع إعادة تغيير وظيفة السُّلطة بما يخدم مشروعنا الوطني.

وأردف: سينعقد المجلس المركزي قريباً بدعوة من الرَّئيس والمجلس صاحب الولاية على السلطة، وهو صاحب القول الفصل في كل الخطوات المستقبلية التي سنذهب باتجاهها.

وأضاف: "لم نفاجأ بقرار ترامب، فهو لوَّح بذلك عبر وسائل الإعلام خلال حملته الانتخابية، وأن الفريق الذي يعمل معه يؤيد الاستيطان، وعمل كل جهده لتتم هذه الخطوة، لكننا نعلم أنَّ الرَّئيس ترامب يبحث عن مكاسب صغيرة في خطوة ذات أثر كبير على المنطقة وعلينا بشكل خاص، وهو يريد أن يحصل على إجماع في مجلس الشُّيوخ على هذا الإجراء".

وتابع: "نعلم أنَّ إسرائيل قامت بعدة إجراءات ضد مدينة القدس سواء كان ضمُها أو محاولة تفريغها، وخلق وقائع على الأرض، ومحاولة العصف بالمدينة، ومع ذلك فكلنا يعلم أنَّ إسرائيل تفاوضت حول مدينة القدس في كامب ديفيد مع الرَّئيس الشَّهيد ياسر عرفات والرَّئيس أبو مازن، ذلك أنَّها تعلم أنها دولة احتلال، وأنَّ مدينة القدس الشَّرقية جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة".

وأردف: "القدس كانت 6 كم ووسعتها إسرائيل إلى 75كم، وعندما أدرك ترامب أنَّه فشل في إيجاد أي حل سياسي في الموضوع الفلسطيني، أراد أن يأتي بموضوع القدس من أجل تحميل الجانب الفلسطيني مسؤولية الفشل المتوقَّع لكل ما بذله وفريقه فيما يتعلق بمسار سياسي".

وأكد أشتية، أنَّ هذه الإدارة تخطت كل الخطوط الحمراء بإجراءاتها المخالفةً للقانون الدولي، وخاصة قرار مجلس الأمن 478 الذي يقول: إنَّ القدس مدينة محتلة، وإنَّ الأراضي الفلسطينية هي أراضٍ محتلة أيضاً، وبالتالي أعطى الرَّئيس الأمريكي ما لا يملك لمن ليس له حق، كما كان الحال قبل مئة عام.

وأشار إلى أنَّ هذا الإجراء ليس الأول، فهناك 26 قراراً في الكونغرس الأمريكي، يتم نقاشها ضد السُّلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير، وهناك إغلاق المكتب، وجاءت خطوة القدس وكلها بالمجمل العام، لتسييج التضييق باستمرار على القيادة الفلسطينية، لإجبارها على أن تدخل في مسار لا يمكن أن تقبل به.

وقال: فإذا ما كان ما تقوم به الولايات المتحدة تمهيداً لمسار سياسي فهو محتوم بالفشل، وبإجرائها هذا قد أخرجت نفسها كوسيط من عملية السَّلام، وأصبحت ليست ذات صلة بالموضوع السِّياسي لا من قريب ولا من بعيد.

وحيا أشتية الأصوات التي جاءت من أوروبا: فرنسا وبريطانيا وألمانيا والنرويج والسويد وتركيا وسويسرا ومن ايرلندا، وكذلك تشيلي وغيرها، والتي قالت لترامب إنَّ قرارك خاطئ وعليك التراجع عنه.

وذكَّر أنَّ الولايات المتحدة تجد نفسها بهذا القرار معزولة عن الرأي العام العالمي والدولي، ولكن القرار الأمريكي لا يجعل من مدينة القدس مدينة غير محتلة،  فهي مدينة محتلة ينطبق عليها قانون الشَّرعية الدولية.

وأوضح أشتية، أنَّ خطاب ترامب كان مليئاً بالتناقضات، حيث إن قراره يؤثر على المسار السِّياسي، فالقدس كما نص اتفاق أوسلو جزء لا يتجزأ من الحل النهائي، وما قام به يعارض المسار السِّياسي وعزل للقدس عنه، وهذا بالنسبة لنا نهاية الحقبة التي بدأت عام 1993.

وقال: القيادة الفلسطينية في اجتماعاتها القادمة ستبحث عن خيارات، فالخيارات مفتوحة أمامها، وعندما يقول الرَّئيس الأمريكي إنَّه يتعامل مع الأمر الواقع أنَّ مدينة القدس فيها رئيس الوزراء وفيها الكنيست وغيره، نحن نقول الضفة الغربية مليئة بالمستوطنات فهل هذا يعني أنه سيعترف بها أيضاً، وكذلك إسرائيل تسرق مياهنا، فهل هذا يعني أنه يرضى بالأمر الواقع، فالقبول به يعني أننا نقبل بالاحتلال، وعملية السَّلام هي من أجل رفض الاحتلال بجميع المقاييس.

وأضاف: دعونا مع بعض الأصدقاء، بعض المؤسسات الدولية للانعقاد، وخلال ساعات سينعقد مجلس الأمن الدولي، وبعد ذلك الجمعية العمومية، ومن ثمَّ ندرس مع فريق من المحامين مدى إمكانية إبطال مشروع قرار الرَّئيس ترامب في المحافل الدولية والمحاكم الدولية، وأتمنى على أوروبا أن تعمل مع روسيا الاتحادية والصين على خلق إطار سياسي بديل، لأنَّ الولايات المتحدة قد أعلنت بذلك أنَّها لم تعد ذات صلة بالمسار السياسي المستقبلي، ومن جانبنا سنعمل على تجسيد الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة عام 67 وعاصمتها القدس.

وأعاد أشتية التأكيد على أن الإجراءات الإسرائيلية لا تغير من الواقع شيئاً، مضيفاً: فأهلنا في مدينة القدس صامدون ونحن سنوجه كل الإمكانيات لتعزيز هذا الصمود، كما حاولت إسرائيل تخفيض نسبة الفلسطينيين في القدس إلى 19% إلا أنَّها فشلت في ذلك.

فيما وضع أشتية ممثلي ومراسلي وسائل الإعلام الأجنبية وعدداً من الصحفيين المحليين في صورة الوضع السِّياسي الفلسطيني بعد اعتراف الرَّئيس ترامب بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ونقل السِّفارة الأمريكية إليها.

جاء ذلك، خلال لقاء أشتية اللَّيلة الماضية بالصحفيين وعدد من قناصل وممثلي دول أجنبية، وحضور رؤساء بلديات بيت جالا وبيت لحم وبيت ساحور، ورعاة كنائس من المحافظة، والنائب فايز السقا مساء يوم الخميس، في قاعة النادي العربي الأرثوذكسي بمدينة بيت جالا، بحسب ما ورد في وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.