تصادف اليوم الجمعة، الذكرى الـ44 لانتصار الشقيقة الكبرى مصر على إسرائيل، في حرب "أكتوبر المجيدة".
ففي هذه الحرب(6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973)، استعاد سلاح الطيران المصري كل ما فقده من إمكانات وهيبة في حربي 1956 و1967 ومهد الطريق أمام القوات المسلحة(الجيش) وقوات الإسناد التي جاءت من الثورة الفلسطينية وبعض الدول الشقيقة لتحقيق النصر.
وتحمل هذه المعركة (انتصار 6 أكتوبر) أبعادا استراتيجية ومعنوية كبيرة للمصرين بشكل خاص وللأمة العربية عموما كون النصر قلل من آثار الهزيمة الثقيلة في حزيران/ يونيو 1967، كما أنه أنهى خرافة "إسرائيل لا تهزم".
لقد سببت هذه المعركة والتي يطلق عليها أيضا (انتصار العاشر من رمضان)، حالة من الصدمة العامة في إسرائيل؛ لأنها كانت مفاجئة في توقيتها وأحداثها وتأثيرها، ولم يعد بعدها منطقة الشرق الأوسط كما كان قبلها.
قوات الثورة الفلسطينية تساند:
ولم تترك القوات المصرية وحدها في هذه المعركة، فساندتها قوات سورية، كما شاركت قوات الثورة الفلسطينية وجيش التحرير الوطني الفلسطيني على جبهتي القتال في سيناء والجولان، إضافة إلى جنوب لبنان، حيث فتحت منفردة جبهة لمقاتلة إسرائيل من هناك.
وتعد معركة "تل الفرس" التي استمرت ثماني ساعات إحدى المعارك الهامة التي خاضتها وحدات الثورة الفلسطينية.
وقد تمكنت وحدة من جيش التحرير منقولة بأربع طائرات عمودية في يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 1973 بالإنزال فوق "تل الفرس" الذي يقع على بعد 18 كم جنوبي القنيطرة ويشرف على الطرق الموجودة في المنطقة نظرا لارتفاعه حوالي 100متر بالنسبة إلى ما حوله، وتمكنت الوحدة من الهبوط فوق التل وتحريره بعد أن فقد العدو حوالي 60 جنديا.
الفريق الشاذلي أحد أبطال الانتصار:
ويعد الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الذي توفي يوم العاشر من شباط 2011 أحد أبرز أبطال انتصار الجيش المصري في حرب أكتوبر عام 1973.
ويوصف الراحل بأنه العقل المدبر للهجوم المصري الناجح على خط الدفاع الإسرائيلي بارليف في هذه المعركة الحاسمة، ومما قاله قبل وفاته: إن خطة الهجوم التي وضعناها حققت كل ما يريده الجيش المصري، وكل ما يكرهه العدو الإسرائيلي، حيث تم تحجيم القوات الجوية الإسرائيلية في استخدام أسلحتها ضد القوات البرية المصرية، وكذلك تحجيم حركة الجيش الإسرائيلي من الأجناب، وإرغامه على القتال بالمواجهة وبمدة طويلة دون أن تتأثر قواتنا وهو من يتأثر.
روايات لقادة شاركوا في حرب أكتوبر:
وفي إطار الاحتفالات بالذكرى الـ 44 لانتصارات أكتوبر المجيدة، نشر الجيش المصري على مدار الأسبوع الأخير، سلسلة من الفيديوهات عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك"، والتي تحمل عنوان "ذاكرة أكتوبر" تتضمن شهادات هامة لقادة النصر، وأبرز المحللين الذين كانوا شهود عيان على وقائع الملحمة الكبرى، التي استعادت شرف الجندية المصرية، وردت كرامة المصريين.
وبهذا الصدد، قال اللواء أركان حرب منير شاش، قائد مدفعية الجيش الثالث في حرب أكتوبر 1973، إن "التمهيد النيراني" في هذه الحرب بني في 53 دقيقة، مقابل 5 قصفات، القصفة الأولى استغرقت 15 دقيقة لتأمين عبور جماعات اقتناص الدبابات لتصل إلى مكانها.
وأضاف شاش أن القصفة الثانية استغرقت 22 دقيقة، لتأمين عبور القوات المهاجمة للاستيلاء على الساتر الترابي.
وبدوره، صرح اللواء أركان حرب، محمد حسين غنيم، نائب رئيس هيئة العمليات في حرب أكتوبر عام 1973، بأنه مع بداية "التمهيد النيراني" للمدفعية عبرت 120 مفرزة عنوة لقناة السويس، وكان الغرض من هذه المفارز هو سباق العدو في احتلال المرابض المتواجدة على الضفة الشرقية للقناة.
من جانبه، كشف المشير محمد علي فهمي، قائد قوات الدفاع الجوي في حرب أكتوبر عام 1973، عن إرسال مظروف مغلق لقادة التشكيلات، قبل الحرب بيوم، وكان مكتوب على كل مظروف عبارة "يفتح بواسطة القائد شخصياً عند سماع الكلمة الكودية جبار"، مشيراً إلى أن القادة بدأوا في تنفيذ التعليمات، وفتحوا المظاريف، فوجدوا خرائط بالقطاع الذي يعمل فيه التشكيل مبين بها التوقيتات والمواقع التي ستقوم بها الضربة الجوية، ليتم تأمينها من عناصر الدفاع الجوي.
وبدوره، اعتبر اللواء أركان حرب بهي الدين محمد نوفل، رئيس هيئة عمليات القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية خلال حرب 73، أن اتفاق مصر وسوريا كان مفاجئاً لإسرائيل؛ لأن الأخيرة كانت تراهن على عدم اتحاد العرب من جديد.
وأضاف نوفل أنه كتب أمر الهجوم بخط يده، مشيراً إلى أن يده كانت تهتز أثناء الكتابة، نظراً لما فيه من شرف عظيم، لحرب استعادت الشرف والكرامة.
أما اللواء أركان حرب، فؤاد نصار، مدير المخابرات الحربية في هذه الحرب، فأوضح أنه يوم 3 أكتوبر 1973، تم عقد اجتماع للقيادة الإسرائيلية، حضرته رئيسة الوزراء ووزير الدفاع، وقدم مساعد مدير المخابرات الإسرائيلية تقريراً عن حشود على الجبهة السورية، وحشود من الجبهة المصرية وأنها لا تمثل أي خطورة على إسرائيل.
وقد ذكّر اللواء أركان حرب صلاح المناوي، رئيس قوات العمليات الجوية، في أكتوبر 1973، بأن الضربة الجوية الأولى اشترك فيها 220 طائرة أقلعت من مطارات مختلفة على مسافات متباعدة عن منطقة المعركة، مضيفا: "وكان لا بد من مفاجأة العدو بأن تصل الطائرات في وقت واحد تماما، لشل قيادات العدو، بحيث لا تستطيع التدخل السريع ضد القوات التي تعبر القناة، وكذلك تدمير كل المواقع التي تؤثر على عمليات القوات الجوية".
الجيش المصري العاشر عالميا:
وبعد مرور هذه السنين من الانتصار يواصل الجيش المصري بناء قدراته العسكرية حتى في ظل مرحلة السلام مع إسرائيل، فالقوات المسلحة المصرية تعد أحد أقوى جيوش العالم، حيث تحتل المرتبة العاشرة عالميًا، وفقًا لتصنيف موقع «جلوبال فاير باور» الأميركي لأقوى الجيوش في العالم لعام 2017.
وقد عقد الجيش المصري على مر السنوات الأربعة الأخيرة 16 صفقة للسلاح مع الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، وروسيا الاتحادية، وألمانيا، تمكنت مصر خلالها من شراء طائرات متقدمة وغواصات متقدمة، وصواريخ أرض جو.
وعلى سبيل المثال وليس للحصر وقعت مصر عام 2014 عقدا لشراء 24 طائرة من نوع رافال الفرنسية، وصل منها حتى الآن 11 طائرة، ليتم تسليم العدد المتبقي، وفقا للبرنامج الزمني المحدد في إطار اتفاق الشراكة الاستراتيجية مع دولة فرنسا.
وفي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، تسلمت مصر أيضا منظومة صواريخ "إس 300 بي إم" الروسية المضادة للجو، التي تتميز بالقدرة على مواجهة التهديدات الجوية المختلفة على مسافات بعيدة.
كما أبرمت هذه الدولة الشقيقة صفقات أسلحة حصلت بموجبها من روسيا على طائرات "ميج 29"، والطائرة "سوخوي 30"، وهي مقاتلة ثنائية المحركات والمقاعد، بالإضافة إلى النظام الصاروخي "تور إم 2" هو نظام صاروخي أرض – جو ذاتي الحركة، والطائرة "ميل مي 17" وهي مروحية نقل مطور.
كما تسلمت مصر أيضًا من روسيا الطائرة التدريبية "ياك 130"، المخصصة للتدريبات المتقدمة، كما تستطيع تنفيذ مهمات استطلاع، وحمل ما يقارب من 3 أطنان من الأسلحة.
وقد دشن الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا أول غواصة مصرية حديثة في ألمانيا من طراز 209/1400، كما تعاقدت مصر على 4 غواصات حديثة من طراز 209 / 1400 مع ألمانيا وتسلمت الأولى منها.
كما حصلت مصر عام 2016، على حاملة طائرات "ميسترال"، التي تسمح بحمل 700 جندي على متنها، و16 مروحية، وما يصل إلى 50 عربة مدرعة، 40 دبابة، كما أنها مجهزة كذلك بمستشفى داخلي يضم 69 سريرًا للمصابين.
وعقدت مصر على مدار السنوات الأربعة الأخيرة العديد من الصفقات لتدعيم القوات البحرية، وكان آخرها الغواصة "تايب"، التي يتراوح طولها ما بين 60 و73 مترًا، وتبحر لمسافة 11 ألف ميل بحري، وتصل سرعتها إلى 21 عقدة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها