٧٤ عامًا وما زال شعبنا في الوطن ومخيمات اللجوء متمسكًا بكامل حقوقه وثوابته الوطنية، ولن يهزم ولن يتراجع مهما بلغت التضحيات

الخامس عشر من أيار هو يوم الذكرى الأليمة لنكبة شعب فلسطين الكبرى، هو يوم استحضار وقائع الجريمة الإنسانية والأخلاقية التي تسببت بها الدول الاستعمارية الكبرى وعلى رأسها الحكومة البريطانية منذ أعلنت عن "وعد بلفور" المشؤوم عام 1917، الذي نتج عنه إنشاء الوطن القومي المزعوم لليهود عام 1948 في فلسطين، بعد انتهاء حقبة الانتداب الاستعماري البريطاني على فلسطين، وتسليم وطننا للعصابات الإرهابية الصهيونية، التي استولت بقوة السلاح على حوالي 78% من أرض فلسطين، ودمرت 531 قرية ومدينة، وارتكبت أكثر من 70 مجزرة، راح ضحيتها أكثر من 15 ألف من المدنيين العزّل، إلى جانب تشريد نحو 950 ألف فلسطيني قسرًا، على مرأى من العالم أجمع، ونالت دولة الكيان الصهيوني اعترافًا بها من قبل غالبية الدول وأصبحت عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة، بالرغم من أن ذلك الاعتراف كان مشروطًا بتنفيذ قراري 181 و194، وأدار العالم ظهره للشعب الفلسطيني وقضيته العالدلة وتركه يعيش تحت الحكم العسكري الصهيوني الظالم لعقود طويلة ومشردًا يعاني البؤس والحرمان في مخيمات اللجوء والشتات.

تحل الذكرى الرابعة والسبعين لنكبة فلسطين هذا العام، مترافقة مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على شعبنا وأرضه ومقدساته، وتنفيذ عمليات تطهير عرقي تستهدف مدينة القدس المحتلة ومقدساتها وأراضي الضفة الغربية وفي النقب والمثلث والجليل مستهدفة حرمان أصحاب الأرض الأصليين من ملكية أرضهم ومحو هويتهم الوطنية والقيام بعملية تهويد شاملة للأرض العربية الفلسطينية، في محاولة إسرائيلية لاستكمال تهويدها ومحو طابعها ومعالمها التاريخية والحضارية وطمس هويتها الفلسطينية العربية والإسلامية والمسيحية، لصالح المشروع الاستيطاني، وهي جرائم حرب وفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة، وضد الإنسانية بموجب مبادئ وأحكام المحكمة الجنائية الدولية، وتشكل خرقًا للقانون الدولي ولاتفاقية لاهاي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

 

إن "نكبة فلسطين" جريمة كبرى بحق شعبنا الفلسطيني ووصمة عار سوداء على جبين المجتمع الدولي قاطبة، وما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن، فيما العالم أجمع ما زال يكيل بمكيالين، ويلوذ بالصمت أحيانًا، ويصدر بيانات الإدانة الخجولة أحيانا أخرى، ويبقى عاجزًا عن وضع حد للاحتلال وإنهائه وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بفلسطين.

 

ونطالب المجتمع الدولي بتصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكب بحق الشعب الفلسطيني وندعوه للاعتراف بدولة فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، والإيفاء بالتزاماته وفرض حل على دولة الاحتلال يكفل حقوق شعبنا المشروعة، ونطالبه بتوفير الحماية الدولية العاجلة لشعبنا الفلسطيني. 

 

وندعو أشقاءنا العرب إلى الاستمرار في تقديم الدعم السياسي والمعنوي والمادي للشعب الفلسطيني ولمدينة القدس بشكل خاص، وضرورة تفعيل الصناديق المالية التي أنشئت لهذا الغرض، كما نطالب الدول العربية بعدم الهرولة نحو التطبيع مع العدو الصهيوني، التزامًا بقرارات القمم العربية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والالتزام بمبادرة السلام العربية.

 

إن قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان تؤكد التمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شردوا منها عام 1948، وفقًا للقرار 194، وضرورة استمرار الدعم والتمويل اللازمين لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، ورفض اية اشتراطات على استمرار هذا التمويل.

 

في ذكرى يوم النكبة تحية إجلال وإكبار واعتزاز لشعبنا الفلسطيني، بخاصة لأهلنا في مدينة القدس المحتلة الذين أرسلوا رسالة عنوانها الصمود والتحدي والشجاعة والبطولة دفاعًا عن مدينتهم المقدسة والمسجد الأقصى، ورفضا لسياسة التهجير القسري والانتهاكات والاعتداءات التي ترتكبها قوات الاحتلال ومجموعات المستوطنين الإرهابية، ونؤكد أن المقاومة الشعبية بكل أشكالها هي التعبير الطبيعي، وحق مشروع في مقاومة الاحتلال كفلته كل الشرائع الدولية.  

 

ونتوجه بالتحية إلى لبنان الشقيق الذي وقف معنا واحتضن شعبنا وقضيتنا، منذ النكبة وحتى اليوم، مؤكّدين موقفنا الثابت برفض التوطين والتهجير، وتمسكنا بحق عودتنا، وندعو إلى إقرار الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بما يحسّن ظروف عيشهم وحياتهم الكريمة، و يعزز صمودهم وبقائهم حتى تحقيق عودتهم إلى أرضهم وديارهم.

 

إننا نؤكد أن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي إحدى أهم الركائز لتحقيق الانتصار، وندعو إلى ضرورة بذل كل الجهود لإنهاء الانقسام والعمل على تطبيق ما توافقت عليه الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية.

 

74 عامًا مضت على النكبة، وما زال شعبنا في الوطن ومخيّمات اللجوء متمسكًا بكامل حقوقه وثوابته الوطنية، ولن يهزم ولن يتراجع مهما بلغت التضحيات، ونعاهده على الاستمرار بمسيرة النضال الوطني وتعزيز وحدة شعبنا في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، وتركيز الجهود لإنهاء الاحتلال وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين.

تحية إجلال وإكبار إلى كل الشهداء الذين مضوا على طريق تحرير فلسطين، والذين ضحوا بحياتهم من أجل شعبنا وقضيتنا الوطنية العادلة، الذين أعادوا فلسطين إلى واجهة القضايا والإهتمام الدولي في العالم. 

تحية تقدير واعتزاز وفخر لأسرانا البواسل الصامدين في معتقلات الاحتلال. 

عاشت فلسطين حرة عربية

وإننا لعائدون

 

قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية

في لبنان

15 أيار 2022