تحقيق/ مصطفى ابو حرب

فتح ميديا/ لبنان، أربع سنوات ويزيد مرت على مأساة مخيم نهر البارد والوضع يزداد سوءا، فالإعمار يسير بطيئاً. ولم يعد الى المخيم القديم سوى 350 عائلة من اصل 6000عائلة، والاغلاق التام للمخيم يخنق الناس وتحديداً التجار الذين فقدوا جنى العمر ولم يستفيدوا من اي تعويضات. والاسوأ حالاً هم اهالي قطاع A او ما كان يعرف بحي جنين سابقا، فحتى الآن لم يسمح لهم بالعودة الى بيوتهم المهدمة ولم يستفيدوا من اي تقديمات من اي جهة، لكون بيوتهم تقع في منطقة تعتبر منطقة عسكرية، كغيرها من المناطق التي تبقى مجهولة المصير.المنزل...

 

لمن استطاع إليه سبيلا

رندة بدر وأسرتها، واحدة من عائلات مخيم نهر البارد التي لم يحدد مصيرها بعد. رندة التي تعيش في منزل مستأجر وزوجها وأبنائها الأربعة، تصف المكان بحرقة بأنه "غير لائق حتى للحيوانات"، ولكن ما يُصبِّرها على واقعها المرير هذا، هو بقايا أمل من وعود قطعتها الحكومة اللبنانية والاونروا بعودتهم الى بيوتهم بكرامة.

بيوت رغم شدّة قربهم منها تبدو بعيدة جدا بالنسبة لهم، "لا استطيع ان اصف مشاعري كلما مررت من قرب بيتي وانا انظر اليه من خلال الأسلاك الشائكة مدمرا.. كل من يمرون بالقرب من منازلهم ترى في عيونهم الدمع وتقرأ في ملامحهم الهمّ والحسرة لعجزهم عن الدخول اليها".

رغم هذا الواقع، تأمل رندة ان تشعر بفرحة جيرانها الذين تمكنوا من العودة الى منازلهم راضين مرضيّين، وتصرّ على التكمّش ببصيص من الأمل بأن إعادة الإعمار ستتم، وبأن العودة الى منزلها ستتحقق، وبأن ابنها الذي اضطر لهجر مدرسته لبعدها عن منزلهم المستأجر سيستأنف دراسته من خلال تأمين مصاريف نقلياته.

يشرح محمد السيد من سكان قطاع (A1) أو حي "جنين" سابقا عذابات خمس واربعين عائلة منذ اربع سنوات وثمانية اشهر، أي منذ تدمير مخيم نهر البارد وتركهم لبيوتهم، بسبب الحرب التي جرت بين الجيش اللبناني وجماعة "فتح الاسلام" في المخيم، استجابة لنداء الدولة اللبنانية بلسان رئيس الوزراء الاسبق فؤاد  السنيورة "الخروج مؤقت والعودة مؤكدة واعادة الاعمار محتمة". هذا الوعد وغيره من الوعود ووعد بأن المخيم سيعود كما كان، تدفع السيد بالشك حول امكانية ذلك، وتحديدا فيما يتعلق بحيّه أو بالقطاع (A1)، الذي للآن يعدّ معتقلاً وبيوته تتداعى وتسوء حالتها بسبب عوامل الطقس لأنها بدون ترميم، بحسب ما قاله الرجل.

ويستطرد السيد "كل الاحياء المحاذية لمخيم نهر البارد سُلِّمت لاصحابها وعاد اهلها اليها، وقاموا بترميمها والاستقرار فيها ولم يطلب منهم اي مستندات ملكية. أما نحن فقد طرقنا ابوابا كثيرة، ومنها الجيش اللبناني نفسه، ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، والاونروا، وحتى منظمة التحرير الفلسطينية وفعاليات لبنانية وفلسطينية، ولكن لم نمنح ولا حتى جوابا واحدا  واضحا يطمئن الفؤاد ويريح النفس"، مسترسلا "قدمنا لأولي الامر مستندات الملكية (صور عن سندات التمليك وكالات كاتب العدل) ولم نلق سوى التسويف والمماطلة والوعود البراقة بتاريخ 12 نيسان 2011 أصدرت لجنة الحوار قرارا بتسليم الحي الى اهله وللآن لم نستلم والحي لم نعد اليه".

