بقلم/ حنان بكير

توقفت المعجزات والرسالات السماوية منذ زمن بعيد. لكن الفرق الدينية، لم تتوقف عن التوالد والتكاثر. وجميعها تتخذ من الديانات والسماء، مرجعية لها. مع تمجيد للإله الذي يعبدون. وأن الفساد والظلم وكل موبقات العصر، سببه الإبتعاد عن ذلك الإله. وأن لا سبيل لدخول ملكوت الرب أو الفردوس.. الا من خلالهم. ولا يتورعون عن التحرش بالسياسة. فهي أصل الكينونة والدينونة.

ففي الغرب خاصة، كثيرا ما نصادف أشخاصا من أعمار مختلفة، خاصة كبار السن، يحملون كتيبات تحمل شعارات وصورا دينية. يستوقفون الناس مرشدين وهادين الى الصراط المستقيم. إلتقيت بامرأة عربية في صالون الحلاقة. تبادلنا اطراف الحديث. وتبادلنا ارقام هواتفنا. زارتني للمرة الأولى مع امرأة نرويجية، وبدون موعد مسبق. أزعجني الأمر. لكني لا استطيع ان أكون فظة أو غليظة القلب. كانت مفاجأتي أنها تتبع فرقة دينية! وتحمل العديد من المنشورات. هي كانت تعلم علم اليقين بأني علمانية. ومتعصبة وطنيا.

تكررت زياراتها لي وبدون مواعيد، وفي كل مرة تصطحب امرأة مختلفة! كان شعوري، أنها في كل مرة تصطحب مرافقة أعلى رتبة من سابقتها، كونهن يواجهن، سيدة على قدر معقول من الإطلاع على مختلف الديانات، حتى القديمة منها. وغالبا ما كنا ندخل المجال السياسي. وتكون قضيتي هي المحور والأساس.

تناقشنا كثيرا في الوعد الإلهي، بإعطاء وطني لقوم أخرين. ورغم أن هذا هو محورنا الأساسي في كل مرة، الا أنها تصرّ على الخوض فيه، مع عدم قدرتها وزميلتها على الردّ.. قالت لي ذات مرة: الان.. اذا أعطيناك قصرا جميلا ونظيفا، وقلنا لك أسكني فيه وحافظي عليه! ولكن بعد فترة عدنا ووجدنا القصر خرابا، وغير نظيف، أفلا يحق لنا أن نسترده ونعطيه لأناس يحافظون عليه؟!

غضب العالم كله، تجمّع وسكن بي.. فهذا قمة الإستخفاف بعقلي، وهي وكل مرافقاتها من مختلف الرتب، ارتبكن ولم يجدن أجوبة لكل تساؤلاتي. ربما هي نسيت وخالت نفسها تتحدث الى عجائز " مهابيل"!! أخبرتها عن تاريخ ذلك القصر.. وحضارة شعبه.. الكنعاني. وديانته القديمة.. وعن الكاهن والملك الكنعاني ملكي صادق، ملك وكاهن اورشليم/ القدس.. الذي زاره ابراهيم الخليل لأخذ بركته.. ورفض أن يدخل القدس منتعلا حذاءه، لأنها مدينة مقدسة!! وأن الإنجيل رفع يسوع المسيح ، السلام لإسمه، الى رتبة ملكي صادق!! كان الحوار ساخنا وغاضبا. لكنني عزمت على أمر ما!

ذات مرة تعمدت التواجد حيث تسكن. واخترت المساء، بعد انتهاء جولاتها. وتوقعت أن امرأة متقدمة في العمر، تجوب الطرقات طوال النهار..  أن لا يكون بيتها على قدر من النظافة والترتيب. اتصلت بها وزرتها..

كانت الشقة كما تخيّلتها.. وقبل أن أجلس... قلت لها بدهشة: واوووو شقة جميلة.. ولكن ينقصها الترتيب.. لو كنت أملك هذه الشقة.. لكنت تخلصت من هذه القطعة البالية من الأثاث، وألقيت في القمامة كل هذه " الكراكيب" التي لا فائدة منها.. المهم أني أعدت هندسة الشقة وترتيبها، بالحكي طبعا وأعطيتها أفكارا جميلة للتغيير.. وسط دهشتها.. وانا لم أجلس بعد... ثم قلت لها: هل هذا يعطيني الحق في الاستيلاء على بيتك، ورميك في الشارع؟؟!!

إرتبكت وسألت: شلون تشربين قهوتك ؟