دعا رئيس دولة فلسطين محمود عباس، الدول الصديقة في أميركا الجنوبية، إلى اتخاذ إجراءات مماثلة لإجراءات دول الاتحاد الأوروبي، تجاه منتجات المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية.

وقال الرئيس بكلمته في مؤتمر القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية، المنعقد في الرياض، اليوم الأربعاء، إن وجود جاليات من أصل فلسطيني، في دول أميركا الجنوبية الصديقة، يمكنها أن تلعب دوراً متميزاً في إطار تطوير العلاقات العربية – الأميركية الجنوبية، وتنمية العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري والثقافي بين المنطقتين.

وحول عملية السلام، شدد سيادته على أن المجتمع الدولي مطالب اليوم، بتوسيع المشاركة لتحقيق السلام، وفق ما جاء في المبادرة الفرنسية، وتوفير الحماية لشعبنا، وعبر قرار من مجلس الأمن، وضمن سقف زمني محدد، يتضمن نيل حقوقه الوطنية، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود عام 1967.

وجدد الرئيس التأكيد أنه لا يمكننا الاستمرار في الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والأمنية وحدنا، في ظل قيام إسرائيل بتدمير الأسس التي بنيت عليها هذه الاتفاقيات، وسنواصل انضمامنا للمنظمات والاتفاقيات الدولية، لصون حقوقنا، والدفاع عن شعبنا، عبر جميع الوسائل القانونية والسلمية.

وقال: 'أيدينا لا زالت ممدودة للسلام، طبقاً للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، والاتفاقات الموقعة، ومبادرة السلام العربية، وآن الأوان لأن تتوقف بعض القوى الدولية عن المساواة بين الضحية والجلاد، وإن شعبنا إن لم ينعم بحريته وكرامته وسيادته واستقلاله، فإن أحداً لن ينعم بها'.

وأكد سيادته أننا مصممون على وحدة أرضنا وشعبنا، ولن نسمح بحلول مؤقتة أو جزئية، ونسعى جاهدين لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تعمل وفق برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وصولاً إلى الذهاب للانتخابات، وذلك على طريق إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية.

وشكر سيادته، خادم الحرمين الشريفين، على ما تقدمه المملكة العربية السعودية من دعم صادق ومخلص، للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية كافة، إلى جانب دعمها المالي والاقتصادي، الذي يسهم في تعزيز صمود شعبنا، وحماية مقدساته، ونؤكد تضامننا مع المملكة في محاربتها للإرهاب.

كما شكر دول أميركا الجنوبية الصديقة، على اعترافها بدولة فلسطين، ودعمها لقضية شعبنا، عبر تصويتها في المحافل الدولية، خاصة لصالح عضوية فلسطين، ورفع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة.

وقال: 'نتطلع إلى اليوم الذي ينتهي فيه الاحتلال عن دولة فلسطين، ليكون لنا شرف استقبال هذا المؤتمر وغيره في مدينة القدس الشرقية، عاصمة دولة فلسطين الخالدة.

 

وفيما يلي نص كلمة الرئيس:

بدايةً أتوجه بخالص الشكر والتقدير لأخي خادم الحرمين الشريفين على دعوته الكريمة، لحضور هذه القمة الهامة، وكذلك على الاستضافة الكريمة من المملكة لهذه القمة، ولا يفوتني في هذا المقام، أن أعبر باسم شعبنا الفلسطيني، وباسمي شخصياً، عن أسمى مشاعر التقدير والامتنان، لما تقدمه المملكة العربية السعودية من دعم صادق، ومخلص، للقضية الفلسطينية، في المحافل الدولية كافة، إلى جانب دعمها المالي والاقتصادي، الكريم والمتواصل، الذي يسهم في تعزيز صمود شعبنا وثباته على أرضه، وحماية مقدساته،  ونؤكد على تضامننا مع المملكة العربية السعودية في محاربتها للإرهاب.

كما ونعبر عن خالص الشكر والتقدير للبيرو، رئيساً وحكومة وشعباً، على استضافتهم القمة الثالثة، مثمنين عالياً جهودهم التي بذلوها، خلال تلك الفترة.

