جتمع الرئيس محمود عباس مساء امس مع نظيره الاميركي باراك اوباما في البيت الأبيض، حيث عرض اوباما على الرئيس عباس أفكارا متعددة لانقاذ محادثات السلام ولم يعرض "اتفاق الاطار" الذي عكف وزير الخارجية الاميركي على اعداده منذ عدة شهور. وجدد الرئيس عباس خلال لقائه اوباما رفضه الاعتراف بـ"يهودية الدولة"، وشدد على ان اطلاق سراح الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اوسلو "سيعطي انطباعا بجدية مساعي السلام". بينما قال اوباما أمام الصحفيين في المكتب البيضاوي "انه أمر صعب جدا وينطوي على تحديات كبرى، يجب اتخاذ قرارات صعبة والقيام بمجازفات اذا اردنا احراز تقدم".
ونقلت مصادر اسرائيلية عن مصادر في البيت الابيض ان الرئيس عباس طلب اطلاق سراح الاسير القائد مروان البرغوثي وأمين عام الجبهة الشعبية احمد سعدات والاسير فؤاد شوبكي المتهم بسفينة "كارين اي" ومئات الأسرى الآخرين قبل الحديث عن اي تمديد للمفاوضات والا فان الخطوة الفلسطينية القادمة ستكون التوجه لمنظمات الامم المتحدة وبدء حرب دبلوماسية ضد اسرائيل. وسرعان ما صدرت تصريحات عن مسؤولين اسرائيليين رفضوا خلالها الافراج عن الدفعة الرابعة من الاسرى أو أي اسرى آخرين وخاصة البرغوثي.
واعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة ان الرئيس الاميركي باراك اوباما لم يعرض "اتفاق الاطار" خلال اجتماعه مع الرئيس عباس في البيت الابيض. وقال ابو ردينة ان "الرئيس اوباما لم يعرض الاتفاق الاطار على الرئيس عباس بشكل رسمي". لكنه اوضح ان "اوباما والجانب الاميركي عرضا مجموعة من الافكار المتعددة على الجانب الفلسطيني والرئيس عباس"، لافتا الى ان "اللقاءات سوف تستمر خلال الاسابيع القادمة".
ونقل ابو ردينة ان الرئيس عباس "شدد لاوباما على ضرورة اتمام اطلاق دفعات الاسرى وتجميد الاستيطان والتوصل الى حل على اساس اقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية". وقال ان "النقاشات والحوارات ما زالت مستمرة حول مجمل الافكار التي تبادلها الطرفان".
من جهته، قال كبير المفاوضين الفلسطينين صائب عريقات لفرانس برس في اتصال من واشنطن "ان الرئيس عباس جدد التأكيد على المواقف الفلسطينية كافة من كل القضايا وخاصة رفض الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل". ووصف عريقات اللقاء بين عباس واوباما بانه كان "لقاء معمقا وجديا وصريحا". واكد ايضا ان الجانب الفلسطيني لم يتسلم اي صيغة مكتوبة رسمية للاتفاق الاطار الذي يفترض ان يكون وزير الخارجية الاميركي جون كيري قد اعده لتقديمه الى الفلسطينيين والاسرائيليين.
وعن اللقاء بين الرئيس عباس وكيري وصفه عريقات بانه كان "مهما ايضا وستستمر اللقاءات وتبادل الافكار".
وأوضح ان الرئيس عباس اكد للرئيس اوباما "ضرورة حل قضية اللاجئين وفق القرار الاممي رقم 194"، كما كشف ان الرئيس الفلسطيني سلم "اوباما خرائط ووثائق عن كل الاستيطان في فلسطين وكل الممارسات الاسرائيلية الاخرى".
وكان الرئيس عباس قال في البيت الأبيض قبيل محادثاته مع اوباما "ليس لدينا وقت لنضيعه لأنه ضيق جدا، خاصة أننا نعيش في الشرق الأوسط بظروف صعبة للغاية، ونأمل أن تستغل هذه الفرصة للوصول إلى سلام". وقال "هناك اتفاق بيننا وبين الإسرائيليين من خلال الوزير كيري حول قضية الأسرى، ونأمل أن يتم الإفراج عن الدفعة الرابعة في التاسع والعشرين من آذار الجاري، وهذا سيعطي انطباعا بجدية المساعي التي نبذلها ككل لتحقيق السلام".
