تحل الذكرى ال 65 لنكبة الشعب العربي الفلسطيني هذا العام وسط مجموعة من التطورات السياسية تبعث على الامل بالاقتراب من تحقيق هدف الحرية والاستقلال وإقامة الدولة المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران عام 1967، من ابرز تلك التطورات اولا حصول فلسطين على عضوية دولة مراقب في الامم المتحدة؛ وثانيا شروع الادارة الاميركية في مسعى يبدو للمراقب، انه أكثر جدية من التحركات السابقة لادارة اوباما؛ ثالثا إتساع وتطور مواقف القوى السياسية الدولية والاقليمية المساندة للحقوق الوطنية وخيار حل الدولتين على حدود 67 وخاصة الموقف الاوروبي ، الذب إرتقى نسبيا عما كان عليه في الاعوام السابقة؛ رابعا حدوث إختراق نسبي في جدار المصالحة، يمكن إذا ما بني عليه، وتم لجم النزعات الانقلابية عند اقطاب حركة حماس في محافظات الجنوب، إشادة صرح الوحدة الوطنية، مما يعني تعزيز عوامل الصمود ومواجهة التحديات الاسرائيلية.

رغم هذا التطور الملحوظ في المكانة الفلسطينية الدولية، وإستشعار القوى والاقطاب الدولية باهمية الاسراع في بلوغ خيار حل الدولتين، إلآ ان المعضلة الاسرائيلية تبقى تشكل مانعا حقيقيا لتقدم العملية السياسية. مع أن قيادة الحكومة الاكثر يمينية وتطرفا الحاكمة الآن في إسرائيل، اعطت إشارات تفيد إستعدادها لقبول مبادرة السلام العربية، وبالتالي قبولها الملتبس لخيار الدولتين على حدود 67، كما اعلنت ضمنا، وبشكل غير مباشر عن تجميد الاستيطان الاستعماري في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 ،فإن المراقب للتطورات على الارض يلحظ، ان القيادة الاسرائيلية ليست بوارد إحداث اي تقدم حقيقي في العملية السياسية، والدليل ما شهدتة مدينة القدس الشرقية خلال الايام الماضية، عندما قام قطعان المستوطنون باقتحام المسجد الاقصى، ودنسوه، وتنفيذهم لسلسلة من الهجمات على المواطنين المقدسيين العرب، واعتقال مفتي فلسطين والديار المقدسة الشيخ محمد حسين وغيره من ابناء القدس، وشروع وزارة الاديان للعمل على "سن قانون" للسماح لليهود باداء طقوسهم الدينية في باحات اولى القبلتين وثاللث الحرمين الشريفين، وإعلان الادارة المدنبية عن بناء (296) وحدة إستيطانية في مستعمرة بيت إيل، فضلا عن الجرائم اليومية ، التي تتصاعد وتيرتها على المستويات المختلفة على صعيد اومر الهدم، وعمليات الهدم في القدس والاغوار، ومواصلة سياسة الاعتقالات، وحماية إلارهاب الاجرامي لقطعان المستوطنين ضد المواطنين الفلسطينيين في مدن وقرى الضفة الفلسطينية، وشق الطرق الخاصة للمستوطنين من وسط الاحياء العربية في القدس الشرقية كبيت حنينا والتلة الفرنسية، وإقرار بناء كلية عسكرية في اراضي القدس المحتلة ... إلخ

جميع هذه المؤشرات تشير بشكل جلي، ان القيادة الاسرائيلية غير مستعدة جديا للتقدم نحو التسوية السياسية. وما اعلن داخل الغرف المغلقة مع الاميركيين وغيرهم ليس سوى نوع من التضليل بهدف التسويف والمماطلة لكسب الوقت، وتثبيت الوقائع الجديدة، التي تحول دون اي تقدم نحو حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67. وتماشيا مع توجهاتها السياسية، تعمل حكومة نتنياهو على دفع الامور نحو حافة الهاوية في المنطقة من خلال الاعتداءات الاخيرة على الاراضي السورية، وايضا من خلال ضغوطها المتصاعدة على الادارة الاميركية لاعطاء الاولوية لضرب المفاعل النووي الايراني، وما يجري من تصعيد الحملة الاعلامية حول الملف النووي الايراني، ليس سوى تسخين للجبهات المختلفة تمهيدا لما قد تحمله الايام والاسابيع القادمة.

والشيء بالشيء يذكر، فإن واقع حال المصالحة الوطنية، رغم النقلة الايجابية ، التي حدثت على صعيد الانتهاء من تجديد سجل الناخبين، واعلان الرئيس محمود عباس عن الشروع المبدئي بالحوارات لتشكيل حكومة التوافق الوطني، وزيارته المرتقبة لمصر هذه الايام، التي لها عميق الصلة بالمصالحة، إلآ ان الاجواء المنبعثة من قطاع غزة خصوصا تشير الى ان قيادة الحركة المتنفذة هناك، ليست معنية ، ولا مستعدة لخلق الاجواء الايجابية لدفع عربة المصالحة الوطنية. مما يدفع المراقب للاستنتاج، بأن الاستعصاء الحمساوي ما زال يضع العصي في دواليب عربة المصالحة الوطنية.

مع ذلك، والشعب الفلسطيني يحيى ذكرى النكبة ال 65 الأ ليمة والمرة، عليه ان يتسلح بالامل في تحقيق الاهداف الوطنية، كونه قادر بقواه الحية وقيادته الشرعية على الحؤول دون تحقيق قوى التخريب والعدوان اهدافها التدميرية.