 

الإصرار على العودة الى جنين

ويقول الرجل "إننا نُصرُّ على استلام بيوتنا والعودة الى حينا لان ذلك هو طريق العودة الى بلادنا فلسطين، ونناشد اولي الامر واصحاب القرار في الدولة اللبنانية وخاصة الرئيس نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جان قهوجي اصدار الاوامر للمعنيين لتسليمنا بيوتنا وانهاء مأساتنا. كما ندعو رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني عبد المجيد قصير ان ينظر الـى مسألة قطاع(A1)  والعمل الجاد لتسليم الحي الى اصحابه وتسهيل عودة اهله اليه".

 

لا مبرر لبطء الإعمار

من جهته، يرى أمين سر اللجنة الشعبية في المخيم جمال ابو حسين أنه "بعد خمس سنوات على مأساة مخيم البارد لا زال هناك جدل قائم وكل يوم هناك شيء جديد  وتحديدا بخصوص حي جنين أو المسمى قطاع (A1) حاليا، فأحياناً يقولون لنا ان الجيش يريد هذا العقار وبأن الحكومة تريد ان تتملكه. وفي المدة الاخيرة وعدنا الاخوة في الجيش خيراً وقالوا لنا بأن هذه المنطقة هم ليسوا بحاجة لها والقرار عند الحكومة اللبنانية لذلك نحن في اللجنة الشعبية وجهنا رسالة للقيادة الفلسطينية في لبنان كي تتابع موضوع مخيم نهر البارد بشكل عام وليس قطاع (A1) فقط لأن هناك عدة عقارات عالقة مثل ارض الملعب وارض المهجرين والعقار 39".

ويشير أبو حسين الى "اننا قمنا بتسلم صور عن صكوك الملكية لاصحاب قطاع (A1) برايم (حي جنين) ولكن ايضاً لم يلتفت احد لما يعانيه اصحاب هذه العقارات من تشرد وعذاب ولا احد يؤكد او ينفي ملكية هذا العقار وبذلك يبقى اكثر من 1000 نسمة مهجرين لا يعرفون  متى يعودون الى منازلهم المهدمة كي يعيدوا بناءها".

اما بخصوص الهبة الايطالية  فقال امين سر اللجنة الشعبية ان هناك حوالي 465 منزلا تم التوافق عليها من قبل لجنة الملف من اجل اعطائهم ما تبقى من اموال الهبة الايطالية، موضحا "قمنا بإجراء مسح للمنازل التي سوف يشملها هذا المبلغ والتي شملت 465 منزلا اخذنا من كل القطاعات الخمسة الموجودة في المخيم يعني الحد الادنى 65 منزلا والحد الاقصى 101 منزلا الموضوع قيد المتابعة وهناك امل ان يتم التوسع في التقديمات الايطالية لان هذا المبلغ لن يشمل كل اهالي المخيم ولكنه ما تبقى من الهبة الايطالية والمبلغ حوالي مليوني يورو وحاولنا جاهدين ان نتصرف بهذا المبلغ بطريقة ترضي الجميع".

 

أموال إعادة الإعمار رهينة الاعتقال

اما بالنسبة للتأخير في اعادة الاعمار يوضح "هناك اكثر من مسألة اولاً لا يوجد مبرر للبطء بالاعمار ولكن باعتقادي السبب لا يعود الى عدم وجود تمويل ولكن ربما يعود ايضا الى التوافق بين الاونروا والجهات الاخرى لإطالة عملية الاعمار والدليل على ذلك ان اموال الرزمة الثالثة مرصودة منذ اكثر من سنة وحتى الآن لماذا لم يبدأ الاعمار فيها. ولكنها لزمت منذ فترة قريبة  والملتزم من شهر 8 وكل شهر يقول سوف نبدأ الشهر القادم ولكن الاونروا هي من تتحمل كامل المسؤولية، ونحن كمسؤولين فلسطينيين في المجتمع المحلي وفصائل العمل الوطني في لبنان يجب علينا المتابعة والضغط على الجهات المعنية مثل الحكومة والاونروا".

