يأتي الرئيس الأميركي للمنطقة هذه المرة ورايات الفشل ترفرف قبل أن يصل، حيث إن معظم التوقعات المتعلقة بدفع عجلة التسوية أو السلام في المنطقة ذات نسق سلبي أو متشائم، أو لا تعطي أهمية لهذه الزيارة على فرضية العلاقة التاريخية بين الادارة الأميركية والدولة العبرية بجناحي الادارة للشركات الاقتصادية الاميركية (الكربوقراطية) ممثلتين بالحزبين الجمهوري والديمقراطي.

يبحث الفلسطينيون عن بوابة أمل أو تفاؤل أو حتى بصيص نور قد يتسرب من هذه الزيارة فلا يجدون إلا التخمينات والتوقعات بفرض أوباما لخطة سلام أو انسحاب هي في حقيقة الأمر من التكهنات غير ذات الصلة بالواقع في ظل ما لم يقله وزير الخارجية في زيارته للمنطقة، وفي ظل ما لم يقله بايدن نائب الرئيس ( للايباك)، بمعنى أن التسريبات المضللة مثل هذه لم تعد تقنع أحداً، مضافاً اليها تصريحات الرئيس أوباما نفسه أنه ( لا خطة سلام جديدة ) وإنما جل ما سيفعله هو أنه سيطرح (موقفه) على الاسرائيليين ذاك القاضي بأن (حل النزاع مع الفلسطينيين هو السبيل لضمان امن اسرائيل).

اما اسرائيليا فإن نتنياهو يركز بشكل واضح في العمل على تشكيل حكومته رغم شعوره بالمرارة فهو فعل (لإسرائيل) الكثير كما يعتقد وانفض عنه الناخبون الى محور ( لبيد – بنيت ) كما يقول عنه الكاتب ناحوم برنياع ( رغم أنه قد يعلن قريباً اتفاقه مع لبيد حسب آخر التوقعات )، والذي يحلل شخصيته قائلاً أنه يشعر بالمؤامرة من أبو مازن الى لبيد ومن الاعلام والعالم كله.

إن حكومة نتنياهو التي تغرق في الشأن الداخلي، وايران لا تلتفت على ما يبدو للسلام أو المباحثات مع الفلسطينيين لأن نتنياهو الذي يترأس الحكومة للمرة الثالثة في حياته ما لم يحصل لا مع بيغن ولا شامير ولا رابين ولا شارون يصر على أن يكون الملف الأمني هو الصلة الوحيدة مع الفلسطينيين دون أن يضطر لتقديم شيء سياسي للفلسطينيين الذين يشكك بهم وبنواياهم دوما كما تحلل صحيفة ( يديعوت احرنوت ).

أما الموقف الذي عبر عنه الرئيس أوباما قبل أن يصلنا، فلقد كان قوله فيه صريحاً من فم نائب الرئيس في مؤتمر (الايباك) حيث عرّج على العلاقة المتينة مع ( اسرائيل) والوضع السوري والوضع في ايران حيث الخيارات متطابقة مع الاسرائيليين كما أشار... ولم يكلف نفسه عناء أن يتعرض لشئ فيما يتعلق بالفلسطينيين والإسرائيليين دلالة فقدان الارادة والأمل من تحقيق مسار تفاوض رغم ما قد يعلنه الرئيس (كرفع عتب) دون ان يمارس أي آلية ضغط

ان هذا الواقع مما يجعل الفلسطينيين في حالة تخبط سياسي أو يأس جماهيري أو باشارات ابداعية وطنية بدأت تتسرب من خلال تعاظم الحراك الشعبي، أو يدفعون قسراً لانتفاضة ثالثة من الواضح أنها تسير قدماً يتمناها الاسرائيليون (عسكرية) لأنها تكون في ذلك ضمن مربعهم وقدرة تعاملهم معها، وما يتمناها أيضاً خصوم السلطة الوطنية الذين يدفعون للنار ما داموا بعيدين عنها لا يريدون الاستفادة أبدا من تجارب الاشتباك المسلح خلال الانتفاضات السابقة، وهم ذاتهم من الذين يرفعون راية الحزبية والفئوية عالياً على حساب الوطن الممزق بأيديهم.

ان زيارة أوباما لا تحمل الكثير على الصعيد الفلسطيني وفق معظم التحليلات، واسرائيليا تؤكد على جو المودة والتحالف التاريخي، وموقف الرئيس الامريكي حتى لو احتوى عوامل الحث على أن التعاطي مع النزاع الاسرائيلي مع الفلسطينيين هو الحل فانه تراجع من أسلوب الضغط الى أسلوب ادارة الفشل.