خالد غنام أبو عدنان

 

تحضيراً لمؤتمر حزب العمال في ولاية نيو ساوث ويلز، يتم عقد الاجتماعات القاعدية للحزب لرفع التوصيات ومناقشة مشاكل المواطنين، وهذه الاجتماعات لا تكون مغلقة على أعضاء الحزب بل أنها مفتوحة للجمهور، فمن حق الجمهور الاستفسار عن سياسة الحزب ورفع التوصيات لمؤتمر الولاية الذي سيعقد في يونيو القادم، وبالتأكيد أن مؤتمر الولاية ينتخب ممثليه في المؤتمر العام للحزب الذي سينعقد في منتصف العام القادم. وفي هذا الاجتماع حضر مجموعة من كوادر حزب العمال من أصول عربية، وممثلون عن الأحزاب والفعاليات العربية والفلسطينية، ووفد إقليم حركة "فتح" يتقدمهم أمين سر اقليم حركة "فتح" في استراليا عبد القادر قرانوح.

ففي المنطقة العربية في مدينة سدني تمَّ رفع توصية بتبنّي الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وإدانة الاستيطان في المناطق المحتلة مع ضرورة إزالة كافة المستوطنات والعودة للمفاوضات لتطبيق القرارات الدولية وإنهاء الصراع على أساس حل الدولتين. وقد تمَّ التصويت عليها في مناطق أوبرن وليدكمب وبراماتا وبانكستاون وكانتربيري وماركفيل ومناطق آخرى حسب ما وردنا من المصادر الحزبية. والجدير بالذكر أن عرّاب هذا المشروع هو الرئيس الأسبق بوب هوك في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، كما أنَّ المشروع عاد بقوة مع رئيس الوزراء الأسبق كيفين رود ووزير خارجيته بوب كار، إلا أن الانقلاب الداخلي في الحزب وتولي جوليا جيليارد الوزارة أوقف هذا المشروع، وبعد فوز حزب الأحرار الحاكم انهار المشروع بشكل كامل، حيث صوتت الحكومة ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية وصرّحت وزيرة الخارجية جوليا بيسشوب بأن القدس لا تعتبر أراضي محتلة بل هي أراضي تابعة إلى إسرائيل، كما أن الحكومة رفضت إدانة الاستيطان في المناطق المحتلة وإدانة حصار قطاع غزة وأكثر من ذلك دعت رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة أستراليا في سابقة لم تقم بها أي حكومة أسترالية سابقة بانحياز تام للجانب الإسرائيلي.

وفي اجتماع الليلة في منطقة بيكسلي تكلم عدد من كوادر حزب العمال عن آلية بناء التوصيات، وأنَّ هذه هي المرحلة الأولى لرسم خطة حزب العمال التي سيطرحها بالانتخابات الفيدرالية القادمة، وذكرّوا الحضور على ضرورة الانتساب لعضوية الحزب وترويج أفكار الحزب، ثمَّ تحدث مسؤول الحزب بمنطقة روكدلار قائلاً: نريد أن نرفع لمؤتمر الولاية توصية بضرورة الاعتراف بفلسطين  والتمسك بحل الدولتين عن طريق المفاوضات وإدانة الاستيطان، وأن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية وندين نقل أي سفارة من تل أبيب للقدس، وضرورة إزالة كافة المستوطنات وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية، أتوقع أن هذا ما تمَّ التصويت عليه في المناطق المجاورة في جنوب وشرق مدينة سدني، والآن التصويت، شكراً لقد نجحت التوصية بالإجماع.

وهذا ما كنّا نتوقعه منكم، فهذه هي السياسة العمالية التي نؤمن بها، وقد تعلمناها من القيادات السابقة والحالية للحزب، فخلال هذا الشهر تصاعد عدد القيادات المؤيدة لهذه التوصية، ولا يوجد داعم أكبر من القائد بول كار للقضية الفلسطينية في أستراليا، فهو القائل: لا بد أن يكون هناك دولة فلسطينية، والمستوطنات كلها غير شرعية، لا بد أن يكون الحل الشامل يضمن تحقيق حل الدولتين الذي تدعمه 135 دولة في العالم، وإدانة نقل السفارات من تل أبيب إلى القدس، حييو معي بوب كار.

ثمَّ خاطب بوب كار الحضور: بدون دعمكم لنا فإن التوصيات الخاصة بفلسطين لن تظهر بالمؤتمر العام للولاية، لا يوجد أي ضغط دولي على إسرائيل حتى تلتزم بالقرارات الدولية وخاصة في ظل دعم الإدارة الأميركية الحالية لسياسات الحكومة الإسرائيلية، كما أن إسرائيل تضع العراقيل نحو أي تطور للاقتصاد الفلسطيني، بل أنَّ إسرائيل تعرقل الحياة اليومية للشعب الفلسطيني. وبالتأكيد أن حكومة حزب الأحرار هي داعمة لسياسات الحكومة الإسرائيلية بل أن تاريخ حزب الأحرار دائماً كان داعماً لإسرائيل، كما أنَّ الإدارة الأمريكية الحالية وتاريخ السياسة الأمريكية لم يكن يوماً داعماً لحق الشعب الفلسطيني.

 أشكر الحضور وأشكركم لإنجاح توصية دعم فلسطين والاعتراف بها، وسوف آخذكم من هنا إلى الخليل، إلي قرية "الكمال" النائية، حيث هناك مسبح خاص لعائلة تبرع فيه أحد الفلسطينيين الأمريكيين لفقراء القرية، وفي أحد الأيام وصل الجيش الإسرائيلي مع ثلة من المستوطنين إلى القرية، وأخرج الجيش العائلة من المسبح وسمح للمئات من المستوطنين ليستمتعوا بالمسبح لساعات بينما العائلة الفلسطينية رهن التحقيق والاعتقال! أي تمييز عنصري ممكن أن نتصوره يحدث في الضفة الغربية، إن الغالبية العظمى من المستوطنين في الضفة الغربية هم من المتدينين المتشددين، وهم يمارسون كافة أشكال العنصرية ضد الفلسطينيين، هذه المستوطنات لا بد أن يتم إزالتها حتى يمكن تحقيق حل الدولتين.

كانوا يقولوا لنا في سبعينيات أن الفلسطينيين عبارة عن إرهابيين يذبحون الإسرائيليين، لم يقولوا لنا الحقيقة، وما زال الإعلام الأسترالي لا يطرح الحقيقة كاملة بخصوص مأساة الشعب الفلسطيني، القليل من الأسترال يعرفون أن هناك مخيمات في غزة والأردن وسوريا ولبنان،  أطالب الشعب الأسترالي بضرورة قراءة الراوية الفلسطينية، فكل شخص فلسطيني عايش ظروف النكبة يمتلك حكاية مأساوية عن نزوح إجباري للشعب الفلسطيني بسبب الأعمال العسكرية من المستوطنين المسلحين الذين مارسوا جريمة بطرد آلاف الفلسطينيين من قراهم ومدنهم.

أما عن إعلاني عندما كنت وزير خارجية أنني لن أقبل أي مهمة تكون مع الدبلوماسية الإسرائيلية، في حكومة جوليا جيلارد، وقلت لها لقد استخدم الإسرائيليين الجوازات الأسترالية لاغتيال بحبوح في الخليج، لم يقدموا أي اعتذار ولم يحاسبهم أي أحد، ومن أجل هذا لا بد أن نعترف في فلسطين لأنَّ سياسة حزب العمال تتطلب أن نكون واضحين أننا نعترف بالدولة الفلسطينية، أتوقع أن التصويت ضد الدولة الفلسطينية يجعلنا مع الأقلية الداعمة لسياسات الحكومة الإسرائيلية، وهذا الخلاف بيني وبين جوليا بخصوص قضية التصويت في الأمم المتحدة، وكان هناك العديد من قيادات الحزبية الحالية والتاريخية كانوا داعمين لقيام الدولة الفلسطينية، ولا بد أن نجهّز الرأي العام في أستراليا: لماذا يجب علينا التصويت مع الدولة الفلسطينية؟ وعندي في هذه الأيام ضيف من البرلمان الإيرلندي وقال لي: أن كل عضو بالبرلمان الإيرلندي يؤيد الاعتراف الدولة الفلسطينية، كما أن هناك العديد من الدول الأوروبية تقاطع البضائع الإسرائيلية المنتجة بالمستوطنات، وهذه المواقف التي نطمح أن تصل إليها أستراليا.