وأشار الرئيس عباس إلى أنه منذ عام 1988 نمد أيدينا لجيراننا الإسرائيليين من أجل سلام عادل، ومنذ ذلك الوقت اعترفنا بقرارات الشرعية الدولية وكان ذلك موقفا شجاعا من القيادة في ذلك الوقت، وفي عام 1993 اعترفنا بشكل واضح بدولة إسرائيل. وأكد مواصلة العمل من أجل حل قائم على أساس الشرعية الدولية وحدود 67، ليحصل شعبنا على دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين.
وشكر الرئيس نظيره الأميركي على الدعم الاقتصادي والسياسي الذي تقدمه أميركا للدولة الفلسطينية لتقف على قدميها، وإتاحة هذه الفرصة التاريخية لمتابعة الجهود التي تبذلها الادارة الاميركية لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. وقال "نعول على الجهود التي تبذلونها رغم مشاغلكم الدولية الكثيرة، من أجل الوصل إلى سلام في أقرب فرصة".
بدوره، قال أوباما: "سنتحدث خلال الاجتماع عن شيء نعمل من أجله منذ وقت طويل، والرئيس عباس يعمل عليه منذ وقت طويل، وهو كيفية إنجاز السلام الشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين". وأضاف 'أثني على الرئيس عباس وهو الشخص الذي نبذ العنف وسعى بثبات نحو حل دبلوماسي وسلمي يسمح لدولتين أن تعيشا جنبا إلى جنب بسلام وأمن، دولة تسمح بالكرامة والسيادة للشعب الفلسطيني ودولة تتيح للإسرائيليين الشعور بالأمن والسلام مع جيرانهم".
وتابع أنه من الواضح أنه هدف ليس بالهين، ولهذا السبب أخذ منا عقودا للوصول إلى النقطة التي نحن عليها الآن، لكننا نبقى على قناعة بأن هنالك فرصة وأعتقد أن كل شخص يفهم النتائج التي يمكن أن تظهر عليها صفقة السلام بما فيها تسوية على الأراضي بين الجانبين على أساس حدود 1967 مع تبادل متفق عليه على الأراضي، بحيث يمكن أن يضمن إسرائيل آمنة ويضمن أن يكون للفلسطينيين دولة ذات سيادة بحيث يستطيعون تحقيق الطموحات التي يسمون إليها منذ أمد بعيد.
وأوضح أوباما أن كيري يعمل بجد مع الجانبين، وكما قلت لنتنياهو عندما كان هنا قبل أسبوعين أعتقد أن الوقت الآن ليس تمسك قادة الجانبين بفرصة السلام فقط، إنما على الشعبين أن يفعلا ذلك أيضا، لكن علينا التعاطي مع العديد من التفاصيل التي يجب أن نناقشها، إنها صعبة وتحمل تحديات كثيرة ويجب أن نأخذ بعض القرارات السياسية الصعبة إذا أردنا التقدم في عملية السلام.
وقال "أملي أننا يمكن أن نرى التقدم في هذا المجال في الأيام والأسابيع المقبلة، وأود أن أشير إلى أن السلطة واصلت بناء مؤسسات قوية تحضيرا لليوم الذي يحصل فيه الفلسطينيون على دولتهم"، مؤكدا أهمية سيادة القانون والشفافية والإصلاح الفعال بحيث لا يكون للفلسطينيين دولتهم على الورق لكن الأهم أن تكون الدولة التي يستحقها الشعب الفلسطيني. وأضاف أن الولايات المتحدة كانت داعما قويا للسلطة الفلسطينية، وإننا أكبر داعم للمشاريع الإنسانية ونواصل عملية المساعدة في التنمية الاقتصادية والازدهار بالشعب الفلسطيني خاصة الشباب مثل الذين التقيتهم في رام الله.
وتابع اوباما "أتطلع إلى نقاشات مثمرة، وأواصل الأمل بأنك ورئيس الوزراء الإسرائيلي والأهم الشعب الفلسطيني والإسرائيلي أن يكونا على استعداد للتحرك باتجاه روح جديدة من التعاون والتفاهم".
ورحب أوباما بالرئيس عباس في المكتب البيضاوي، مشيرا إلى أنه قبل عام في مثل هذا الأسبوع كانت له فرصة زيارة الأرض الفلسطينية، وكان لي وقت رائع أمضيته في لقاء عدد واسع من المسؤولين وممثلي المجتمع المدني ورجال أعمال فلسطينيين بما في ذلك الشباب الواعد وأعتقد أن لديهم أملاً كبيراً في المستقبل.
وعُقد اجتماع موسع بين الرئيس عباس ونظيره الأميركي، وثم لقاء منفرد، واستكملت المحادثات على غداء عمل، انضم إليه، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، وعضو اللجنة المركزية لحركة 'فتح' محمد اشتية، والناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، ومستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، ومستشار الرئيس أكرم هنية، وسفير فلسطين في واشنطن معن عريقات.
وكشفت مصادر كبيرة ان الرئيس عباس رفض خلال بداية لقائه مع اوباما تمديد المفاوضات واعتبر ان الوقت ضيق ولا مجال لمزيد من المناورات (ليس لدينا وقت لنضيعه لأنه ضيق جدا)، خاصة أننا نعيش في الشرق الأوسط بظروف صعبة للغاية، ونأمل أن تستغل هذه الفرصة للوصول إلى سلام.
وفي اسرائيل، نقلت مصادر اسرائيلية عن مصادر في البيت الابيض ان الرئيس عباس طلب اطلاق سراح الاسير القائد مروان البرغوثي وامين عام الجبهة الشعبية احمد سعدات والاسير فؤاد شوبكي المتهم بسفينة "كارين الف" ومئات الاسرى الآخرين قبل الحديث عن اي تمديد للمفاوضات والا فان الخطوة الفلسطينية القادمة ستكون التوجه لمنظمات الامم المتحدة وبدء حرب دبلوماسية ضد اسرائيل.
تلفزيون اسرائيل القناة العاشرة قال: "ان جون كيري لديه الكثير من العمل والزيارات للمنطقة وان الأمور ليست سهلة وان ابو مازن رفض أمام اوباما الاعتراف بدولة يهودية لاسرائيل ورفض مطالب نتنياهو".
وأشاد الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس بالرئيس عباس وقال "انه شريك حقيقي للسلام". وخلال لقائه ناشطة حقوق الانسان روز مابندو امس، شدد بيريس على ان الرئيس عباس رجل مبدأ ويرفض العنف والارهاب، وقال "نحن في مرحلة حرجة من المفاوضات ويجب ان نعمل كل شيء نستطيعه لضمان استمراريتها"، وأضاف "هناك أغلبية واضحة مع الاتفاق على حل الدولتين". وقال بيريس "يجب ان نواصل العمل مع السلطة الفلسطينية، وابو مازن شريك جيد وانا مسرور لأن حكومتنا تفاوضه".
أما الوزير السابق دان ميريدور (ليكود) فقد سخر من المطالبة بالاعتراف بـ"يهودية الدولة" وقال "المطالبة بالاعتراف باسرائيل كدولة يهودية من الأخطاء الكوميدية". واضاف "ان الجدل يجب ان ينصب حول البناء في مناطق لن نبقى فيها".
أما وزير المواصلات الإسرائيلى يسرائيل كاتس، فشدد على ضرورة رفض أي مطلب فلسطيني محتمل بالإفراج عن النائب الأسير مروان البرغوثي، فى إطار استحقاقات العملية التفاوضية.
ونقل موقع "جيروزاليم بوست"، عن كاتس قوله إن البرغوثى يتحمل العمليات الانتحارية التي نفذها فلسطينيون بين الإسرائيليين في فترة الانتفاضة الثانية، وعليه يجب إبقاؤه فى السجن حتى آخر أيامه.
وقال " ان على اسرائيل ان ترد (على طلب الرئيس عباس بالافراج عن الأسرى) بكلمة واحدة وهي: لا". وقال كاتس انه سيعمل لمنع اطلاق سراح مزيد من الأسرى وخاصة البرغوثي. واضاف "كان خطأ اطلاق سراح قتلة (أسرى) قبل اوسلو من اجل العودة الى المحادثات، وسيكون افلاس اخلاقي اطلاق سراح البرغوثي وأصدقائه من أجل استمرار المحادثات".
من جانبه، دعا نائب وزير التعليم آفي وورتزمان، رئيس الوزراء الى عقد جلسة تصويت في الحكومة قبل الافراج عن الدفعة الرابعة من الاسرى والتي من المقرر ان يتم اطلاق سراحهم في 28 الجاري. وقال "ان بعض الاشارات توحي الى عدم احراز تقدم مع الفلسطينيين بل زاد الارهاب". واعتبر ان الدفعة الرابعة من الاسرى أخطر من سابقاتها لانها تضمن أسرى من الداخل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها