اقتربت الذكرى العشرون لاستشهاد شمس الشهداء زعيم الثوار وملهم الأحرار الشهيد الرمز القائد ياسر عرفات "أبو عمار"، أحد أهم الرموز النضالية الفلسطينية وأحد أهم فرسان كفاح الشعب الفلسطيني من أجل نيل حريته وكرامته، فقد ترك رحيل الشهيد الرمز "أبو عمار" غصة كبيرة وحزن لا يوصف في قلوب أبناء الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وفي قلوب الأحرار والثوار في العالم أجمع، وكان "أبو عمار" ذلك الفدائي العنيد والإنسان البسيط والرجل الحازم في مواقفه الثابتة، وكان ملهمًا بأفكاره وكلماته وأفعاله للأجيال التي قال إنها ستواصل مسيرة النضال من أجل الحرية، وسترفع علم فلسطين فوق مآذن وكنائس القدس وأسوارها.

نعم إن ياسر عرفات "أبو عمار" هو أبرز القادة الفلسطينيين الذين كان لهم دورًا محوريًا في النضال الطويل للشعب الفلسطيني وكرس حياته فدائيًا مقاتلاً مكفاحًا ضد المحتل الإسرائيلي، من أجل تحرير وطنه وتحقيق أماني شعبه بالحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.

ومن أجل هذه الغاية والفكرة قام "أبو عمار" مع ثلة من الشباب الفلسطيني المتحمس الناقم على الوضع العربي المتردي، بتأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي كانت من أوائل الحركات الفلسطينية المسلحة والتي جاءت لتؤكد أن الكفاح المسلح هو وسيلة أساسية للنصر والتحرير، وأعلن انطلاقتها عام 65 بعملية نفق عيلبون، تلك العملية التي أعادت الهوية الوطنية للثورة الفلسطينية وأعادت فلسطين للخارطة الدولية، وبعد ذلك قاد ياسر عرفات الثورة الفلسطينية عندما
انتخب في عام 1969 رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأصبح "أبو عمار" رمزًا للقضية الفلسطينية، حيث قاد الحركة الوطنية الفلسطينية لتمثيل الشعب الفلسطيني في الخارج وتمكن من انتزاع الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية وبالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وسعى ياسر عرفات بمشواره النضالي الطويل لجمع فصائل الثورة الفلسطينية المختلفة "الأيديولوجيات والسياسات والأفكار" تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية لأنه كان يؤمن أن الوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى في مواجهة كافة التحديات والمخاطر التي تواجه القضية الفلسطينية.

وقدم ياسر عرفات العطاء السياسي والمعنوي والعسكري لفصائل الثورة الفلسطينية في نضالها ضد الاحتلال الإسرائيلي الغاصب خارج فلسطين كما وعزز من روح النضال والكفاح والصمود لشعبه داخل أرضه المحتلة، محطات كفاحية وأفكار نضالية ومعارك هامة وجوانب كثيرة من حياته لا نستطيع أن نذكرها في هذه المقالة لكني متأكد أن الأجيال الفلسطينية المتعاقبة، تعرف أن ياسر عرفات كان قائد معركة الكرامة في الأردن التي هزم فيها الجيش الإسرائيلي (الجيش الذي لا يقهر) وأعاد الكرامة للأمة العربية بعد نكسة حزيران 1967 وهزيمة الجيوش العربية، ومزج ياسر عرفات بدهائه العسكري والسياسي وقدرته بين السياسة والدبلوماسية والكفاح المسلح حيث قاد عدة حروب وعدد كبير من عمليات العسكرية ضد إسرائيل، وفي نفس الوقت كان يسعى للسلام العادل الذي يعيد الحقوق الفلسطينية، وأنه كان يعتقد أن النضال السياسي والدبلوماسي والكفاح المسلح عاملان مهمان يكمل أحدهما الآخر لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية.

وفي ذكرى غيابه العشرين يبقى ياسر عرفات الشخصية الفلسطينية الأكثر استذكارًا لدى شعبه ومحبيه ومؤيديه، وأكثر القادة أثرًا في حياتهم والأوسع شعبية بينهم، الذي رسم مرحلة طويلة من النضال الفلسطيني، وأرسى العديد من المبادئ الثورية بتاريخ الثورة الفلسطينية، وكان ياسر عرفات ذو كاريزما قيادية خاصة، فكان شديد البأس على أعداءه وكان لَيْنًا مع مقاتليه ومع أبناء شعبه، مما جعله إرهابيًا ومخربًا بعين أعداءه، وقائدًا أمميًا بعين الثوار والشرفاء في العالم، وأبًا وأخًا ورمزًا محبوبًا بعيون أبناء شعبه حيث كان يتابع كافة أمورهم وتفاصيل حياتهم الخاصة والعامة، مما جعل شعبه يحمل الطائرة التي حطت بجثمانه الطاهر بمدينة رام الله.