وعن العائلات التي عادت الى المخيم القديم فمجموعهم 350 عائلة، حياتهم عادية بالرغم من وجود مشاكل في المنازل الجديدة التي سكنوها تتعلق بالاعمار وتتعلق بموضوع الصيانة، بحسب ما قال. ويردف "يوجد ملاحظات كثيرة عليها على الصعيد الفني مثلا هناك العديد من المنازل لا تستطيع الوصول اليها اذا امطرت لان الشوارع غير معبدة وتتحول الى مستنقعات وأوحال، ونحن نحاول جاهدين ان لا تكون الرزمة الثانية بالسلبيات الموجودة في الرزمة الأولى"، مشيرا الى أنه من الضروري ان يكون هناك تحركات مطلبية كي تسمع الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش واركان سفارة فلسطين في لبنان صوت المظلومين من أهالي مخيم البارد.

 

لن يضيع حق وراءه مطالب

بعد خمس سنوات، يشعر التاجر ابو علي موعد بأن الامور تتراجع الى الوراء بما يخص وضعه وباقي التجار لجهة التعويضات والعمل التجاري بعد ان كانت أكثر من 75% من التجارة كانت تركز في اسواق المخيم القديم، رادّا ذلك الى حالة الاغلاق الامني للمخيم واعتباره منطقة عسكرية وازدياد سوء الوضع المادي للعوائل الفلسطينية من ابناء مخيم البارد. الأمر الذي أسفر عن لجوء عدد كبير من اصحاب المحال التجارية  للمبادرة وفتح متاجرهم بالدين متأملين بازدهار السوق التجاري في مخيم نهر البارد وكخطوة لعودتهم الى متاجرهم في المخيم القديم بعد اعادة الاعمار، الا ان سوء الاوضاع المادية لاهالي المخيم وتأخير التعويضات والتأخير في اعادة الاعمار للمخيم القديم دفع بهؤلاء التجار الى اغلاق متاجرهم بسبب الخسارة الكبيرة التي منيوا بها جراء سوء الاوضاع الاقتصادية ودفع ايجارات عالية لهذه لمحالهم.

وعن حجم الخسارة التي مني بها تجار مخيم البارد البالغ عددهم 1512 تاجرا، يشير موعد الى انها قدرت ابان انتهاء الحرب بما قيمته 100 مليون دولار بسبب عدم التعويض  على التجار من قبل الجهات المختصة فإن قيمة الخسارة قد ارتفعت بسبب تراكم الفوائد منذ خمس سنوات، مُحمِّلا المسؤولية في عدم التعويض على تجار مخيم نهر البارد وعدم معاملتهم اسوة بتجار الجوار اللبناني الذين تم التعويض عليهم بعد انتهاء الحرب،  للحكومة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية، مطالبا بإنصافهم والتعويض عليهم اسوة بالتجار اللبنانيين. كما أكد ابو علي ان التجار سوف يستمرون في طرق ابواب كل المسؤولين والقيام باعتصامات سلمية للمطالبة بحقهم الذي فقد بين ليلة وضحاها دون ما ذنب اقترفوه ولن يضيع حق وراءه مطالب.

 

إعمار المخيم هو خطوة نحو العودة الى فلسطين

من جهته، يرى مروان عبدالعال أنه على الرغم من كل المعوقات والشكوك التي سادت الأجواء قبيل الشروع بإعادة الاعمار، ورغم إنجاز العديد من الخطوات باتجاه إعادة الإعمار التامّة، إلا أن المشوار المتبقي أمام إنجازه طويل وصعب وليس مستحيلا خصوصا عندما يتم فتح الطريق أمام خطوات مقبلة.

  أما فيما يتعلّق بالشكوك حول عدم إعادة إعمار مخيم نهر البارد بالكامل على غرار ما حصل لمخيمات أخرى بحيث تمّ مسحها عن بكرة أبيها كمخيم النبطية وغيره، يعتبر عبدالعال إنه لا يمكن اخذ المسألة وقياسها على ما جرى في مخيم النبطية فالحيثيات تختلف تماماً، إذ كان يقال انه لا يوجد مخيم  يعاد اعماره، إلا أن مخيم البارد أصبح  أنموذجا يمكن الانطلاق منه لأمور اخرى لاحقا. وذلك بسسب نظرتنا الى الوجود الفلسطيني في لبنان والمتمثلة بضرورة حصر هذا الوجود وعدم تشرذمه حفاظا على وجود الهوية الفلسطينية، ولانه يمثل قضية اللاجئين وقضية فلسطين. وبالتالي التمسك بإعمار المخيم هو خطوة نحو العودة الى فلسطين.

وعن موضوع مسيرة إعادة الإعمار للرزم يقول إنه لا يمكن ولا نريد ولا نقبل لاحد ان يأخذ من عامل الوقت الزمني للرزمة الاولى مقياسا زمنيا لاعمار باقي الرزم، لأن البدء بالخطوة الاولى تطلب تحضيرا ودراسة مطوّلتين، كما ووجه بعدّة معوّقات إجرائية وقانونية ومالية وغيرها، وجرى الاستفادة منها وسيتم الاستفادة منها فيما بعد. ويرى "اننا الآن امام انجاز الاعمار في الرزمة الثالثة التي اوشكت على الانتهاء، وبدء إعطاء مشروع الرزمة الثانية. والمسألة الايجابية الأخرى أن المال المتوفر يكفي لأكثر من نصف الرزمة الرابعة. واليوم لا يتم اعطاء الرزمة كاملة للشركة وانما تعطى قطاعات لمقاولين وهذا عامل جيد. بالاضافة الى انه لا يمكن البدء بإعمار بدون وجود مخطط كامل وموافقة كاملة من الاهالي"، متابعا "في الرزمة الاولى، كثير من الناس الذين وقعوا على بيوتهم على الخرائط، كانوا يعتقدون ان هذا الامر لن يتحقق وان المخيم لن يتم اعماره ولكن اليوم وبعد ان تحقق الاعمار بدأت تظهر الطعون والاونروا لا تستطيع ان تعطي التصميم الا حتى الانتهاء من موافقة الاهالي".

ويشرح عبدالعال أن "المخيم يعمر الآن وفق القانون وفي نطاق القانون، ولا احد منا يحب الفوضى والفلسطيني يريد ان يكون تحت القانون وليس فوق القانون"، مستدركا "هناك سياسيات اتبعت ضد الفلسطيني لدفعه دائماً خارج القانون حتى الدول المانحة التي تدفع الاموال للاعمار لا تدفع الا في اطار القانون ولا يدفعون اموالا لاعمار بيت غير قانوني.

لا يوجد شيء سياسي متعلق بهذه المسألة هناك شيء فني وقانوني مثال مسجد فلسطين المبني على الشارع قرب المقبرة القديمة فنحن يجب ان نسأل كيف تم اعماره وعلى ملكية من، فهو غير قانوني. فإذا اردنا ان ننقله الى داخل المخيم فهناك عدد من البيوت سوف تطير فهناك حلول فنية وقانونية للمسألة"، شارحا مسائل أخرى لها علاقة بتوافر المكان وملكية الأراضي وسيادة الدولة اللبنانية وغيرها.

 

دوّامة القوانين اللبنانية

كما يعترف عبدالعال أن "هناك مشكلة كبيرة نعمل على حلها وهي قضية العقار 39 وهناك دول رصدت مبلغا من المال يمكن ان يعمر هذه المنطقة ولكن لا يمكن  تقديم اذن العمار للحكومة والمخطط التوجيهي الا بعد التأكد من ان تكون الاراضي ليس عليها اي إشكال قانوني، وهذه عقبة القانون اللبناني اليوم انك تستطيع تسجيل هذه الارض باسم اي كان الا باسم فلسطيني فكيف سوف اضمن ملكية الناس الذين اشتروا الاراضي وبيوتهم دمرت تدميرا كاملا ولكن لم يسجل لهم القانون لانهم فلسطينيون وهم اشتروا بيوتهم؟"، مطمئنا في الوقت عينه بأن العمل على حلِّ هذا الموضوع جار على قدم وساق لضمان حق الناس والميراث ولإعادة الإعمار، الأمر الذي سيُحدِث تأخيرا. ولكن أن نتأخر سنوات ضامنين حق الناس في اعمار بيوتهم وحق اولادهم فيها خير من ان نستعجل ونخسر هذا الحق.

