كُشف النقاب اليوم الثلاثاء، عن حفريات سرية تنفذّها سلطات الاحتلال الإسرائيلي حول وأسفل المسجد الأقصى، دون توفر صورة واضحة أو حتى نشر صورة فوتوغرافية او مقطع فيديو عن هذه الحفريات السرية، حيث يمنع فيها التصوير وهي مغلقة أمام الجمهور العام.

وكانت مصادر عبرية تحدثت مؤخراً عن حفريات تجريها سلطات الاحتلال في محيط المسجد الأقصى والقدس القديمة وفي جوارها، وبالذات في بلدة سلوان، كما زعمت تقارير عبرية عما يشبه تكوين مدينة يهودية تحت الأرض تمتد من وسط بلدة سلوان جنوباً وتخترق الجدار الغربي للمسجد الأقصى وأسفل البلدة القديمة في القدس المحتلة، وتمر أسفل المدرسة العمرية في الجهة الشمالية من الأقصى، وتصل الى منطقة  باب العامود وتحديداً إلى مغارة الكتان شمال القدس القديمة.

وقالأستاذ علم الآثار في جامعة تل أبيب وأحد مؤسسي مركز “عيمق شافيه” المتخصص في الآثار، البروفيسور رافي غرينبرغ، ، في مقال نشره في صحيفة "هآرتس" العبرية، عن قيامه في هذه الأيام، خفية وسراً، بحفر نفق بحجم قطار تحت الأرض “مترو”، في قلب القدس القديمة ومحيطها، ابتداء من منطقة عين سلوان باتجاه المسجد الأقصى، وسوف تتم تقوية هذا النفق بالباطون والحديد.

وتقوم على هذا الحفريات سلطة الآثار الإسرائيلية و"جمعية إلعاد"، حيث وصف غرينبرغ مجموع العمل في الحفريات الإسرائيلية في محيط الأقصى والقدس القديمة بأنها أشبه ما تكون بمتنزه تسالي يهودي أسفل الأرض.

وفي تقرير موسع لصحيفة “هآرتس” في نسختها المطبوعة والإلكترونية، وصف غرينبرغ واقع الحفريات بأن القدس تتوسع وتتمدد تحت الأرض ويستطيع الشخص التجول لمئات الأمتار في عمقها، عبر أنفاق وأقبية وكهوف وقنوات وعيون، بينما تنتظر في أدراج المخططين وعلماء الآثار برامج ومخططات للتوسيع بشكل كبير في هذا المجال.

وأكد التقرير تفاصيل عن بعض الحفريات السرية، من ضمنها، حفريات في وسط بلدة سلوان يتم الدخول اليها تحت الأرض عن طريق باب حديدي، والذي يصل إلى داخل نفق قصير تتفرع عنه إلى عدة غرف وقاعات، حيث الموقع مغلق أمام الجمهور العام، هذا الموقع كشف عن سلسلة من التحصينات والقنوات المائية من الفترة الكنعانية بالذات.

وأورد تقرير "هآرتس" أنه يُحفر في هذه الأيام نفق طويل وعريض جداً، وسيتم خلال سنوات حفر مساره ليمتد على طول 700 متر من عين سلوان حتى حائط البراق، وسيكون عرض النفق 7,5 متر تُضاف إليه شبكة إضاءة ولافتات توجيه ومنصات عرض على جانبيه، والذي سيصل إلى باب تاسع جديد تحت الأرض يخترق سور القدس التاريخي من الجهة الجنوبية، في حين يتيح استكمال هذا النفق المسير  من تحت سلوان إلى البراق، ذهاباُ وإياباً، والذي سيكون بمثابة الشارع السريع تحت الأرض في القدس "اوتوستراد".

مقطع من الشارع أو النفق المذكور، تم حفره قبل نحو 12 سنة على طول 60 مترا وبعرض 2.5 متر فقط، وفي العامين الأخيرين جدد الحفر في مقطع آخر من الشارع/النفق، وحتى الآن تم حفر 120 مترا وعلى عرض 7,5 متر، في حين لم تسمح "سلطة الآثار" بزيارة هذه الحفرية، ولم تتوفر صور عن هذه الحفرية الضخمة.

أما في موقع مركز قيدم "الهيكل التوراتي" أو ما يسمى الآن بحفريات جفعاتي (مدخل حي وادي حلوة بسلوان جنوب الأقصى) والذي سيشكل واجهة ومحطة مركزية في مخطط المدينة اليهودية السفلى، فإنه يرتبط فيه الآن نفق سلوان/وادي حلوة، وسيتصل به لاحقاً حسب التخطيط نفق سلوان الكبير/الجديد، بالإضافة الى نفق قصير تحت الأرض يصل بين البؤرة الاستيطانية “مركز الزوار- مدينة داوود”. علما أنه تم مؤخرا حفر بئر يُطلق عليه الاحتلال “بئر يرمياهو”، وهناك مخطط لحفر نفق أسفل الأرض يرتبط مع “مركز قيدم” /مدخل وادي حلوة ويصل إلى القصور الأموية الجنوبية جنوب المسجد الأقصى.

ولفت تقرير “هآرتس” الى أن هناك خطة ومخططاً آخر "فخماً وخيالياً في مداه"، وهو إجراء حفريات واسعة تحت كامل ساحة البراق - حي المغاربة المهدوم- وإيجاد ساحة صلاة يهودية سفلى.

وتم تجهيز هذا المخطط لكنه جمّد مؤقتاً، في حين هناك مخطط يجري على قدم وساق وهو حفر وإنشاء موقف سيارات تحت الأرض بجوار حي الشرف  في قلب القدس القديمة، ليس بعيدا عن منطقة البراق.

وأفاد تقرير “هآرتس” بأنه في حفريات أسفل وقف حمام العين والقاعة المملوكية - اقصى شارع الواد في القدس القديمة- أجريت خلالها، حفريات واسعة كشفت عن أبنية ضخمة في عمق الأرض خلال السنوات الأخيرة ترتبط بشبكة أنفاق الجدار الغربي، لكن هذه الحفريات مغلقة أمام الجمهور العام لأسباب منها ما يتعلق بـ"سلامة وأمان الجمهور، ومنها صعوبة إدارة حركة زوار في عمق كبير كهذا".

وبحسب “هآرتس” فإنّ مسار نفق الجدار الغربي ينتهي من الجهة الشمالية ببركة مياه أسفل المدرسة العمرية عند بوابة الخروج في شارع المجاهدين شمال المسجد الأقصى. هذه البركة شقها الأول يقع ضمن مسار النفق الغربي، وشقها الثاني ضمن حدود دير وكنيسة  كاثوليكية باسم كنيسة أوجاع العذراء، يتوسطها جدار إسمنتي يفصل بين شقيها ويمنع التواصل بينهما.

ليس بعيدا عنها هناك بؤرة استيطانية تابعة لجمعية “عطيرت كوهنيم” في هذا التجمع بين النقاط، وأسفل الأرض يقع منتهى مغارة الكتان لكن لا يمكن الدخول إليها من هذه النقطة، إذ لا تواصل بينهما، ولطالما طالبت جمعية “عطيرت كوهنيم” وصل البؤرة الاستيطانية مع مغارة الكتان، لكن أطرافاً في مؤسسة الاحتلال رفضت تكرارا ومرارا هذا الطلب.

في مغارة الكتان (بين بابي العامود والساهرة) يسار الداخل إلى البلدة القديمة بالقدس المحتلة، والتي تصل مساحتها إلى تسع دونمات، أجريت حفريات وصل بعضها إلى عمق 20 مترا، وكشف عن فراغات كثيرة كان آخرها الكشف عن وجود فراغات جديدة وواسعة في عمق الأرض لكنها مغلقة أمام الجمهور.