المستوطنون هم العائق الحقيقي للعملية السلمية، ولا بد أن يكون موقفنا حازم بإدانة الاستيطان، تصوروا إذا بنى فلسطيني غرفة صغيرة يتم هدمها من الجيش الاسرائيلي لأنها مخالفة للقانون، بينما بناء المئات المستوطنات يسكن بها المتشددون اليهود العنصريون والمدان بالقرارات الدولية لا يستحق الإدانة، لا بد أن نكون واضحين أن المؤتمر العام لحزب العمال لا بد أن يكون واضح في إدانة الاستيطان. كما أن الوضع في غزة أكثر من صعب بسبب الحصار، فهم غير قادرين على توفير موارد غذائية لمليوني إنسان محاصرين بسبب سياسات الحكومة الإسرائيلية التي تمنع المواطن الفلسطيني في غزة من ممارسة حياته الطبيعية وهذا مخالف لحقوق الانسان وللقانون الدولي. أقول لكم: فلسطين دولة ونحن نتعامل مع الحكومة الفلسطينية قد زارها كيفن راد عندما كان رئيساً للحكومة والتقى الرئيس محمود عباس بصفته رئيس دولة فلسطين في رام الله، هذا ما كنّا قد بدأناه في السابق وسوف نواصله بالمستقبل، فهي ليس مجرد وعود بل تاريخ حزب وقف مع الحق الفلسطيني منذ البداية مع رئيس وزراء استراليا الأسبق بوب هوك.

 قالوا لنا إذن لا بد أن نعترف بإسرائيل كدولة يهودية، لو سمحتم أن هذا الموضوع طرح عام 2005، لا بد أن نقول أننا نعترف بالدول دون أن نكون مطالبين بتحديد ما هو دين الدولة، لم تطلب أي دولة منا أن نحدد ما هو دين أستراليا! ونحن نحترم حقوق الأقليات وفي استراليا ونؤمن بالتعدد الثقافي والتعايش بين الأديان وهذه هي رسالتنا للعالم، ونطالب دول العالم احترام حقوق الأقليات وبالتأكيد على إسرائيل احترام حقوق الأقليات الموجودة بها.

أما بخصوص القدس، تطرح السلطة الفلسطينية أن عاصمتها هي القدس الشرقية، وتستطيع أن تعمل إسرائيل القدس الغربية عاصمة لها، لا أرى أن هناك مرونة أكثر مما تطرحه السلطة الفلسطينية لذا أرى أن دعمها سيؤدي إلى إحلال السلام المستند على حل الدولتين وإزالة الاستيطان. أما سبب تغير السياسة الاسترالية هو أن حزب الأحرار أوقف مساعينا، وبعدها أصبحت حكومة الأحرار متحيزة لإسرائيل فكل قرارات الحكومة الأسترالية الحالية داعمة لإسرائيل.

في فلسطين، الوضع على الأرض عبارة عن مأساة يومية هناك قتل يومي وهدم للبيوت وحواجز بكل مكان لا بد أن يصل الشعب الفلسطيني لمرحلة الاستقلال، علينا أن نقرأ الرواية الفلسطينية، ماذا يعني نكبة، إقرأوا قصص العائلات الفلسطينية التي نزحت.

سوف يكون هناك مؤتمر الولاية في شهر يوليو وبعدها المؤتمر العام، هذه الأفكار لا بد أن تتدرج حتى نصل إلى أن يتبنى الحزب وجهة نظرنا بالاعتراف في فلسطين، لا بد للاحتلال أن ينتهي ولا بد أن نرى الدولة الفلسطينية.

وفي ختام كلمة بوب كار كان هناك تصفيق حار من قبل الحضور، ثمَّ تمَّ إحضار علم فلسطين وتمَّ التقاط صور لبوب كار والحضور مع العلم الفلسطيني.