بقلم: جويد التميمي

بنظرة عين حائرة صوب قريتها مترامية الأطراف التي تصل مساحتها إلى 12000 دونم، وقلب يعتصره الألم على أفراد عائلتها الذين يبلغ عددهم 31 فردًا جلهم من الأطفال، وقفت المواطنة مريم خضيرات (67 عامًا) التي تقطن قرية زنوتا جنوب الخليل، تراقب أبنائها وهم يفككون مساكنهم وخيامهم وحظائر ماشيتهم، استعداد للرحيل القسري عن القرية، جراء اعتداءات وتهديدات المستعمرين المتواصلة.

قالت خضيرات: "نهاجر مهجة قلوبنا وقرة عيوننا قريتنا الحبيبة زنوتا مرغمون قسرا، بسبب تهديدات المستعمرين".

وأضافت: أن "مستعمرين مدججين بالسلاح ممن يطلقون على أنفسهم (فتية التلال) هاجمونا خلال الأسابيع الأخيرة عدة مرات، رشقونا بالحجارة وهددونا بالحرق والقتل..، نحن نخشى على حياتنا وليس هناك من يحمي أطفالنا، لذا وفي غياب أي خيار آخر قررنا الرحيل عن قريتنا حتى يتغير هذا الحال".

وتابعت خضيرات وأحفادها يلتفون ويلعبون حولها من كل جانب: "أعمارنا قضيناها هنا، هذه أراضينا التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا".

وأشارت إلى أن العدوان الشامل الذي يشنه الاحتلال على كل شيء فلسطيني منذ السابع من الشهر الجاري، رفع وتيرة اعتداءات المستعمرين الذين سلحتهم حكومتهم بأعتى الأسلحة والرشاشات، وأصبح قتل الفلسطيني بدم بارد هدفهم في كل مكان، وهذا ما شاهدناه على الطرقات الالتفافية وفي بساتين الزيتون في أرجاء الضفة الغربية كافة، أما بالنسبة لقطاع غزة فحدث ولا حرج حيث وصل عدد الشهداء قرابة 8000 آلاف فطائراتهم لا تبقي ولا تذر.

وقالت المواطنة صفاء نصر الله التي تقطن قرية زنوتا وتعتمد على تربية الماشية والزراعة في إعالة أسرتها المكونة من 4 أفراد: إن "مساكنا وخيامنا ومقتنياتنا وممتلكاتنا جميعها جاهزة ومحمّلة في مركباتنا والشاحنات، لا أدري إلى أين سنرحل وكيف حل بنّا هذا العذاب".

وأضافت: "رحيلنا عن قريتنا بسبب هؤلاء المستعمرين المدعومين من حكومتهم لن يطول وسنعود إليها في أقرب وقت يتوفر فيه شيء من الأمن والأمان، فنحن أصحاب هذه الأرض الحقيقيون، وسنبقى متجذرون بها وإن كان لا بد من رحيل فهؤلاء المستعمرين هم الذين يجب أن يرحلوا ...لكن هذا العالم لم ينصفنا يوما من الأيام، بل يساند هذا الاحتلال الظالم ويدفع به لقتلنا وقتل أطفالنا، ونحن عُزّل لا حول لنا ولا قوة إلا أن إرادتنا صلبة وعزيمتنا لن تلين فحبنا لفلسطين يجري في عروقنا مجرى الدم".

وصرح رئيس مجلس قروي زنوتا فايز الطل الذي انتابته الحيرة، "من أين سنبدأ؟؟ أي طريق سنسلك في هذا الرحيل القسري، حياتنا هنّا هي طريق سعادتنا، كل شبر في قريتنا كل شجرة وصخرة لنّا معها حكاية ... وهذا ما يسبب لنا التعب والهم لكثرة التفاصيل المرهقة، يا لبساطة عيشنا الذي ينغصه الاحتلال ومستعمريه".

وأضاف: أن "250 مواطنا أصبحوا في مهب الريح بلا أمن ولا أمان يذكر... مرغمون على الرحيل القسري بسبب اعتداءات وتهديدات المستعمرين هؤلاء الذين دعمهم ومدهم ما يسمى (وزير الأمن القومي) في حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، بأعتى الأسلحة الأوتوماتيكية وأحدثها لقتلنا وقتل أطفالنا".

وتابع: "نحن مجبرون على ترك منازلنا وأراضينا، خاصة هذه الأيام بسبب اعتداءاتهم المتواصلة والتي ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة، حيث هاجمونا عدة مرات وأطلقوا الرصاص صوبنا وصوب أطفالنا بدم بارد ودون سابق إنذار، ما تسبب بحالة من الخوف والهلع لدى أطفالنا".

وبحسب الطل، يقطن القرية مواطنون من عائلات البطاط والخضيرات والسمامرة والطل وغيرها، باتوا مضطرين إلى ترك منازلهم وخيمهم ومساكنهم، واصطحاب ماشيتهم التي يصل عددها إلى 6 آلاف رأس من الماشية، إلى أي مكان يرونه أكثر أمنًا وأمانًا لحماية أنفسهم وأطفالهم، وإبعادهم عن عربدة المستعمرين، التي طالت آبار مياههم ومحاصيلهم الزراعية ومساكنهم، وضاعف حجم معاناتهم وخوفهم على أطفالهم ونسائهم، بدء العدوان الإسرائيلي الشامل على شعبنا منذ السابع من الشهر الجاري، حيث أطلق الاحتلال العنان لمستعمريه ليقتلوا ويعتدوا ويقتلعوا كما يشاؤون.

وأضاف: "في إطار تبادل الادوار بين الاحتلال ومستعمريه، هدمت سلطات الاحتلال عددا من منازلنا وخيامنا وحظائر أغنامنا، واقتلعوا المئات من أشجارنا، وأقاموا على جزء من قريتنا منطقة صناعية للمستعمرين ومعاهد دينية ليتوسعوا في أراضينا ويسرقوا ممتلكاتنا لمستعمرينهم".

وأكد الطل أن جرائم الاحتلال ومستعمريه بحق شعبنا الفلسطيني تأتي نتيجة للصمت الدولي المُطبق، مطالبًا كافة المؤسسات والمنظمات الإنسانية والحقوقية والإعلامية وكل أحرار العالم تحمل مسؤولياتهم، والوقوف وقفة جادة للجم هذه الممارسات الإجرامية المتواصلة بحق أبناء الشعب الفلسطيني.