بقلم/ صقر ابو فخر
لعل الاشعار التي تُغنّى في المناسبات والأعراس، والتي تبدأ بكلمة "جفرا" هي من أكثر الأشعار شيوعاً في أوساط الشعب الفلسطيني. وقد اختلفت الروايات كثيراً في أصل هذه الأشعار، ومَن قائلها، وما هي قصة جفرا، وما الاسم الأصلي لهذه المرأة الذي انتشر بين الفلسطينيين بشكل غير مسبوق. ويمكننا أن نقول إن الشاعر الفلسطيني عزالدين المناصرة هو أفضل من تصدى لهذا الأمر في كتابه "الجفرا والمحاورات وشعرية العنب الخليلي" (عمان: دار ورد، 2009)، وتمكن من تحقيق هذه القصيدة، واكتشاف حكايتها. و"جفرا" لازمة أو فاتحة لكثير من الاناشيد وأغاني الأعراس في فلسطين، وبسبب انتشارها الكبير راح البعض يسمي أبناءه بهذا الإسم، أو يطلقه على فرقة فنية هنا أو مقهى هناك، حتى إن إحدى دور النشر الفلسطينية اختارت هذا الاسم لها.
إذا أنعمنا السمع قليلاً نكتشف أن القالب الّلحني لـِ "جفرا" هو نفسه القالب الّلحني لأغاني "عَ العين موليتين" و"عَ العين با بو الزلف"، والفارق الوحيد هو الكلمات. أي أن لحن "جفرا" هو لحن فلكلوري معروف وقديم، بينما الكلمات حديثة. وهذا النوع ظهر في فلسطين في سنة 1939، وليس أبعد من ذلك على الاطلاق.
قصة "جفرا"
جفرا هو الاسم المستعار لفتاة من قرية كويكات التابعة لقضاء عكا، واسمها الاصلي رفيقة نايفة حمادة. وكان ابن عمتها أحمد عزيز علي حسن طلبها الى الزواج فرفضت، فراح أحمد ينظم لها قصائد مغناة، واخترع لها اسم "جفرا" أي الظبي الصغير. وقد شاعت هذه القصائد في الجليل وفي بعض مناطق الضفة الغربية، وانتقلت، في ما بعد، الى مخيمات اللجوء في سورية والاردن ولبنان.
في سنة 1948 هاجرت جفرا (رفيقة حمادة) الى لبنان، وكذلك أحمد عزيز، وتزوج كل منهما على حدة. وقد توفي أحمد عزيز في سنة 1987، وتوفيت جفرا في سنة 2007. وقد قُيّض لعز الدين المناصرة أن يلتقي أحمد عزيز، وأن يستدرجه الى البوح فقال انه كتب هذه الاشعار وطبعها لدى مطبعة نعيم فرح في حيفا، ثم أعاد طبعها في مطبعة البياع في عكا. واعترف أحمد عزيز، بعد مراوغات كثيرة، انه كان يحب فتاة وكان منزلها يلاصق منزله، وهذه القصائد موجهة لها بالتحديد. أما بعض أهالي قرية كويكات فيعتقد أن أحمد عزيز تزوج في سنة 1939، ولم يلبث ان طلق امرأته في السنة نفسها، وندم، وصار يغني لطليقته أشعاراً حارة. وهذا هو منشأ هذه الأغنية التي انتشرت في مخيمات اللجوء كانتشار النار في الهشيم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها