بقلم/ محمد سعيــد

 قلبُ اللاجئ ياقوت

يا ليلُ كنْ ذاك العنب

امضِ الى الغروب

لكأننا أولُ بناة الخيم

غريبٌ أمر الإنسان

لا يرى المستقبلَ الا في كوخ

يفتحُ عينيهِ على وطنٍ ضائع

ويغلقهما على كوارث

كأن عليه أن يقضمَ خرابَ الوجود

طوال الوقت

فيسيلُ دمٌ أسودُ على شفتيه

تحتَ المطر الوان الخيبة جفافُ عينيه

متدثراً بسواد الليل يعبُر الأرضَ

من منفى الى منفى

ما يؤلمهُ وطنٌ جميل

يموتُ في البرد

يرسمُ للشمسِ غيمةً صغيرة

وما من بابٍ لأحلامهِ

وجهُه بلّورٌ

لا يتحمل نقفةُ حصى تطرقُ بابه

لا كلمة تتلفّع بعطرهِ

لا غربةَ أقسى من غربة

بلا جذوع ولا دم

لا زجاجةَ عطرٍ للحياة

لا امرأةً تقضمُ تفاحةً من شجرة القصيدة

لا قصيدةً تتّسعُ لغير السكاكين في الوداع

العدالةُ التي تشبهُ الغابة أكلتها النيران

مَنْ أحياها فكأنما أماتَ الناسَ جميعاً

ثمةَ زنزانةٌ باليد ولا عشرة بلاد على شجرة

الروايةُ التي يكتبها الكبار والصغارُ

لا يقرأها أحد

لا أحزانَ بلا أحلام

ولا سقفَ بلا وطن

لا مسوّدة راهبة تؤاسي الجراح

العدالةُ ميتةٌ في بلادنا

متروكة لقدرها

الحريةُ معذبةٌ في بلادنا

فلا تجعلوها أضحوكةً للأبد

أيتها المعذّبةُ

على أطلالك شجرةُ لوز

على أكتافها وشاحٌ أبيض

يغطي العصافير بالأغاني

همستُ بخوفٍ:

متى نكون بخير من القنابل والقاتل

وعذاب الدنيا

همستُ للشمس التي تقفز كل يوم

في بحرِ حزني

يا سيدةَ الغروبِ خففي الوطء

لقد أوجعتِ عظامي

في بلادنا لا نملكُ غير الحروب

والزلازل والجوع

في الطريق يفكرُ:

بالسماءِ والمراكبِ والطينِ والخندق

ولحظاتٍ بلون الدم

يضعُ سوسنةً في إناءِ الغائب

بالأمسِ تعطنتهُ الحياةُ في الخاصرةِ

ستاً وستين مرةً بسكين الخيبات

أفقدتهُ عمرَهُ

لا أقنعةَ لوجوه اللاجئين لإخفاء المشاعر

النفوسُ المكسورة لا تُلدغُ مرتين

الأقدارُ بحرٌ لا يملكهُ أحد

والكلمة البيضاء تنمو كزهرة في التربة اليابسة

فلا مكانَ لشعبٍ بلا وطن

لا معنى للحياة في زمنِ الانهيارات

ما كلُّ قنبلةٍ تقتلُ حياةً جميلة

وما كلُّ كلمةٍ حلوةٍ تحيي حياةً قبيحة

الأحلامُ بريئة

ما دامتْ لم تتلوث بأهدافِ حاقدة

خلف اللاجئ أوهامٌ كثيرة

وأمامه رغباتٌ تعبّئُ غرفةً

يرى في الايام

أشياءَ لا يحبها

وأشياءَ تضيعُ في غابات حياتهِ

ما له غير الطمأنينة

يلجأ اليها كلما أوشك على اليأس

مادام البكاءُ لا يفيد عند النوم

يحلم بسقوط العالم

لا معنى لغربة أكثرُ من غربة لاجئ.