وأتوجه بصادق التقدير والعرفان لدول أميركا الجنوبية الصديقة، التي تفضلت مشكورةً بالاعتراف بدولة فلسطين، وقدمت دعمها المشرف لقضية شعبنا، عبر تصويتها في المحافل الدولية، وخاصة لصالح عضوية فلسطين، ورفع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة، ونقدر عالياً دعمها لجهود تحقيق السلام العادل في منطقتنا والعالم.

 وأدعو الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، أن تقوم بذلك، فمن يؤمن بحل الدولتين، أن يعترف بالدولتين  وليس بدولة واحدة، وإن شعبنا الفلسطيني، يعتز بعلاقات الصداقة التاريخية الراسخة التي تربطه مع بلدان قارتكم العتيدة.

وإننا لنتطلع إلى اليوم الذي ينتهي فيه الاحتلال عن دولة فلسطين، ليكون لنا شرف استقبال هذا المؤتمر وغيره في مدينة القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين الخالدة.

أيها الإخوة والأصدقاء، إن فلسطين، وبما يربطها من علاقاتٍ تاريخية بدول أميركا الجنوبية، وبما في ذلك، وجود جاليات من أصل فلسطيني، في دولكم الصديقة منذ عهود بعيدة، يمكنها أن تلعب دوراً متميزاً في إطار تنمية وتطوير العلاقات العربية – الأميركية الجنوبية، فهم يشكلون جسور تواصل وصداقة متينة مع العالم العربي، ويستطيعون أن يسهموا في تنمية وتطوير العلاقات الإقتصادية والتبادل التجاري والثقافي بين المنطقتين.

خادم الحرمين الشريفين،

أصحاب الجلالة والفخامة،

لقد حذرت على مدى السنوات الماضية، من مغبة ما يجري في القدس المحتلة وما حولها، من تضييق للخناق على أبناء شعبنا، وتغيير ممنهج لهوية القدس وطابعها التاريخي والديمغرافي، ومن انتهاكات المستوطنين والمتطرفين المحميين من قوات الإحتلال الإسرائيلي، لحرمة مقدساتنا المسيحية والإسلامية في القدس، وخاصة المخططات التي تستهدف المساس بالمسجد الأقصى، بهدف تغيير الوضع القائم فيه منذ ما قبل العام 1967 وما بعده. إن ذلك من شأنه أن يحول الصراع، من  صراع سياسي إلى صراع ديني، ستكون عواقبه وخيمة على الجميع، وهذا ما لا نقبله.

وفي هذا المجال، نثمن عالياً الجهود التي يبذلها العاهل الأردني جلالة الملك عبد الله الثاني، لمجابهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى المبارك، في مدينة القدس الشرقية المحتلة.

وحول ما تشهده بلادنا من أحداث،  فإنني أجدد القول، بأن ذلك ناجم عن استمرار الإحتلال وانعدام الأمل بالمستقبل، وعن حالة الخنق والحصار والضغط المتواصل، وعدم نجاح المجتمع الدولي، برفع هذا الظلم التاريخي، وتلك المعاناة المتواصلة منذ أكثر من 67 عاماً التي يعيشها أبناء شعبنا.

خادم الحرمين الشريفين،

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

تعلمون جميعاً بأن السلام هو غايتنا المنشودة، والذي نسعى إليه بكل عزم وتصميمٍ وإرادةٍ مخلصة، إلا أنه لم يعد من المفيد تضييع الوقت، في مفاوضات من أجل المفاوضات، خاصة بعد أن أفشلت حكومات إسرائيل المتعاقبة كل فرص السلام منذ مؤتمر مدريد، بهدف بناء المزيد من المستوطنات الاستعمارية، وإقامة جدران الفصل على أرضنا، ونهب مصادرنا الطبيعية، وفرض حقائق جديدة على الأرض، تعمق الإحتلال، فإلى متى ستظل إسرائيل، تضع نفسها فوق القانون.

وفي ظل قيام إسرائيل بتدمير الأسس التي بنيت عليها الإتفاقيات السياسية والإقتصادية والأمنية معنا، فإن ذلك يجعلنا نؤكد مجدداً بأنه لا يمكننا الاستمرار في الإلتزام بتنفيذ تلك الإتفاقيات وحدنا.

وفي هذا السياق، فإننا نتساءل حول المعنى المقصود من أن تدفع إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بستمائة ألف من مستوطنيها للإستيلاء على أرض دولة فلسطين المحتلة، والإقامة فيها مع العلم بأن هذا العمل بحد ذاته هو جريمة حرب وفق معاهدة جنيف الرابعة للعام 1949.

وهنا أثمن عالياً ما قامت به دول الإتحاد الأوروبي تجاه منتجات المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية، وأدعو دولكم الصديقة في أميركا الجنوبية لاتخاذ إجراءات مماثلة بهذا الخصوص.

وفي هذا الصدد، فإننا سنواصل انضمامنا لعضوية المنظمات والإتفاقيات الدولية، بهدف صون حقوقنا، وسوف نمضي قدماً في الدفاع عن شعبنا الواقع تحت الإحتلال، عبر جميع الوسائل القانونية والسلمية.

 خادم الحرمين الشريفين،

 أصحاب الجلالة والفخامة،

إن المجتمع الدولي بأسره مطالب اليوم، وأكثر من أي وقت مضي، بتوسيع المشاركة الدولية لتحقيق السلام، وفق ما جاء في المبادرة الفرنسية، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، وعبر قرار من مجلس الأمن وضمن سقف زمني محدد، يتضمن  نيل حقوقه الوطنية العادلة، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود العام 1967،  إلى جانب دولة إسرائيل لتعيشا في سلام وأمن وحسن جوار، وفي ظل الإحترام الكامل لميثاق الأمم المتحدة، ووفق قرارات الشرعية الدولية، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وفق القرار194، ومبادرة السلام العربية وكذلك الإفراج عن الأسرى كافة.

من ناحية أخرى، فإننا نتطلع لإقامة دولتنا على أسس عصرية وديمقراطية والإلتزام بسيادة القانون، وحماية وحفظ حقوق المرأة، والمساواة بين جميع شرائح شعبنا دون تمييز عرقي أو ديني، ونشر ثقافة السلام والتسامح والحوار مع الآخر.  

وفي هذا الصدد، فإننا مصممون على وحدة أرضنا وشعبنا، ونؤكد بأننا لن نسمح بحلول مؤقتة أو جزئية ونسعى جاهدين لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تعمل وفق برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وصولاً إلى الذهاب للانتخابات، وذلك على طريق إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية.

خادم الحرمين الشريفين،

أصحاب الجلالة والفخامة،

إن أيدينا لا زالت ممدودة للسلام العادل والقائم على الحق، وطبقاً للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، والاتفاقات الموقعة، ومبادرة السلام العربية، وقد آن الأوان لأن تتوقف بعض القوى الدولية  عن المساواة بين الضحية والجلاد، لأن ذلك من شأنه إطالة عمر الصراع، وبث اليأس والإحباط، وإن شعبنا إن لم ينعم بحريته وكرامته وسيادته واستقلاله، فإن أحداً لن ينعم بها، فالسلام هو مصلحة فلسطينية وعربية وعالمية، وهو في المتناول إذا ما توفرت الإرادة والنوايا الصادقة لصنعه.

مرة أخرى أشكركم على حسن الاستماع، وأتمنى لمؤتمرنا هذا تحقيق أهدافه، وبما يدفع بالعلاقات العربية الأميركية الجنوبية نحو آفاق من النمو والتطور، ويعود بالنفع والفائدة المشتركة على جميع دولنا وشعوبها.

أجدد الشكر والتقدير والتهنئة للمملكة العربية السعودية الشقيقة على الجهود التي بذلتها في استضافة وتنظيم هذا المؤتمر العتيد، والتي كانت متميزة وناجحة بكل المقاييس.