ويسرد عبدالعال تفاصيل أخرى عن باقي الأحياء والقطاعات في المخيم، فبالنسبة لحي المهجرين، وافقت الحكومة اللبنانية على اعماره في آخر جلسة لها ووافقت على هذا الاستثناء مشكورة ولو علم الناس ما جرى قبله ولو وصل الموضوع الى مجلس النواب ما كانت تمت الموافقة على اعمار مخيم المهجرين، وهذا يُسجّل كإنجاز لنا. وبخصوص حي جنين ((A1)) فالسفير عبدالله عبدالله وفي زيارته الوداعية لقائد الجيش تحدث معه بهذا الخصوص، الأمر الذي دفع الأخير لإجراء اتصالاته، مردفا "التقيت بقائد الاركان بخصوص هذا الموضوع وانا على اتصال ايضاً مع فريق نهر البارد بما فيه الفريق الامني بالحكومة اللبنانية، كون هناك حديث عن تملك الجيش لهذا القطاع". وأعرب عبدالعال عن تأييده للسيادة اللبنانية، متحفظا على مبدأ أن يكون الجيش يستملك هذا القطاع لاسباب تتعلق بالمسائل الامنية او غيرها، معلنا في الوقت عينه "ليس لدينا مانع ولكن نريد التعويض على الناس وايجاد قطعة أرض بديلة  مساوية وصالحة للبناء عليها، وهذا مطلب الاونروا ايضاً لانها مسؤولة عن الفلسطينيين. فلا خيار آخر طالما أن الفلسطيني أصلا ممنوع من تملك شقة خارج المخيم. هكذا اذا، يترك اهالي حي (A1)  في مهب الريح".

 

نحن لسنا شعبا متسوِّلا

تمّ البدء بالاعمار في المخيم القديم بعد تملكه، كما حصل في حيّ المهجرين. ويتبقى العمل على العقار 39 وبعدها ارض صامد التابعة لمنظمة التحرير ولكنها تحت سيطرة الجيش، ومن هنا يتابع عبدالعال "على الجيش ان يقول لنا ما هي الارض البديلة، ونحن نعرف ماذا نريد من كل خطوة من الخطوات. ودون ضجيج ولا خطابة نحن شعب صنع حقيقة غير قابلة للإلغاء، ونحن شعب لن يتحول الى متسول ولا الى ارهابي".

واما بالنسبة للذين عادوا الى بيوتهم في الرزمة الاولى وما يشاع عن قطع الاغاثة عنهم، يوضح أن الدول المانحة تريد تقريرا حول اوضاعهم كون هذه الاخيرة تعتبر أن مشاكل الناس انتهت فور خروجهم من البركسات المؤقتة وعودتهم الى منازلهم، أو فور تأمين المحال لأصحاب الأعمال التجارية. وبناء عليه، سيتم إعداد التقرير الذي سيقطع الشكّ باليقين إن كان هؤلاء مازالوا يحتاجون الى إعاشة أم لا، مطمئنا أن ليس لهذا الموضوع اي علاقة مع الاونروا، وأنه فقط لإعادة التأكيد على ان المخيم في حالة طوارىء، للتمكن من الحصول على أموال جديدة.

 

حالة الطوارىء الى زوال

يستنكر عبدالعال إبقاء المخيم في دائرة الاستهداف الاقتصادي، مطالبا بفتح المخيم وضبطه أمنيا كي لا تتكرر أي تجربة سيئة فيه، مع إعادة دوره الاقتصادي والاجتماعي التي كان يتمتع بها، مشددا على أهمية اعادة الهوية الفلسطينية التي يحاول البعض نزعها عن وجه الانسان الفلسطيني وعن روحه، وليس فقط إعادة اعمار مخيم نهر البارد، مشيدا بضرورة اقتناع الجميع بأن حالة الطوارىء السائدة مؤقتة ومصيرها أن تزول.

وفيما يخصّ موضوع الهبة الايطالية، يشير عبدالعال الى "اننا عملنا بها بحكمة عالية وعملنا كي نكون فيها شركاء، وحقيقة استطعنا ان نفرض الشراكة وهذا بفضل المرحوم الشهيد كمال مدحت وتم تشكيل لجنة من البرايمات. وحددت المنطقة المستهدفة والمبلغ الذي رصد 5 مليون يورو، وقد تمّ إحصاء الخسائر من قبل الجهة المعتمدة من الحكومة اللبنانية وهي شركة خطيب وعلمي وهي التي سجلت ومسحت كل الخسائر في المنطقة المستهدفة قبل عودتنا الى المخيم"، مضيفا "سعينا كثيرا حتى تمكنا من الحصول على أذونات تسمح للعوائل ترميم بيوتها ضمن آلية معروفة. كما أخذ بعين الاعتبار إضافة المنازل التي دمرت بعد المسح الذي قامت به الشركة، وتصحيح الخطأ التي ارتكبت في إحصاء عدد طبقات البيوت التي دمرت. ويشار بالمناسبة أن هناك قانونا عند الدولة يقول ان أي شخص تمّت مساعدته من قبل جهات اخرى يجري الحسم عليه، وهذا المبلغ يضاف الى حساب الهبة الايطالية في صندوق المهجرين ويتم توفيره لاشخاص آخرين لتوسيع دائرة العطاء"، مستطردا "هناك اموال جاءت من اليونان، واليونانيون يريدون ان تصرف الهبة على الآبار والبنى التحتية ولا يمكن صرف هذه الاموال في اماكن اخرى وهذا كله يصب في خدمة المخيم".

وبخصوص التعويض، يرى عبدالعال أن "موضوع التعويض مرتبط بالمستوى الرسمي ونحن بحاجة الى اطلاق نداء جديد ثان (فيينا 2) لاستكمال المبالغ واستكمال الاعمار. ونحن نطالب ان يكون لنا حق مثل اللبناني في التعويضات والجهات اللبنانية تقول انه واجب الاونروا ونحن تحدثنا مع الاونروا وتحديدا السيد فليبو غراندي، ولفت نظر الرئيس ابو مازن لهذا الموضوع. ولقد علمت ان هناك دعوة سوف تطلق من الرئيس ابو مازن والحكومة اللبنانية والاونروا لاطلاق نداء جديد بهدف اعادة الاعمار من جانب، وآخر اسمه اعادة الحياة للمخيم وهي التعويض". ويذكر في هذا السياق أن الهبة الايطالية ليست تعويضا وانما هي اسكان لانها تدفع على مرحلتين 60% للاعمار و40% بعد الانتهاء منه وهذا ما نريده لتثبيت ابناء المخيمات ومنع التهجير".

 

المخيم الى أين؟

ويختم عبد العال كلامه بالحديث عن نقل ملف البارد، الذي اصبح له جناحان لجهة الجانب الفني والتقني والسياسي والدبلوماسي، الى السفارة الفلسطينية وطاقم تشغيل، شارحا أن الادارة الخاصة به لم تعد محصورة بالقيادة الاولى للفصائل، لأن الثقة اصبحت موجودة بالقيادة الميدانية في المخيم كونهم على الأرض ويملكون المعطيات.

ويعتبر أن مسألة إعادة بناء اللجنة الشعبية امر غاية في الأهمية، وفعلا بدأت لجان احياء تتشكل عبر انتخابات نتيجة الفراغ الموجود، وذلك لضرورة العمل على توحيد القاعدة الجماهيرية الفلسطينية في اطار الهوية الفلسطينية. ويشير الى أن هذا هو البناء العام الذي نحن نحتاج له في الوقت الراهن لتيسير وحلّ أمور الناس العالقة وشؤون حياتهم اليومية المتعلقة بالحواجز والتصاريح وغيرها من العناوين التي تنغّص عليهم، طارحا مجموعة من التساؤلات حول مصير مخيم نهر البارد وسكانه، ومتى سيتغيّر واقع  المخيم عما هو عليه حاليا. تساؤلات باتت الآن برسم المعنيين لتقديم إجابات واضحة وصريحة عليها، علّها تطوي صفحة آلام آن لها أن تطوى نهائيا.