ترى متى يمكن لحركة حماس أن تفهم، وعلى نحو حاسم، أن تجاوز الشرعية الفلسطينية في كل ما يتعلق بشؤون القضية الفلسطينية، ومستقبل هذه الشؤون على اختلاف مسمياتها ومستوياتها، يظل أمرًا إن لم يكن مستحيلاً، فهو الصعب الذي لا يخلف سوى الخيبة والفشل. متى تفهم ذلك، وتخرج من شرنقة المكابرة والنكران، لتهبط على أرض الواقع والحقيقة، لترى أن إسرائيل الحرب والعدوان لم تغادر قط يوم السابع من أكتوبر عام 2023، ما زالت هناك، بذات الهجوم الوحشي المدمر، وما زال قطاع غزة كذلك عند ذاك اليوم، وقد بات بالنسبة لأهله أطول يوم في التاريخ، وبأوقات لا شيء فيها غير القصف والقتل والتدمير، وعلى نحو تدويرها نهارًا وليلاً على نفس المنوال، سوى أن النهار أحيانًا، بحث للنازحين عن لقمة خبز، وشربة ماء، وضماد جرح، وملاذ أمن، لكن ليل هذا اليوم هو ذاته، ليل بلا نوم، ولا أغطية سهر ممكنة، ومع برد الشتاء أطفال يرتجفون من البرد ارتجاف سعف النخيل، في مهب الريح، و"الطوفان" لا يغادر القطاع، يدور في شوارعه وحاراته المدمرة، وبيوته المحطمة، لا يسقط طائرة، ولا يوقف دبابة، ولا يستطيع حتى أن يلملم جثامين الضحايا الشهداء، من بين الركام، ومن تحت الأنقاض وبعض الجثامين نهشتها الكلاب السائبة.
على حماس أن تحدق بهذا المشهد، بمسؤولية أخلاقية أولاً، وتخرج من دائرة أوهامها التي أطاحت بمطالبها في مفاوضات الصفقة، واحدًا تلو الآخر، حتى باتت على مطلب واحد، أن تبقى في سدة الحكم في القطاع المنكوب، حتى مع وجود جيش الاحتلال. ووداعًا لكل ما جاء في خطابات الضيف، وهنية، عن تحرير الأقصى، وفلسطين، ونهاية عهد قصف بغداد ودمشق.
وأيضًا متى يمكن لحركة الجهاد الإسلامي، أن تدرك بلاغة حقيقة الشرعية الفلسطينية، واستحالة تجاوزها، لعلها حينها تخلع رداء طهران، وتتخلص من هذيانات محورها الذي انهار بصورة مأساوية مفجعة.
ولن نسأل فضائية "الجزيرة" هذا السؤال، لها أن تواصل خطاب الفتنة والضلال، الذي يحاول إبقاء شعلة الخديعة متوقدة، بمواصلة ترويجها لخطابات المحور المنهار، التي باتت شديدة البؤس والمهزلة معًا. لن نسألها توازنًا بأخلاقياتها المهنية، في تعاطيها مع الشرعية الفلسطينية، فنحن أدرى بحقيقتها الإخونجية المأزومة، والأهم نحن من المؤمنين بهذه الحقيقة "فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" لهذه الفضائية أن تواصل الزبد سيظل هذا شأنها وهذه صفحتها فلتملأها بما تريد.
وأخيرًا لن نسأل طهران كذلك أن تكف عن مواصلة تمويلها للعبث، الذي تريده أن يصيب الحال الفلسطينية، والعربية معًا، لها اليوم أشواك عديدة في جسد نظامها عليها أن تنشغل في قلع هذه الأشواك بيدها قبل أن تصيبها في مقتل، فتلحق بضاحية بيروت الجنوبية، وبانكسارها البليغ في دمشق، والخسارات تستجلب الخسارات، فهل من عاقل هناك يدرك ذلك؟.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها