في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين قرب العاصمة اللبنانية بيروت، رحب أبناء شعبنا، يوم الأربعاء، بقرار إيرلندا والنرويج وإسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين، في خطوة اعتبرها البعض معمّدة بالتضحيات على وقع العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية، وأمل آخرون أن تدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ خطوة مماثلة.

ويقول الشاب علاء غزلان (26 عامًا) الذي هُجّرت عائلته من حيفا: "نحن سعيدون بهذا القرار ونأمل أن يعترف العالم كله بفلسطين"، مؤكدًا أن بات لديه أمل في العودة إلى بلده الذي وُلد خارجه وحُرم منه، لكنه رغم ذلك يعيش فيه"، معتبراً أن توقيت الاعتراف مهم جداً لأنهم عانوا كثيراً، فما يجري في غزة حالياً لم يحصل في أي بلد آخر في العالم.

وأعلنت إيرلندا والنرويج وإسبانيا اعترافها بدولة فلسطين، على أن يسري ذلك بدءًا من 28 أيار/مايو، في مبادرة لاقت ردود فعل إسرائيلية غاضبة ومتطرفة، وصلت إلى حد استدعاء الخارجية الإسرائيلية للسفراء من دبلن وأوسلو ومدريد.

ورحّبت منظمة التحرير الفلسطينية بخطوة الدول الثلاث معتبرةً أنها "لحظات تاريخية".

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يتابع اللاجئون الفلسطينيون يوميات الحرب لحظة بعد لحظة مع وجود أقارب لهم وأفراد من عائلاتهم في القطاع المحاصر، حيث يقيم نحو 250 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، بحسب الأمم المتحدة، في ظروف معيشية صعبة. ويتوزّع قرابة نصفهم على 12 مخيماً أقيمت تباعاً إثر النكبة الفلسطينية في عام 1948.

وتقول سماح العمري (50 عاماً) التي هُجِرَت عائلتها عام 1948: أن على الدول كافة أن تحذو الخطوة ذاتها لأن "الأرض حقنا" ومن أجل ذلك يموت شعبنا في فلسطين.

وكانت السويد التي تضم جالية فلسطينية كبيرة أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي في أوروبا تعترف بدولة فلسطين عام 2014. واتخذت ست دول القرار ذاته في وقت سابق وهي بلغاريا وقبرص والتشيك والمجر وبولندا ورومانيا، ورغم تصريحاتها الرسمية بدعم حل الدولتين، يرفض عدد من دول العالم، أبرزها الولايات المتحدة الأميركية، الاعتراف بدولة فلسطين، قبل التوصل إلى اتفاق تفاوضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشأن قضايا الحل النهائي، علمًا أن حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة أدارت ظهرها منذ سنوات للاتفاقات الموقعة، ووضعت مزيدًا من العقبات أمام تطبيق حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا ذات سيادة.

وفي مخيم شاتيلا المكتظ بسكانه وفي أزقته الضيقة، تتزين الجدران المتداعية بشعارات ورايات وخرائط لفلسطين، إلى جانب صور لقادة فلسطينيين.

ويقول أبو مجدي (63 عاماً)، بينما يضع كوفية على كتفيه ويعلّق قلادة على شكل خريطة فلسطين: إن اعتراف الدول الثلاثة "جاء معمداً بالدم والشهداء"، متمنيًا أن يغير هذا الاعتراف "مستقبل الأجيال كلّها ومستقبل القضية الفلسطينية.

وقد أبدى أمين سرّ اللجنة الشعبية في مخيم شاتيلا سليمان عبد الهادي (70 عاماً) امتنانه للقرارات التي اتخذتها الحكومات الكريمة الثلاث في توقيت ذي دلالة بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، مؤكدًا بأنه يرى مستقبلاً مضيئاً للقضية الفلسطينية، فهذا الاعتراف هو نتيجة للتضحيات التي قدمها شعبنا الفلسطيني على مدى 76 عامًا من الاضطهاد والقتل والتدمير، إنه نتيجة حتمية. 

يهيمن كذلك شعور من الفرح في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين في الأردن، الواقع على بعد نحو 15 كم شمال غرب عمان، وهو أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، ويقطنه نحو 122 ألف لاجئ فلسطيني مسجل لدى الأمم المتحدة.

ويقول أحمد عطية أبو سالم (63 عاماً)، الذي كان يعيش في مخيم في الخليل في الضفة الغربية المحتلة قبل أن ينتقل إلى مخيم البقعة: "نسأل الله أن يكون من الدول العظمى من تعترف وتحذو حذو دولة إيرلندا وتعترف بدولة فلسطين وتعترف بحقوق شعبنا الفلسطيني الضائعة"، فقد آن الأوان لأن يقولوا إن هناك شعبًا مظلومًا يُذبح صباح مساء، ولا يوجد أحد يقول للذابح كفى وينصر الضحية.