لا يكاد يخلو أي قصف يستهدف قطاع غزة من استشهاد أطفال إلى جانب عائلاتهم وأقاربهم، منذ اندلاع العدوان في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وللشهر الحادي عشر على التوالي من حرب الإبادة، ارتفع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي من الأطفال إلى 16 ألفًا و456، إضافة إلى آلاف المصابين منهم، بحسب البيانات الطبية.

ولم تتوقف جرائم الاحتلال عند هذا الحد، إذ تسببت سيطرته على معبر رفح الحدودي مع مصر في منع خروج الجرحى لتلقي العلاج في الخارج، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية ووفاة أكثر من ألف طفل، وهو ما أضاف معاناة جديدة لمأساتهم المستمرة.

وفي السادس من أيار/مايو الماضي، أعلن جيش الاحتلال بدء عملية عسكرية برية في رفح جنوب قطاع غزة، متجاهلاً تحذيرات دولية من تداعيات ذلك على حياة النازحين الذين تكتظ بهم المدينة، لكنه سيطر في اليوم التالي على معبر رفح وأطبق حصاره على سكان القطاع من جميع الجهات.

- أطفال بلا طفولة

والأطفال في غزة لا يواجهون القتل والإصابة فحسب، بل يعانون أيضًا جحيم الخوف والرعب الناتج عن الغارات المكثفة، والنزوح المستمر، والأمراض التي تصيبهم نتيجة التكدس السكاني في أماكن النزوح التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة.

وقد حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" من أن "كثيرًا من الأطفال في قطاع غزة باتوا غير قادرين على النوم وعيش طفولتهم بهدوء لهول ما رأوه جراء الحرب الإسرائيلية"، معربة عن خشيتها على مستقبلهم في حال استمرار الحرب.

وطالب مسؤول الإعلام بمنظمة اليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سليم عويس، المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الحرب وإعادة مستقبل أطفال غزة.

وقال عويس: إن "الأطفال في غزة لا يعيشون طفولتهم، فالأمراض الجلدية والتهابات الجهاز التنفسي والإسهال باتت شائعة بينهم"، لافتًا إلى أنه "من الصعب جدًا على الأطفال العيش في خيام خلال صيف لاهب تصل حرارته إلى خمسة وثلاثين درجة، وتزيد داخل الخيام بين خمس وعشر درجات مئوية".

وتابع قائلاً: أن "النوم يجافي عيون كثير من أطفال غزة لأنهم يفكرون دائمًا في هول ما رأوه، ويشعرون بالخوف جراء استمرار الحرب".

وأكد المسؤول الأممي أن "هناك أمورًا كثيرة يجب على المجتمع الدولي القيام بها من أجل أطفال غزة".

- أيتام بالآلاف

وأمام أقسام الاستقبال في المستشفيات وتحت ركام المنازل المدمرة، تلتقط عدسات الصحافيين والناشطين صورًا للأطفال الشهداء والمصابين، وهم مضرجون بالدماء أو أشلاء صغيرة تمزق قلوب ناظريها.

ولا يكترث الاحتلال بقتل الأطفال، بل يواصل هجماته على جميع مناطق قطاع غزة، متجاهلاً جميع القوانين والأعراف الدولية.

ويعيش الأطفال في غزة أوضاعًا مأساوية، يفتقرون فيها إلى أدنى مقومات الحياة الأساسية ويعيشون بلا مأوى جراء عمليات النزوح المتكررة، إضافة إلى نقص حاد في الأدوية والطعام والشراب، ما يعرضهم لأخطار صحية جسيمة.

وفي يوليو/ تموز الماضي، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا": إن "الأطفال يدفعون الثمن الأعلى للحرب في غزة، وسط نزوح وخوف من فقدان طفولتهم".

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، يواصل الاحتلال حرب الإبادة متجاهلا قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.