أكد مسؤولون امنيون مساء امس، عودة الهدوء الى كل انحاء مصر بعد يوم دام إثر عملية فض اعتصامي انصار الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي واعمال العنف التي اعقبتها في مختلف انحاء البلاد واسفرت الاربعاء عن 278 قتيلا وأكثر من ألفي جريح معظمهم من المدنيين. وأدان المجتمع الدولي تدخل قوات الامن لفض الاعتصامين. فيما قدم محمد البرادعي نائب الرئيس المؤقت استقالته ما أثار ردود فعل غاضبة تجاهه من احزاب وشخصيات سياسية مصرية بما فيها حزب "الدستور" الذي ينتمي له البرادعي، واعتبر البعض ان البرادعي "فر من سفينة الوطن".
واعلن المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية محمد فتح الله ان 61 شخصا قتلوا في منطقة رابعة العدوية التي شكلت المركز الرئيسي للمعتصمين الموالين لمرسي فيما قتل 21 في ميدان النهضة. كذلك، قتل 43 عنصرا من قوات الامن المصرية بحسب وزارة الداخلية.
وأكد اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، "استشهاد 43 من ضباط وأفراد الشرطة خلال المواجهات مع جماعة الإخوان المسلمين، أثناء فض اعتصامي رابعة والنهضة"، مشددا على عدم السماح بأي اعتصامات جديدة.
وقال إبراهيم خلال مؤتمرصحفي عقده مساء امس: "عند انتقال القوات لمواقع الاعتصام، فوجئنا بإطلاق نار وخرطوش على قوات الشرطة، ولكن نجحت القوات في فض اعتصام النهضة دون خسائر، وتم ضبط 10 بنادق آلية و29 بندقية خرطوش ضبطت في حوزة المعتصمين".
وأعلن عن "استشهاد 43 من ضباط وأفراد ومجندي الشرطة في أحداث فض اعتصامات مؤيدي الرئيس السابق والأحداث التي شهدتها، حيث استشهد 18 ضابط شرطة من بينهم لواء وعقيدان، و15 فرد شرطة، و9 مجندين وموظف مدني، كما أصيب 211 من بينهم 55 ضابط شرطة و156 فردًا ومجندًا".
وأعلن الوزير عن اقتحام الإخوان لـ21 قسما ومركزا للشرطة بمختلف محافظات الجمهورية، واقتحام 7 كنائس. وأكد أنه تم فض ميدان رابعة العدوية وإخلاؤه بالكامل من المعتصمين، مؤكداً أنه تم القبض على أعداد كبيرة من المعتصمين وجارٍ فحص حالتهم.
من جهة ثانية، قالت جبهة الإنقاذ انها تلقت بكثير من الأسف نبأ استقالة البرادعي من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، وأوضحت الجبهة في بيان أصدرته امس "كنا نتصور، نظرا لعلاقته الوطيدة بالجبهة، أن يتشاور معنا قبل اتخاذ هذا القرار".
وأعلنت جبهة الإنقاذ، أنها تقف بكل قوة وصلابة خلف السيد رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء والقوات المسلحة وسائر مؤسسات الدولة في مواجهة التحديات التي تهدد الوطن في هذه المرحلة الدقيقة. وأكدت الجبهة، أن أي استقالة من الحكومة لن تؤثر بأي حال من الأحوال على موقف الجبهة وعلى إصرارها على إنجاز خريطة الطريق في المواعيد المحددة وإتمام المرحلة الانتقالية بنجاح.
وشنت شخصيات سياسية هجوما حادا على البرادعي بعد استقالته. واستنكر الدكتور ثروت الخرباوي، القيادي السابق بجماعة الاخوان، الاستقالة، ووصفها بالخيانة الكبرى لمصر، مؤكدا أن البرادعي يعطي صورة خاطئة للغرب بأن السلطات تعدت على المعتصمين وهذا هو منتهى الخطأ. وأشار الخرباوي في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، "أن هذا التوقيت حرج جدا، وتقدم البرادعي باستقالته في هذا التوقيت وأسقط القناع عنه، وأثبت لنا جميعا أنه يعمل ضمن مخطط غربي أمريكي يريد سقوط مصر".
وقال الكاتب الصحفي مصطفى بكري إن استقالة البرادعي متوقعة، ولكنه انتظر موقف الأميركان والغربيين الذين أعلنوا رفضهم لإعلان الطوارئ، مضيفاً: "البرادعي لا يهمه أمن مصر وموقفه مضاد لها وهو يرعى مصالح الأمريكان في المنطقة".
وأضاف خلال مداخلة هاتفية لقناة (الحياة): "موقف البرادعي لا يختلف عن الأعداء فليذهبوا جميعاً إلى الجحيم، فالشعب الجيش والشرطة والقضاء لن يهزم ولن يتسامحوا مع عملاء أميركا ولا مع الخونة الذين يبيعوننا في الأزمات". وتابع بكري: "البرادعي لا قيمة ولا وزن له وإذا كان له وزن فعند سادته فقط، فليذهبوا جميعاً إلى الجحيم، ولن تؤثر استقالته".
وأكد الدكتور وحيد عبد المجيد القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، أن الدكتور البرادعي من حقه اتخاذ قرار استقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية، وأن له وجهة نظر في هذه الاستقالة الآن، لكنهم يختلفون معه فيها، لأنه يعتقد أن استقالته ترجع إلى أنه عدم احتواء الإخوان الآن سيؤدى إلى تصاعد العنف والإرهاب، لكننا نؤكد أن الخضوع للإخوان الآن هو الذي سيؤدي إلى تصاعد العنف والإرهاب.
وأضاف عبد المجيد في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن الاستجابة لـرغبات جماعة الإخوان المسلمين ستؤدي إلى وضع رقبة الشعب المصري كله تحت سيف العنف والارهاب الذي سنضطر إلى مواجهته في فترة لاحقة أذا خضعنا له اليوم.
وأشار عبد المجيد، أن تكلفة مواجه تصرفات الإخوان الارهابية ستدفع اما آجلا أو عاجلا، لكننا ان لم ندفعها الان ستكون أكثر بكثير في المستقبل اذا خضعنا لمحاولاتهم المستميته لفرض ارادتهم اليوم.
وأكدت حملة تمرد أن استقالة البرادعي في هذه اللحظات التاريخية هروب من المسؤولية. وأضافت الحملة في بيان لها أن الحملة كانت تتمنى أن يقوم بدوره لايضاح الصورة للرأي العام العالمي والمجتمع الدولي وشرح أن مصر تواجه ارهابا منظما خطورته كبيرة على الأمن القومى المصري.
وانتقد الدكتور ياسر حسان رئيس لجنة الاعلام بحزب الوفد موقف الدكتور محمد البرادعي من الاحداث الجارية موجها سؤالا للبرادعي: لماذا لم تنسحب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية حينما بدأت حرب اميركا على العراق؟!.
وتابع رئيس لجنة الاعلام بالوفد ان تقدم البرادعي باستقالته موقف غريب للغاية لا يمكن على الاطلاق لشخص مسؤول ان يقوم به في تلك الظروف. وأكد أن المعتصمين لا يعبرون عن أي سلمية، مدللا بالأسلحة التي وجدت في خيامهم باعتصام رابعة والنهضة فضلا عن اقتحام أقسام الشرطة وإطلاق النيران على المتظاهرين.
وقال محمود بدر المتحدث الرسمي لحركة تمرد أنه أرسل رسالة للدكتور البرادعي قال له "ان استقالتك هروب من المسؤولية التاريخية والوطنية. .. وللأسف يا دكتور لقد آثرت ان تجمل صورتك الخارجية أمام اصدقائك في العالم على حساب صورتك الداخلية امام الشعب المصري وعلى حساب دورك في الداخل".
واستنكر بدر خلال حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك " استقالة البرادعي في اللحظات العصيبة.
وعن استقالة البرادعي قال الدكتور شريف شوقي المتحدث الإعلامى لرئيس الوزراء: " الدكتور البرادعي قامة وكنا لا نتمنى هذا ولم يتم البت في الاستقالة حتى الان وكنا نتمنى ان نكون صفاً واحداً".
ورفضت المستشارة تهاني الجبالي استقالة البرادعي من منصبه، واعتبرت أن حيثيات الاستقالة تحمل في طياتها إدانة بالغة له كرجل قانون ودولة، كما أنها جاءت مواتية لموقف أميركا الدولي الذي يحاول أن ينقذ جماعة الاخوان بأي ثمن وهو ما يجعل الدول الخارجية تتخذه ذريعة وتستغله في أي موقف قادم.
واستنكرت الجبالي في تصريحات لـ"اليوم السابع" حديث البرادعي عن العنف لأنه في منصب كبير يجعله يعرف أن الأمن القومي لمصر تم انتهاكه وأصبح مهددا ولم ير إلا موقفه الشخصي، متجاهلا محاولات حرق الوطن بأكمله. وأشارت الى أن مواقف البرادعي شكلت عبئا على القرار الوطني في هذه المرحلة، والتاريخ يوثق لكل الأطراف مؤكدة أن المرحلة الحالية كاشفة لكل الأوراق والأشخاص.
وأدان المجتمع الدولي كله تدخل قوات الامن المصرية "العنيف" لفض اعتصامي انصار مرسي الذي وصفته انقرة بـ"المجزرة". كما نددت الخارجية الايرانية بـ"مذبحة بحق السكان" محذرة من "احتمال نشوب حرب اهلية" في مصر.
كذلك نددت قطر، الداعم الرئيسي للاخوان في مصر، بشدة بتدخل الشرطة ضد "المتظاهرين السلميين" كما دانت حركة حماس الاسلامية التي تسيطر على قطاع غزة الاربعاء "المجزرة المروعة في ميداني النهضة ورابعة العدوية" ودعت "لحقن الدماء والتوقف عن التعرض للمعتصمين السلميين".
وفي الغرب حث وزير الخارجية الاميركي جون كيري امس الجيش المصري على اجراء انتخابات ودان حمام الدم "المؤسف" خلال تفريق اعتصامي انصار الرئيس المعزول.
وقال كيري في مشاركة مفاجئة في المؤتمر الصحافي اليومي لوزارة الخارجية ان "الحكومة المؤقتة والجيش عليهما مسؤولية منع المزيد من العنف وطرح خيارات بناءة من بينها تعديل الدستور وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية".
كما أدان المتحدث باسم الامين العام للامم المتحدة بان كي مون "باشد التعابير اعمال العنف التي وقعت في القاهرة عندما استخدمت قوات الامن المصرية القوة" ضد المتظاهرين. ودعا الاتحاد الاوروبي جميع الاطراف الى "ابداء اقصى قدر من ضبط النفس" في حين اعتبر رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز ان "سقوط هذا العدد الكبير من القتلى صباح اليوم امر غير مقبول".
واعرب وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ عن "القلق العميق لتصاعد العنف في مصر" مدينا استخدام القوة وداعيا "قوات الامن الى التحرك بضبط نفس".
وجاء في بيان صادر عن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان "فرنسا تدين بحزم كبير اعمال العنف الدامية التي وقعت في مصر وتطالب بوقف فوري للقمع"، كما اعلن الوزير الفرنسي انه طلب "من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ومن شركائنا الاساسيين اتخاذ موقف دولي عاجل في هذا الاتجاه.
من جانبها دعت برلين الى "البدء فورا في مفاوضات" لتجنب "اي اراقة دماء جديدة".كما اعتبرت وزيرة الخارجية الايطالية ايما بونينو ان تدخل الشرطة "لا يسهم في ايجاد تسوية" ودعت قوات الامن الى المزيد من "التحكم في النفس".
وكانت موسكو اكثر تحفظا اذ اكتفت بدعوة جميع القوى السياسية في مصر الى ضبط النفس بدون ادانة تدخل قوات الامن.