ليس صحيحا أن منظومة الاحتلال الاستيطانية الفاشية العنصرية حريصة على استقرار مسار المنهج الاقتصادي للحكومة الفلسطينية، فجرائم جيشها وجرائم المستوطنين الهادفة لخلخلة الأمن في مدن وقرى ومخيمات فلسطينية، بات واضحا أن أهدافها تتجاوز البعد الأمني، إذ تلجأ أدوات الاحتلال الإعلامية - الناشطة ببراعة –لاصطناع ذرائع ومبررات لكل جريمة ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني في أي مكان، حتى تبدو الأمور لدى الرأي العام الخارجي، وكأن تهديدا وجوديا حقيقيا تعيشه (إسرائيل) نتيجة دفاع الفلسطينيين عن أنفسهم هنا أو هناك، وممارستهم لحقهم القانوني المشروع في مواجهة جيش الاحتلال والمستوطنين الإرهابيين المجرمين المسلحين والمسنودين بما يحتاجونه من قدرات وإمكانيات من حكومة ائتلاف الصهيونية الدينية والليكود.
يعمل جنرالات جيش الاحتلال الإسرائيلي الذين ينفذون خطط حكومتهم الفاشية على تدمير البنية الاقتصادية لدولة فلسطين، حتى من دون استهدافها بحملات عسكرية مباشرة، كما فعلت في قطاع غزة، حيث تم تدمير ركائز الاقتصاد في المحافظات الجنوبية عبر هجمات عسكرية على المنطقة الصناعية، وتم تصحير معظم الأراضي الزراعية في القطاع بالتجريف، إثر كل عملية إطلاق (قذائف خلبية) أي صوتية لا أكثر، كانت مجموعات حماس المسلحة تتبناها، وتضخم تأثيرها على مستوطنات ومواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي المحيطة بغزة، بقصد تبرير استخدام أسلحة وذخائر شديدة التدمير لضرب البنية الاقتصادية لقطاع غزة، وبالتوازي، كانت ذات الأسلحة تعمل على تدمير مقرات ومقدرات المؤسسة الأمنية الفلسطينية، وقوات الأمن الوطني، حتى مقرات الدفاع المدني لم تسلم من القصف، هناك كانت جماعة الإخوان المسلمين المسلحة - فرع فلسطين- المسمى حماس تقدم الذرائع عبر استغلال شعار الحق في"المقاومة المسلحة"، وأبعد من ذلك أشاعت مصطلح التنسيق الأمني وألصقته بالمؤسسة الأمنية الفلسطينية – رغم انعدام وجوده أصلا في الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، وشوهت حرص السلطة الوطنية على تعزيز أمن نواة مؤسسات الدولة الفلسطينية الأمنية والاقتصادية واستقرارها وتنميتها، وبثته للجماهير على أنه "مؤامرة على الجهاد ضد إسرائيل" لترتكب بذلك أفظع جريمة بحق الوطنية الفلسطينية، ووعي الإنسان الفلسطيني، واستمر الحال إلى ما بعد انقلاب حماس، واستدراجها 4 حملات عسكرية مدمرة على القطاع، حتى باتت الحياة الكريمة شبه مستحيلة، فيما رؤوس الجماعة ينعمون برغد العيش في عواصم استخدمتهم حتى النفس الأخير لتدمير المشروع الوطني الفلسطيني. وما حراك (بدنا نعيش) في غزة هذه الأيام إلا انعكاس للجحيم الذي يعيشه مليونا فلسطيني في قطاع غزة، باستثناء رؤوس ومشايخ حماس الذين باتوا من كبار المستثمرين بدماء ومعاناة الإنسان الفلسطيني. أما اليوم فإن رؤوس حماس يركزون على تدمير اقتصاد المحافظات الشمالية (الضفة الفلسطينية) عبر تركيز الحملات العنفية (إطلاق نار على مقرات المؤسسة الأمنية) المرفوقة بحملات دعائية لتشويه فلسفتها وسلوكيات منتسبيها الوطنية، واستفزازهم لدفعهم للانحراف عن مسار التحلي بالصبر، وعقيدة الإيمان بالحفاظ على روح الإنسان الفلسطيني وحرمة دمه وبيته، وبتركيزهم هذا يضعفون أسس الأمن والاستقرار الذي تقوم عليها خطط التنمية الاقتصادية، وتحديدا المشاريع الاستراتيجية العائدة بالفائدة على الوطن، أكثر من الفائدة التي يجنيها أصحاب رؤوس الأموال الوطنيين، لذا لا نستغرب حرص رؤوس حماس ومن والاهم في التبعية العمياء على حرف الحقيقة والكذب على الجماهير، والقول إن الأجهزة الأمنية تعتقل (مقاومين) وهم على يقين أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية إنما تعتقل مجرمين استخدمتهم حماس والمتحالفون معها، وحتى المختلفون عنها، وممن استخدمتهم دول وقوى إقليمية تحت شعار المقاومة ومظاهرها المسلحة، لنسف ركائز الأمن والاستقرار في المجتمع الفلسطيني، كمقدمة لنسف الاقتصاد الفلسطيني، ما يعني حتما سقوط المشروع الوطني الفلسطيني، وتحويل الإنجازات الوطنية على طريق الحرية والتحرر والاستقلال إلى ركام، وما يعني بالمحصلة، دفع الملايين في الضفة الفلسطينية للهجرة للبحث عن لقمة العيش، أما الباقي فيوظف – تحت ضغط الحاجة المادية - في البناء والمشاريع الاستيطانية، وبذلك يتحقق هدف المنظومة دون اضطرارها لشن حملات عسكرية مدمرة، لكن المستغرب أن رؤوس حماس يصدقون فعلا وعود منظومة الاحتلال لهم بتمكينهم من الاستيلاء على الضفة كما مكنوهم من الاستيلاء على قطاع غزة بانقلاب عسكري سنة 2007، لذلك نراهم يحاولون إثبات التزاماتهم على الأرض في (قطاع غزة) مع حكومة نتنياهو المؤتلفة مع الصهيونية الدينية.
لا خيارات في هذه اللحظة المصيرية الفارقة بين مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني بقيادة حكيمة عقلانية ملتزمة بثوابت الشعب الفلسطيني، وبين دمار وفقر وفوضى وحصار تسعى منظومة الاحتلال على جعله واقعا يوميا في الضفة الفلسطينية بوسائل مختلفة نوعا ما عما فعلته في قطاع غزة، ولا مبرر لمواطن سيكون ضحية لهذه المؤامرة، لأنه لم يكلف نفسه عناء التفكير بما يحدث، وأبعاد الانفلات والجريمة بحق لقمة العيش الكريمة التي تحميها المؤسسة الأمنية، ولا ينفع الندم عندما يقع المواطن بين فكي حصار وإرهاب الصهيونية الدينية، وجماعة الإخوان المسلمين (حماس) فكلاهما دمر غزة وأغرقها بالمصائب والويلات، حتى بات الانتحار الذاتي شنقا، أو الهجرة عبر أمواج البحر المغرقة سبيلا للهروب من الحياة إلى موت ظن المقهورون أنه سبيلهم للنجاة من موت وهم على قيد الحياة .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها