بقلم: بسام أبو الرب

بعد أن ركن الدكتور أسيد جبارين (51 عامًا) أخصائي الجراحة في مستشفى جنين الحكومي مركبته في أحد المواقف قرب المستشفى، وفي اللحظة التي ترجل من مركبته كانت قوات إسرائيلية خاصة تسللت إلى مخيم جنين وسط إطلاق نار عشوائي، فأصيب برصاصة في الظهر أدت إلى استشهاده.

وقد اعتاد الطبيب جبارين، استقبال المصابين وتضميد جروحهم في قسم الطوارئ في مستشفى الشهيد خليل سليمان الحكومي، في كل مرة تتعرض فيها مدينة جنين ومخيمها لعدوان إسرائيلي، لكن صباح أمس، تبدلت الأدوار ليصبح الطبيب المعالج هو الضحية.

ويروي أحد ضباط الإسعاف في الهلال الأحمر: أنه "في تمام الساعة الثامنة وست دقائق، تلقيهم نبأ إصابةً قريبة من مستشفى جنين، وفور وصولهم اكتشفوا أنه الدكتور أسيد، ولم تبدُ عليه علامات حياة"، مشيرًا إلى أنه اعتادوا أن يكون الدكتور أسيد شريكًا لنا في تقديم الرعاية الطبية للجرحى، في كل اقتحام لقوات الاحتلال لمدينة جنين، ولكن هذه المرة كان هو من يحتاج إلى الرعاية.

ويقول عمر أبو الرب أحد أصدقاء الشهيد: أن "الدكتور أسيد من أمهر الجراحين وأهمهم في مستشفى جنين، إذ كرس حياته للعمل داخل المستشفى حتى أنه لا يملك عيادة خاصة، ويرفض إجراء عمليات جراحية خارج أقسام المستشفى الحكومي، وهذا يدل على أنه إنسان لا يبحث عن الشهرة أو المال".

وأكد مدير مستشفى خليل سليمان الحكومي وسام بكر، أن القطاع الطبي خسر الدكتور جبارين، الذي يعتبر واحدًا من أمهر الأطباء، وهو الذي كان يشغل رئيس شعبة الجراحة في مستشفى جنين، فقد نذر د. أسيد نفسه للعمل داخل أروقة القطاع الصحي الحكومي لأكثر من 22 عامًا، وكان دائم التواجد في ظل الظروف الصعبة والاقتحامات المتواصلة لمحافظة جنين. 

ونعت وزارة الصحة، الشهيد الطبيب أسيد كمال جبارين، وأكدت أن جريمة قتله عمداً على يد قوات الاحتلال، تُضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال اليومية واعتداءاته المتواصلة على القطاع الصحي الفلسطيني بمكوناته كافة، في قطاع غزة، والضفة الغربية، مناشدةً بشكل عاجل المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية التدخل الفوري لحماية أبناء شعبنا وكوادره الطبية ومستشفياته، كما نصت عليها اتفاقية "جنيف" الرابعة.

ويُذكر أن 493 كادرًا طبيًا في قطاع غزة والضفة استُشهدوا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت مخيم جنين وسط إطلاق نار كثيف، برفقة عدد من الجرافات التي باشرت بتدمير البنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى استشهاد سبعة مواطنين وإصابة تسعة آخرين.