تنسب وسائل الإعلام الإسرائيلية الى أوساط سياسية وأمنية فلسطينية، لا تسميها، تصريحات متلاحقة حول حادث اختفاء المستوطنين الثلاثة في منطقة الخليل. كأنما هذه الوسائل، وبخاصة قناة التلفزة العاشرة، تريد تكريس الانطباع بأن المؤسسة الأمنية الفلسطينية مزهوّة بالمشاركة في البحث عن المستوطنين الثلاثة، وأنها تؤازر الجيش "الجميل" فيما يتعرض له من "مضايقات" تنغّص عليه أداء أعمال التنكيل والاجتياحات والتطفل على بيوت الناس وحقولها ومحالها. ولم يتبق سوى أن يتحدث الاحتلال عبر إعلامه، عن جمعية فلسطينية لجبر خواطر جنوده، وإدانة أطفالنا الذين لا يطيقون مشاهدة ممارسات حقيرة والصبر عليها. فيما المحتلون أنفسهم لا يتركون اتهاماً دون إلصاقه بالسلطة ومؤسستها الأمنية، وطالما ان هذه السلطة لن تسلم من الأذى مهما فعلت. السؤال هنا: من هي الجهة التي نتوخى رضاها ونخشى خسرانها، إن قلنا ان حكومة إسرائيل وجيشها وأمنها، لا يستحقون منا سوى البغضاء ومقاومة لا نستطيعها؟ وإن لم نقل ذلك، ما هو المعنى الذي نوحي به؟ هل سنقول مثلاً إننا ضد العنف والارهاب والغضب الشعبي، وأننا ما زلنا أوفياء صادقين، للاستقرار الأمني ولا نحيد عن طريق السلام؟ ومن هو الطرف الذي يعصف بالاستقرار الأمني ويحتقر معنى السلام؟ ومن هو الطرف الذي نخشى أن يغضب منا أو أن ينظر الينا بسلبية أو يشتبه عليه أمرنا، إن تعاملنا مع هذا الاحتلال باعتباره وباء ينبغي الخلاص منه ولا شيء غير الوباء؟!
ربما نكون نخشى من جفاء الإدارة الأميركية التي أعطاها نتنياهو الصفعة تلو الأخرى، والتي لم تعد قادرة على الاستدراك بعد كل الكوارث التي تسببت فيها السياسات الحمقاء في هذه المنطقة وفي العالم.
القناة الإسرائيلية العاشرة، تزعم ان "مسؤولين كباراً" من الاجهزة الامنية الفلسطينية، أفادوها أو أفادوا إسرائيل، أن "حماس" تستغل الوجود المكثف لقوات الجيش الإسرائيلي في الضفة، فتدفع الصغار الى القاء الحجارة للفت أنظار الجيش عن الخاطفين والمخطوفين المفترضين. ونعلم من خلال تجهيل القائلين، ومن بذاءة القول، ان الإعلام يشارك في محاولات ايقاع الفتنة بين الفلسطينيين. فمثل هذا الكلام الذي تنقله القناة العاشرة، معناه أن هناك من المسؤولين الفلسطينيين، من يحملّون "حماس" مسؤولية الغضب الشعبي من جراء ممارسات التنكيل تحت عنوان البحث عن مخطوفين، بل إن في هذا الكلام إشارة ضمنية الى ضلوع "حماس" في عملية الاختطاف المزعومة. وبئس المسؤولين الكبار إن كانوا يقولون للقناة العاشرة كلاماً من هذا القبيل. ولماذا لا تتكرم القناة العاشرة وتقول لنا من الذي أدلى بحديث كهذا. فإما أن تكون هذه القناة تكذب لكي توقع فتنة، أو يكون هناك من يكذب عليها وعلى نفسه، ونحن نتبرأ من أمثال هذا!
إن أسباب لجوء نتنياهو الى لعبة التشكي من "حماس" باتت معلومة للجميع، وستظل إسرائيل هي المدانة والمفضوحة وسبب كل البلاءات، وهي التي تمارس فظائع الحرب. وما حدث خلال الأيام الماضية من دهم لمنازل نواب وساسة واكاديميين لاعتقالهم بغير اتهام، يعكس عدوانية هذا الاحتلال ولا يعكس أية حقائق أخرى. أما القناة العاشرة، و"المسؤولون الكبار"، أصحابها المفترضون الذين تزعمهم أو تتستر عليهم، فإنهم لن يؤثروا على روح الفلسطينيين وقناعاتهم ووحدتهم في مواجهة الأخطار!