ﺣﺎﺩﺛﺔ ﻭﻗﻌﺖ ﺑﺄﻭﺍﺧﺮ ﻋﻬﺪ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﻓﻲ أحد البلاد ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻠَّﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﺍﺭﻉ ﻭﺯﺭﻭﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺣﺘﻰ ﻟﻢ يبقى ﻋﻮﺩ ﺃﺧﻀﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ. ﻓﻠﻘﺪ ﻫﺠﻤﺖ ﺃﺳﺮﺍﺏ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﺑﺄﻋﺪﺍﺩ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً، ﻭﻟﻜﺜﺎﻓﺘﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﻜﻞ ﺳﺤﺎﺑﺔً ﺗﺤﺠﺐ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻃﻴﺮﺍﻧﻪ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﻵﺧﺮ، ﻓﺒﺪﺃ ﻳﺄﻛﻞ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﻭﺍﻟﻴﺎﺑﺲ ﺣﺘﻰ اﻟﺘﻬﻢ ﻟﺤﺎﺀ ﺍﻟﺸﺠﺮ، ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺣﺪﺛﺖ ﻣﺠﺎﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﺻﻴﻞ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺳﻢ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ.
ﻭﺳُﻤِّﻴﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﻌﺼﻠَّﺔ ﺍﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ﺑﺰﻣﻦ (ﺳﻔﺮ ﺑﺮﻟﻚ) ﺇﺫ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳُﺰﺟّﻮﻥ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺿﺪّ ﺍﻟﺤﻠﻔﺎﺀ ﺑﺎﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺑﺮّﺍً ﺣﺘﻰ ﺗﺮﻋﺔ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ.
ﻭﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺟﺎﺀ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﺑﻘﺮﻳﺔ ( ﺩﺍﺭﻳﺎ ) ﻗﺮﺏ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺩﻣﺸﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺮﺍﻳﺎ ﻳﺸﻜﻮ ﻣﺰﺍﺭﻋﺎً ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺗﻪ ﺃﻥ ﺑﺤﻮﺯﺗﻪ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﺿﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻗﻀﺎﺀً ﻣﺒﺮﻣﺎً ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻂِ ﻣﻨﻪ ﺃﺣﺪﺍً، ﺃﻭ ﻳُﻌﻠﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﺘﺄﻣﻴﻨﻪ ﻟﻠﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ، ﻭﺩﻟﻴﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺴﺘﺎﻧﻪ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﻭﺃﺷﺠﺎﺭﻩ ﺍﻟﻤﻮﻧﻘﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﻓﺔ ﺍﻟﻈﻼﻝ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻘﺮﺑﻬﺎ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ، ﻓﻬﻲ ﺫﺍﺕ ﺃﺛﻤﺎﺭ ﻣﺘﺪﻟﻴﺔ ﻭﻓﻴﺮﺓ ﻭﺃﻋﻨﺎﺏ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﺩﺓ ﻭﻃﻴِّﺐ ﺍﻟﻤﺬﺍﻕ. ﻭﻫﻨﺎ ﺍﻣﺘﻄﻰ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﺣﺼﺎﻧﻪ ﻭﺗﺒﻌﻪ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ (ﺍﻟﺪﺭﻙ) ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻭﺍﻟﺘﺄﻛُّﺪ ﻣﻦ ﺻﺤﺔ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ، ﻭﺍﻧﻄﻠﻘﻮﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﺷﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ، ﻭﻋﻨﺪ ﻭﺻﻮﻟﻪ ﺭﺃﻯ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﺨﻀﺮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺛﻤﺎﺭ ﺍﻟﻴﺎﻧﻌﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎً، ﻛﻤﺎ ﻭُﺻﻔﺖ ﻟﻪ ﻓﻄﻠﺐ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ، ﻭﺣﻴﻦ ﺣﻀﺮ ﺛﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﻟﺴﻮﻁ ﻓﻲ ﻳﺪﻩ ﻳﺒﻐﻲ ﺿﺮﺑﻪ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﺍﻟﻤﺒﺮﺡ ﻗﺎﺋﻼً ﻟﻪ : ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﻜﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺒﻴﺪ ﻟﻠﺤﺸﺮﺍﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﺗُﻌﻠﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻛﻲ ﺗﺆﻣِّﻨﻪ ﻟﻠﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ، ﻓﻘﻂ ﻳﻬﻤُّﻚ ﺃﻣﺮ ﻧﻔﺴﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﻧﺎﻧﻲ! ﻳﺎ ﻭﻳﻠﻚ ﻏﺪﺍً ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﻗﺎﺋﻼً : ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ أﺳﺘﻌﻤﻠﻪ ﻛﻠّﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻧﻪ، ﺑﻞ ﻳﺮﻓﻀﻮﻧﻪ ﺑﺎﺯﺩﺭﺍﺀ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﻬﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﻫﺎﻟﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻭﻭﺟﻬﺎﺋﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺠﻤَّﻌﺖ، ﻓﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺿﺎﺑﻄُﻨﺎ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻬﻢ ﻗﺪ ﻃﺄﻃﺄﻭﺍ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺒﺴﻮﺍ ﺑﺒﻨﺖ ﺷﻔﺔ ﺧﺠﻠﻴﻦ ﻣﺬﻟﻮﻟﻴﻦ، ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺧﻔﺾ ﺳَﻮْﻃﻪ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻣﺎ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ؟
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ: ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ﺳﻴﺪﻱ .. ﺇﻧﻲ ﺃﺗﺼﺪَّﻕ ﺑﻌﺸْﺮ ﻣﺤﺼﻮﻟﻲ ﺳﻨﻮﻳﺎً ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻓﺤﻔﻈﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ: ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻘﻮﻝ ؟
ﻓﻜﺮّﺭ : ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ، ﺳﻴﺪﻱ.
ﻭﻫﻨﺎ ﺧﺎﻃﺐ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﻗﺎﺋﻼً : ﻭﻫﻞ ﻳﻔﻬﻢ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻭﻳﻤﻴِّﺰ ﺑﻴﻦ ﺑﺴﺘﺎﻥ ﻣﺰﻛّﻰ ﻭﺁﺧﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﺰﻛّﻰ
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ : ﺟﺮِّﺏ، ﻭﺃﻟﻖِ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﺭﻉ.
ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻗﻔﺰ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﻣﻦ ﺻﻬﻮﺓ ﺣﺼﺎﻧﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﻬﻤّﺔ ﻭﻧﺸﺎﻁ ﻭﺟﻤﻊ ﺑﻜﻠﺘﺎ ﻳﺪﻳﻪ ﺟﻤﻌﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺃﻟﻘﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﺠﺮﺍﺩ ﻳﺮﺗﻄﻢ ﺑﺄﺭﺽ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﻭﺯﺭﻋﻪ ﻗﺎﻓﺰﺍً ﺑﺠﻨﺎﺣﻪ ﻣﺮﺗﺪﺍً ﺍﻟﻘﻬﻘﺮﻯ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﻭﻟﻢ ﺗﺒﻖَ ﺟﺮﺍﺩﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻳﺮﺗﻄﻢ ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻘﻀﻢ ﻭﺭﻗﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ، ﻓﻜﺮّﺭ ﺫﻟﻚ ﺛﻼﺙ ﻣﺮﺍﺕ، ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﺗﻰ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺍﺻﻄﺪﻡ ﺑﺠﺪﺍﺭ ﻣﻨﻴﻊ ﺃﻭ ﺑﻨﺎﺭ ﻣﺤﺮﻗﺔ ﻗﺬﻓﺖ ﺑﻪ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ.
ﻭﻫﻨﺎ ﺗﺬﻛَّﺮ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: « ﺣﺼِّﻨﻮﺍ ﺃﻣﻮﺍﻟﻜﻢ ﺑﺎﻟﺰﻛﺎﺓ »
(ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺰﻛّﻰ ﻳُﺤﺮﻕ ﻭﻻ ﻳﻐﺮﻕ ).
ﺑﻞ ﻳﺤﻤﻴﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻏﻮﺍﺋﻞ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ، ﻓﺎﻟﻜﻞُّ ﺑﻴﺪﻩ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
« ﻣﺎ ﻧﻘﺺ ﻣﺎﻝ ﻣﻦ ﺻﺪﻗﺔ ».
« ﺑﺎﻛﺮﻭﺍ ﺑﺎﻟﺼﺪﻗﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﻳﺘﺨﻄَّﻰ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ »
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها