يقترن القرار الأممي (32/40 ب) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والقاضي باعتبار الـ29 من شهر نوفمبر من كل عام يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني، باختبار 'أخلاقي' للمجتمع الدولي في دعم المساعي الفلسطينية للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، في ظل ممانعة إسرائيلية وأميركية لهذه المساعي.

ويأتي تبني الجمعية العامة في عام 1977 ليوم الـ29 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني؛ اعترافا منها بمسؤوليتها عما نتج جراء إصدار قرار التقسيم، وللتأكيد على أن القضية الفلسطينية بقيت دون حل، فهو ذات اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية قرارها 181 عام 1947، الذي أصبح يعرف باسم قرار التقسيم. إلى جانب اعتراف غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمسؤولياتها المباشرة عن تدمير فلسطين عامي 1947-1948، وعن الأزمة المستمرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني.

وينص القرار 181 والذي جاء بعد جهود كبيرة بذلها زعماء الحركة الصهيونية، مدعومين من سياسيين غربيين ورجال أعمال، كالمليونير الأميركي اليهودي هارفي صمويل فايرستون، على 'أن تنشأ في فلسطين دولة يهودية وأخرى عربية، مع اعتبار القدس كيانا متميزا يخضع لنظام دولي خاص'. وفي وصفه لما حدث، قال وزير الدفاع الأميركي آنذاك جيمس فورستل في مذكراته: 'إن الطرق المستخدمة للضغط ولإكراه الأمم الأخرى في نطاق الأمم المتحدة كانت فضيحة'.

وتشير الحقائق والوقائع التي تبعت القرار، إلى أن الخطط الاستعمارية الإسرائيلية تعاملت مع صدور قرار التقسيم كبداية لفرض سيطرتها على كامل فلسطين، وهو ما شكل فرصة مواتية لشن حرب إبادة وتطهير عرقي نظمتها العصابات الصهيونية آنذاك؛ الأمر الذي قاد إلى النكبة الفلسطينية عام 1948؛ حيث تم بالقوة والترهيب التهجير والاستيلاء على أملاك حوالي 80% من السكان الفلسطينيين وإعلان قيام دولة إسرائيل على 78% من أرض فلسطين.

وتظهر النوايا الاستعمارية الإسرائيلية المبيتة، جلية في تصريحات إذاعية لمناحيم بيغن (زعيم عصابات 'أرغون' التي اقترنت بمجازر أشهرها دير ياسين، وزعيم حزب الليكود في عام 1973، ورئيس وزراء إسرائيل عام 1977، والحائز على جائزة نوبل للسلام)، بثت في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 1947، 'عن بطلان شرعية التقسيم، وأن كل أرض فلسطين ملك لليهود وستبقى كذلك إلى الأبد'، إلى جانب مقولات أخرى أشهرها 'إذا كان حزب الليكود يعد الإسرائيليين بإسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، فأنا أعدهم بإسرائيل العظمى من الخليج إلى المحيط'.

وعادة ما يوفّر اليوم الدولي للتضامن فرصة لأن يركز المجتمع الدولي اهتمامه على حقيقة أن قضية فلسطين لم تُحل بعد، وأن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهي الحق في تقرير المصير دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال الوطني والسيادة، وحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أبعِدوا عنها.

واستجابة لدعوة موجهة من الأمم المتحدة، تقوم الحكومات والمجتمع المدني سنويا بأنشطة شتى احتفالا باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وتشمل هذه الأنشطة: إصدار رسائل خاصة تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وتنظيم عقد الاجتماعات، وتوزيع المطبوعات وغيرها من المواد الإعلامية، وعرض الأفلام.

وطلبت الجمعية العامة بموجب القرار 60/37 بتاريخ 1 كانون الأول/ ديسمبر 2005، من لجنة وشعبة حقوق الفلسطينيين في إطار الاحتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، تنظيم معرض سنوي عن حقوق الفلسطينيين بالتعاون مع بعثة المراقبة الدائمة لفلسطين لدى الأمم المتحدة، وتشجع الدول الأعضاء على مواصلة تقديم أوسع دعم وتغطية إعلامية للاحتفال بيوم التضامن.

وفي رسالته لمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، 'هناك توافق في آراء الأغلبية الساحقة على الصعيد الدولي على ضرورة إنهاء الاحتلال الذي بدأ في عام 1967، ومعالجة الشواغل الأمنية الأساسية لكلا الطرفين، وإيجاد حل لقضية اللاجئين، وإفضاء المفاوضات إلى جعل القدس عاصمة للدولتين'.

وأضاف الأمين العام، 'لتكن السنة المقبلة هي السنة التي نحقق فيها أخيرا سلاما عادلا ودائما في الشرق ‏الأوسط استنادا إلى قرارات مجلس الأمن 242 و338 و1397 و1515 و1850، وإلى ‏الاتفاقات السابقة وإطار عمل مدريد وخريطة الطريق ومبادرة السلام العربية، وسأبذل كل ‏ما في وسعي لدعم هذه الجهود'