بجراحة نوعية ومعقدة وسط ظروف صحية سيئة، نجح جرّاح عراقي في تجديد الفرحة بقلب الطفلة مريم صباح (9 سنوات) وسط قطاع غزة، عبر إعادة توصيل يدها المبتورة والتي عُثِر عليها بصعوبة تحت الركام بعد ثلاثة أيام من القصف الإسرائيلي العنيف.
عناية الله التي حفظت اليد المبتورة تحت الركام، مكّنت الطبيب العراقي استشاري جراحة الأعصاب الطرفية، محمد الطاهر من مؤسسة "فجر سينتيفيك"، من إعادة توصيلها في جراحة نوعية ومعقدة استمرت ساعات رغم ضعف الإمكانيات الطبية في القطاع.
وقال الطاهر في تسجيل مصوّر: إنه "وصل إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع إصابات كثيرة جراء سلسلة غارات شنتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي على المنطقة".
وأضاف الجراح العراقي: إنه "خلال تفقده لقسم الاستقبال والطوارئ، وجد طفلة بعمر (9 سنوات) بُترت يدها وأصيبت بشكل شديد في المعدة، فسارع بسؤال والدها عن مكان الطرف (اليد المبتورة)"، ليخبره الأب أنه بقي تحت الركام.
وتابع الطاهر: "سألتهم هل يمكنكم إحضار الطرف لي"، مضيفًا: أن الوالد "استغرب وقال: سنحاول".
بعد فترة، استطاعت عائلة الطفلة إحضار الطرف المبتور حيث أجرى له الجراح العراقي عملية تشريح ليجده قابلاً لإعادة التوصيل.
وحول ذلك قال الجراح: "الطقس كان شديد البرودة، وكانت اليد باردة، وعندما شرّحتها وجدتها مهيّئة للتوصيل من جديد".
ورغم نجاح العملية التي استغرقت ساعات، إلا أن هناك مخاوف من إصابة الطرف بالتهابات، خاصة في ظل تلوثه بمواد كيماوية جراء انفجار الصاروخ، بحسب ما أشار إليه الجراح.
وخلال الأيام السابقة، شهد قطاع غزة غارات إسرائيلية مكثفة على أنحاء مختلفة، ما أسفر عن وقوع مجازر راح ضحيتها عشرات الشهداء والمصابين.
وتزامنت تلك الغارات، مع أجواء شديدة البرودة وموجات صقيع وأمطار غزيرة ضربت القطاع، ما تسبب بوفاة عدد من المواطنين، خاصة الأطفال، وغرق وانجراف مئات خيام النازحين.
وحتى الاثنين، توفي ثمانية مواطنين، منهم سبعة أطفال، جراء البرد الشديد وموجات الصقيع، بحسب مصادر طبية.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الجراح العراقي الطاهر عمل على مدار خمسة أشهر خلال حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة بدون "كلل أو ملل" لإنقاذ الجرحى.
وتابعت: "اختتم عملياته بعملية نوعية أعاد خلالها يد طفلة إلى الحياة عقب بترها بسبب قصف الاحتلال لمنزلها".
وقال الجرّاح العراقي: إنه "شهد العديد من الحالات الصعبة خلال عمله بشمال قطاع غزة، والتي كان من الممكن إنقاذها، لكنها فقدت أرواحها إما بسبب نقص في الكادر الطبي المتخصص، أو العلاج والمستهلكات الطبية".
وأشار الطاهر إلى أن ما تبقى من مرافق صحية في شمال غزة "تفتقد للحد الأدنى من الأدوات والمستلزمات الجراحية".
ودعا الكوادر الطبية ذات التخصصات الجراحية المختلفة حول العالم للقدوم إلى القطاع، في سبيل إنقاذ حياة الجرحى.
كما ناشد المؤسسات الدولية والأممية بالعمل على إدخال المستلزمات الطبية لإنقاذ الجرحى.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ما أسفر حتى اليوم عن استشهاد 45,854 ألف مواطن، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 109,139 ألف آخرين. ولا تزال هذه الأرقام مرشحة للارتفاع بسبب وجود آلاف الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والإنقاذ عن الوصول إليهم بسبب شدة القصف واستمرار العدوان.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها