لا أعرفلماذا الحديث عن هدنة لمدة خمسة عشر عاما بين اسرائيل وحماس.. لأن الهدنة طويلة الأمدهي عملياً في صلب التفكير السياسي لحركة حماس التي ترى في الهدنة حلاً يعفيها من فاحشةالتفاوض مع الاحتلال من جهة، ومرحلة يمكن أن تفضي الى قيام دولة ذات حدود مؤقتة دونالدخول في مفاوضات، وهو ما يتعارض مع المشروع الفلسطيني باقامة دولة ذات حدود دائمةوعاصمتها القدس طبقا لحدود الرابع من حزيران عام 1967، فالاختلاف بين المشروعين واضح،لأن اسرائيل التي طرحت دولة ذات حدود مؤقتة وترسيم الحدود من جانب واحد في الضفة كشعارلحزب كاديما الذي طرحه شارون قبل دخوله في غيبوبة، عادت بعد هزيمتها المنكرة في جنوبلبنان للتخلي عن المشروع ثم اعادت طرحه مجددا على شكل انسحاب احادي من الضفة وفقا لاحتياجاتهاالاستيطانية بحيث تواصل احتلال قرابة ثلثي الضفة، فأي انسحاب احادي كالذي بدأ في غزةهو عمليا محاولة لتنفيذ الشق الثاني من مشروع شارون نحو اقامة دولة ذات حدود مؤقتةتتخذ شكلاً دائماً وفقاً لمبدأ غطرسة القوة الذي تتمتع به اسرائيل.
ولمتنكر حماس قط موافقتها على الدولة المؤقتة من جهة، وبدأت في الآونة الأخيرة بعد تخليهاعن مساعي المصالحة وبدعم من التغييرات في بعض الدول العربية السعي لنيل اعتراف بكيانيةغزة كبديل عن السلطة الواقعة تحت الاحتلال. فهي تنتقد المسعى الفلسطيني لنيل وضع دولةغير عضو في الأمم المتحدة لكنها في الوقت نفسه وبدعم من تيار متشدد من الاخوان في مصروبدعم قطري بائن، تحاول التأسيس لديمومة الانقسام بالانفصال عن الضفة.
وليسعبثا ان نسمع عن هدنة طويلة الأمد في هذا الوقت بالذات فيها ما يجسد الانفصال وتركيزالقضية الفلسطينية في غزة فقط وليس في بعدها الجغرافي والسكاني والديني في الضفة المحتلة.فالتهدئة وان كانت هدفا فلسطينيا شعبيا ورسميا الا انها ليست البديل عن مشروع اقامةالدولة وانهاء الاحتلال وليس ادامته مع الانفصال المادي والسياسي، من هنا فان مبعثالدهشة هو رغبة بعضنا في ابرام اتفاقات وتهدئة وربما هدنة مع الاحتلال وعجزنا عن ابرامهدنة او اتفاقات مع بعضنا لانهاء الانقسام واعادة بناء الموقف الفلسطيني الصلب علىقاعدة استعادة الحقوق واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
ان وقفالعدوان والتهدئة مطلبان اساسيان عاجلان حالياً لكنهما ليسا بديلا للمصالحة الوطنيةالفلسطينية. وليس تنفيذ المخطط الاسرائيلي بتجزئة القضية الفلسطينية وصولا الى تصفيتها.ولعل تجاذبات اللحظة الاخيرة في الاتصالات بدأت تركز على تهدئة قد تتطور الى هدنة ذاتمضامين سياسية لاحقا على المدى البعيد، لكن الطرفين يبتزان مصر بالذات لان اسرائيلتريد ضمانات مصرية بوقف تهريب السلاح وتدمير الانفاق نهائيا وضبط قبائل سيناء, فيماتطلب حماس من مصر فتح معبر رفح نهائيا للأشخاص والبضائع لاضفاء استقلالية عن السلطةفي الحركة والتجارة اضافة الى اقناع حركة الجهاد بالتهدئة, ولعل انضمام الرئيس الاميركيالى اسرائيل وحماس في الضغط على مصر لفرض تهدئة يوضح حجم الضغوط التي يواجهها الرئيسمحمد مرسي اضافة الى ضغوط من داخل حزبه لدعم حماس. لكن المهم ان اسرائيل حصلت حتى الآنعلى منطقة امنية بعمق 300 متر مع الحق في المطاردة الساخنة, فيما تحاول حماس الحصولعلى فتح حر لمعبر رفح، ناهيك عن أنه يقع على عاتقها عبء ملاحقة السلفيين الجهاديينالذين لا يؤمنون بالتهدئة كما ان العنصر الايراني المسلح لحماس والجهاد تم تهميشه،لكن قد يكون له رأي مخالف, عموما مصر هي التي في موضع لا تحسد عليه لأنها مطالبة بحلاعجازي تبدو فيه اسرائيل وحماس منتصرتين.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها