خاص مجلة "القدس" الاصدار السنوي 333 كانون ثانٍ 2017
تحقيق: مصطفى ابو حرب
رغم عذابات النّكبة واللجوء حرصت الأندية الفلسطينية في مخيمَي البداوي ونهر البارد على بناء جيل رياضي متميّز حقّق على مدى سنوات إنجازات رياضية عديدة. غير أنَّ هذه الأندية باتت تعاني من معوقات تحول دون تطوير وتحسين مستواها الفني، ومن أهمِّ هذه المعوقات عدم توفر الملاعب المجهّزة والتي تتمتّع بمواصفات السلامة العامة على الأقل.
ملعب "فلسطين" قد لا يعود صالحاً للعب!
يُعدُّ ملعب فلسطين الواقع في مخيَّم البداوي الملعب البيتي لجميع الأندية التي تلعب في دوري الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم من مخيّمَي البداوي ونهر البارد بحسب رئيس لجنة ملعب فلسطين مصطفى أبو حرب. ويشير أبو حرب إلى أنَّ هذا الملعب هو المتنفّس الوحيد لكل الشباب والفتية والأولاد في مخيّم البداوي وبالتالي تكون أرض الملعب مشغولةً طيلة أيام الأسبوع وعلى مدار اليوم.
وعن تأسيس الملعب يقول: "أُنشئ ملعب فلسطين في مخيَّم البداوي في العام 2007 من قِبَل مؤسّسة (Qatar Foundation) وبإشراف مؤسّسة (Right to Play)، وفُرشَت أرضه بالعشب الاصطناعي، ولقد تمَّ استصلاحه من قِبَل مؤسسة (أنيرا) قبل سنتين، ولكن أرضه لم تعد تصلح للعب عليها، وذلك لأنَّ العشب بدأ يتفكّك، وأصبح هناك تباعد في قطع الموكيت العشبي، ما بات يؤدي لحدوث إصابات في صفوف اللاعبين (كسور، والتواءات،...) وهذا أمر خطير للغاية".
ويُضيف: "في حال عدم وجود مباريات للدوري يتم استخدام الملعب يومياً طيلة أيام الأسبوع من قِبَل عدة أندية هي (الأشبال، والهلال، والقدس، والشبيبة، والنضال، والخليل)، نهاراً وليلاً للتمارين والمباريات، وهذه الأندية تدفع بدلات رمزية لتغطية نفقات المازوت المستخدَم للإضاءة وأجرة حارس المجمع الرياضي، ولكنَّ هذه الأموال الرمزية التي تدفعها الأندية لا تفي بغرض صيانة الملعب وخاصة الأرضية العشبية، وفي الوقت ذاته فهذه الأندية أصلاً ليس لها مداخيل إلا من اشتراكات اللاعبين وتبرعات بعض الإداريين فيها، لذلك أتوجَّه إلى الاخوة في الاتحاد العام الفلسطيني لكرة القدم في لبنان ولرئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب بضرورة الالتفات إلى مخيّمات الشتات وتحديداً تأهيل الملاعب ودعم الأندية حماية لها من الاندثار ومن أجل حماية جيل فلسطيني رياضي، فبصراحة إذا تضرَّرت أرضية ملعب فسطين أكثر من ذلك فسيتم إغلاقه لأنَّه لن يعود صالحاً للعب عليه، ما سيؤدي حينها لحرمان ما يزيد عن عشرين نادياً في مخيمَي البداوي والبارد من الملعب البيتي الذي يخوضون عليه مبارياتهم في الدوري الفلسطيني العام أو المباريات التحضيرية".
وينوّه أبو حرب إلى قيام لجنة ملعب فلسطين بالتواصل مع العديد من الجهات ومؤسسات الـNGOS وتحديداً مع مؤسّستَي (أنيرا) و(Right to Play) من أجل تبني مشروع إصلاح أرضية الملعب الذي تُقدر تكلفته بما يزيد عن مئتي ألف دولار أمريكي، مشيراً في الوقت ذاته لما تحتاجه غرف الأندية والقاعة الرياضية المغلقة للألعاب الداخلية (بيغ بونغ، شطرنج، وغيره...) في المجمع من صيانة وأجهزة تهوية وتكييف.
ويختم أبو حرب كلامه قائلاً: "العمل على تأهيل مجمع ملعب فلسطين في مخيّم البداوي يتطلَّب تضافر الجهود من كل الجهات المسؤولة والمعنية بالشأن الفلسطيني العام والرياضي بشكل خاص، وهنا لا بدَّ من التوجُّه إلى شخص سعادة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور الوالد والاخ الاكبر للشباب في لبنان أن يساعدنا بما أمكن من خلال المؤسسات الدولية لتغيير أرضية الملعب والقيام بالاصلاحات اللازمة مع شكرنا لجهوده التي لا تُقدَّر في خدمة مخيَّماتنا في لبنان".
ملعب الشهداء الخمسة بحاجة ماسّة للتأهيل
كان لاستلام ملعب الشهداء الخمسة في مخيّم نهر البارد مؤخّراً أصداء إيجابية في صفوف الأهالي، لا سيما أنَّ هذا الملعب كان المتنفّس الحيوي الوحيد لشباب المخيّم قبل أحداث نهر البارد، بحسب رئيس لجنة الأندية في مخيّم نهر البارد "أبو عسّاف"، الذي يضيف: "نبارك لأبناء شعبنا الفلسطيني في مخيَّم نهر البارد استلام ملعب الشهداء الخمسة، هذا الصرح الرياضي المهم الذي انتظرناه طويلاً بعد ما يقارب تسع سنوات من الحرمان والصبر، وبالطبع فإنَّ فرحتنا لا توصف بهذا الحدث. وهنا لا بدَّ من شكر كلِّ مَن ساهم في استرجاع الملعب وفي مقدّمهم السفير أشرف دبور وقيادة حركة "فتح" في الشمال، علمًا أنَّنا كنا قد فقدنا الأمل في استرجاع الملعب، ولكن لولا إصرار قيادتنا وثقتنا بأنَّه لا يضيع حقٌّ وراءه مُطالِب لما عاد الملعب إلى أهالي المخيَّم خصوصاً الرياضيين منهم".
وينوّه أبو عساف لتراجع المستوى الرياضي في المخيّم في الفترة الأخيرة، ويعزو ذلك إلى فقدان المخيّم للملعب وعدم إيجاد ملعب كبير بديل عنه ما يجعل القطاع الرياضي غارقاً في أزمة كبيرة ومستمرة لا سيما في ظل الصعوبات الأخرى التي تواجهها الأندية، ومنها كما يوضح أبو عسّاف: "شح الإمكانيات المادية هي إحدى أبرز الصعوبات لحاجة الأندية إلى مصاريف باهظة للتجهيزات والنقليات واستئجار الملاعب، ما يوقعها في أزمات خانقة لا تستطيع معها تطوير نشاطاتها وإمكانياتها باستمرار مما ينعكس بدوره سلباً على الوضع الرياضي بصورة عامة. كما أنَّ الأندية الرياضية لا تملك قاعات ولا أندية تمارس فيها أنشطتها الإدارية والاجتماعية وهذا أيضاً سبب آخر يضر الرياضيين. ولكن رغم كل هذه الصعوبات والظروف المعيشية والاجتماعية والمادية التي يعاني منها شبابنا إلا أنَّنا ما زلنا نجابه الصعوبات لنرتقي بجيل رياضي متقدِّم، فقد شاركت أنديتنا في نشاطات رياضية خارجية وحقَّقنا انتصاراتٍ كبيرة، وبرزَ لدينا شباب مميّزون يشاركون في الدوري اللبناني وأصبحوا في عداد الأندية اللبنانية".
ويضيف: "إنَّ اللجنة الرياضية هي التي حملت على عاتقها هموم الرياضة والرياضيين منذ أزمة نهر البارد العام 2007 وحتى الآن وكانت وما زالت على مستوى المسؤولية وعلى مسافة واحدة من الجميع، وبما أنه تمَّ تسليم ملعب الشهداء الخمسة، فعلى جميع الجهات التعاون معها بشكل إيجابي، ونحن في اللجنة نؤكّد ضرورة العمل والتنسيق المشترك بكل ما يخص ملعب الشهداء الخمسة تحت سقف اللجنة الشعبية من أجل رفع المعاناة عن كاهل القطاع الرياضي والرياضيين وصناع المستقبل، لا سيما أنَّ الملعب يتَّسع لجميع الأندية والمؤسسات التعليمية والتربوية والاجتماعية والشبابية ولكنّه يحتاج للتأهيل والتجهيز، مع الإشارة إلى أنَّ اللجنة الرياضية المنبثقة عن الأندية الرياضية في المخيَّم وعددها 18 قامت بانتخاب عضو عن القطاع الرياضي في اللجنة الشعبية".
ويتابع: "ستقوم اللجنة الرياضية بتوجيه رسائل للمؤسسات الدولية والمحلية وسفارة دولة فلسطين ورئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم اللواء جبريل الرجوب وكل الجهات المعنية، ونوجِّه رسالة استغاثة إلى كل الرياضيين الغيارى من أبناء شعبنا في لبنان وبلاد الاغتراب لدعم القطاع الرياضي في المخيّم لما فيه مصلحة شبابنا، خاصةً أنَّ دور بعض المؤسسات ما يزال خجولاً وهذا بسبب بعدها عن الواقع الرياضي المزري الذي نعيشه في مخيّمنا فنجد مساهمتها لا تتعدى بعض الامور التي وعلى أهميّتها إلّا أنّها لا ترقى إلى الأهداف المرجوة نظراً لعدم وجود ملعب كبير مجهَّز لاستيعاب جميع الرياضيين وهذا يتطلّب العمل السريع لإعادة تأهيل الملعب".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها