أطلق الصحفي، عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين نبهان خريشة، مساء اليوم الأربعاء، كتاب "سيرة القيد والقلم" عن دار الاستقلال للثقافة والنشر؛ الذي يسرد فيه سيرته النضالية وعلى وجه الخصوص في سجون الاحتلال.
جاء ذلك في احتفال نظم في نقابة الصحفيين في البيرة، بحضور جمع من المثقفين ورفاق دربه في محطات مختلفة من سيرة حياته النضالية والمهنية.
وفي هذا السياق، قال نقيب الصحفيين ناصر أبو بكر، إن هذا الكتاب يعكس حال الشعب الفلسطيني، ويقدم السيرة النضالية لأحد أعمدة الإعلام الفلسطيني، وأبناء الحركة الوطنية الذين كان لهم دور وتجربة تستحق التوثيق، وأن تكون بوصلة للأجيال المقبلة، لضمان استمرارية النضال الفلسطيني، وتناقل هذه التضحيات التي قدمها من سبقوهم.
وأشار إلى الدور الإعلامي الذي لعبه خريشة خلال مسيرته الإعلامية واسهاماته في الأمانة العامة للنقابة، والأثر الذي تركه في كل الميادين التي عمل بها.
من جهته، قال خريشة: "قصة هذه السيرة بدأت بعد إطلاق سراحي من معتقل النقب في العام 1989، كنت قد دونت أثناء وجودي هناك مذكرات يومية، عن المشاعر والقصص والأحداث التي عشتها وكثير من الإخوة والرفاق، بعضها مضحك والآخر مؤلم".
وأضاف: "عملت بعد الافراج عني كمراسل لصحيفة الحياة اللندنية، فنشرت 8 حلقات عن التجربة الاعتقالية في النقب حملت اسم هذا الكتاب سي"رة القيد والقلم"، وبعد ذلك بفترة فكرت بتطوير الفكرة من مجموعة من المقالات إلى كتاب، وفعلا بدأت بالكتابة بخط يدي على الورق، لكنها لم تجد طريقها للنشر، بل وأكثر من ذلك فقد ضاعت، إلى أن تلقيت اتصالا هاتفيا قبل نحو 3 سنوات من شخص من قسم المناهج في وزارة التربية والتعليم، قال لي حينها إن الوزارة ستضع جزء من سيرة القيد والقلم المنشورة في صحيفة الحياة اللندنية، في منهاج اللغه العربية للصف التاسع.
وتابع: "فوجئت وسألته كيف حصلتم عليها وقد نشرت قبل نحو 18 عاما؟ قال لا أعرف لكن لدي سؤال: أنت تقول في النص أن ضابط المخابرات الذي اعتقلك من بيتك في البيرة قال لزوجتك، (بحركة مسرحية مفرقعا السبابة بالوسطى، ستأخذه مروحية هيلوكبتر في إشاره إلى إبعادي).. لا يمكن فرقعة السبابة بالوسطى لأن الاصبعين متجاورين، أدركت حينها الخطأ وقلت له المقصود فرقعة الابهام بالوسطى/ ولم أعرف كيف لم أنتبه لها ولم ينتبه مدير التحرير وسكرتير التحرير في الصحيفة لهذا الخطأ، وبالفعل دخل النص للمنهاج ويدرس حاليا".
وأردف: "أدركت أنه يجب تسجيل هذا النص في كتاب، وبالفعل بدأت العمل عليه إلى أن صدر من دار الاستقلال للنشر مؤخرا بمساعدة ودعم من الصديق القديم زميل الدراسه في جامعة بيرزيت ورفيق القيد والقلم أخي المتوكل طه.
وقال خريشة: "هذه السيرة ليست سيرتي الشخصية رغم أنني محور الأحداث فيها، إنما هي سيرة المئات الذين التقيتهم في رحلة اعتقال بين عامي 1972 و1977، فيها وصف حاولت أن يكون دقيقا لمراحل عاشتها معتقلات الاحتلال وكنت شاهدا عليها، سيرة أبطال قاتلوا وقتلوا وآخرين سقطوا ونهضوا، إنها مرحلة أسست لمراحل لاحقة بتشكيل التنظيمات الفلسطينية في المعتقلات، والاضرابات عن الطعام، والتمردات التي خضناها والمكاسب التي حصلنا عليها".
وتابع: "يصف الكتاب في البدايات البيئة العائلية التي نشأت فيها في قريتي ذنابه في طولكرم، ابتداء من نضالات خالي في الخمسينييات، وهروبه للصين ولروسيا بعد أن حكم علييه بالاعدام غيابيا، ووصف أجواء حرب الـ1967، عندما كنت طفلا ومشاهداتي لما جرى لعائلتي ومئات العائلات في منطقتي طولكرم وقلقيلية من محاولة الإبعاد إلى شرق نهر الأردن".
وقال: سيرة القيد والقلم هذه تعرج على محاولتي الأولى في النضال ضد الاحتلال، بطباعة منشور أنا وصديق لي بعد أقل من ستة أشهر على وقوع الاحتلال الإسرائيلي، هذا المنشور يجسد حلم طفل لم يصل لسن الحلم بعد، في أن منشوره سيجبر الاحتلال على الانسحاب، لكن ما حصل فعلا أن عددا قليلا من الطلبة اطلعوا عليه، بسبب نفاق آذن المدرسة لمديرها عندما جمع أكثرها ومزقها".
وأضاف: السيرة تستمر بالحديث عن إنتمائي للثورة، والتدريبات العسكرية التي تلقيتها اثناء دراستي في الجامعة الأردنية، ومن ثم اعتقالي من قبل الاحتلال والتحقيق القاسي الذي تعرضت له، وأدى إلى فقدان عيني، التي اعتبرها وساما وضع على وجهي وليس على صدري.
وتصف السيرة حياة المعتقلين في سجن نابلس، الذي قضى فيه معظم فترة اعتقاله نضالات واضرابات، انتصارات ونكسات، التجارب والآلام التي عانى منها إخوة ورفاق، كقصة التعذيب الوحشي الذي تعرض له نادر العفوري وغيره، وتمضي السيرة بوصف جامعة بيرزيت التي التحق بها بعد إطلاق سراحه، من فسيفساء الطلبة السياسي مجالس الطلبة، وقصص زملاء مضحكة وأخرى مبكية، متعرجة إلى محاولات إنشاء أول تنظيم جماهيري غير مسلح لحركة فتح، رغم تخوفات القياده في الخارج منه التي لم تر من الضرروي أن يكون هناك تنظيم في الداخل طالما أنه موجود بالخارج، وصولا بالسيرة للإقامة الجبرية التي فرضت على خريشة وعدد من الإخوة لـ60 شهرا.
وتفرد السيرة مساحه للانتفاضة الأولى: الأجواء السياسية والمعيشية لشعبنا التي أدت لانفجارها وآليات عملها، القيادة الموحدة وبياناتها، الليالي المظلمة التي يجوب فيها الجنود وآلياتهم والكلاب الضالة، تجميع المواطنين في الساحات واعتقال من اعتقلتهم سلطات الاحتلال في الانتفاضة.
ولم يفت السيرة أن تأتي كذلك على وصف الصحافة الفلسطينية في عهد الاحتلال وعهد السلطة الفلسطينية ودور نقابة الصحفيين الوطني والمهني.
من جهته، قال الأديب والشاعر المشرف العام لدار الاستقلال للثقافة والنشر المتوكل طه، إن مسيرة الكاتب النضالية التي هي كتاب كل واحد فينا، هي سيرة نتشاركها بتفاصيلها وبتنوع موضوعاتها الساخرة والذابحة.
وأضاف: "الكاتب أقرب إلى المحترف منه إلى زملائه الذين سجلوا تجاربهم، عدد كبير من المعتقلين بدأوا يشكلون ظاهرة لسد الفراغ في جدار تأصيل روايتنا".
وأوضح أن الكتابة في السجن أو عن المعتقل هي انتصار على السجان، والكتاب يعكس مكونات الحياة الاجتماعية والوطنية، السياسية والتنظيمية والاقتصادية والفكرية، عبر مقطع زمني بدأ مع ارهاصات العمل ضد الاحتلال بعد عام 1967.
وأشار إلى أن الكتاب يعكس المواقف الحاسمة، المتحكم الذي كان يحيط بخطاباتنا، والكتاب من خلال مراحل الاشتباك موضوعي وليس حياديا، فالسجن هو تقطير لتجارب القمع عبر التاريخ، ونحن لا نقول الحكايا كما هي، بل نعيد تشكيلها.
وقال طه: "أن تكتب سيرتك يعني أن تشارك الآخرين خصوصياتك، وتطلعهم على ما لا يقال إلا لضرورة، لأن ما يكتبه هو بالفعل جزء من سيرتك، فما المختلف في السيرة إذا كانت الكتابة تتسع لكل ما تريد قوله، فإن السيرة الحقيقية هي غير المغربلة والمنتقاة".
وأشار إلى أن السيرة تحمل شيئا من الفنتازيا والخيال، مثلما يصح كتابتها بأسلوب أقرب إلى الشعر أحيانا، وأن تستعين بكل الأشكال الأدبية، من مقال وقصة وسرد وحوار وسيناريو وتشكيل، وتعجنها بعضها في بعض، وتقدم منتجك الخاص.
وأشاد طه بدور الكاتب في الحركة الوطنية خلال الانتفاضة الكبرى وما قبلها، ومسيرته النضالية في سجون الاحتلال ودوره الطليعي والمتميز.
من ناحيته، قال رئيس اتحاد الكتاب والأدباء الشاعر مراد السوداني: "هذا تسجيل وتوثيق لهذه الحوارية التي يوثق فيها السيرة والمسيرة في سجنه، ويؤكد أن هذه المظلمة لا بد لها يوما أن تنتهي بحرية كاملة غير منقوصة لكل أسرانا في باستيلات الاحتلال الذين يكتبون فكرة فلسطين الشريفة".
وأضاف: "هؤلاء يكتبون بحناء وردة الشهداء مؤكدين حق وحقيقة فلسطين، فهذه السيرة واحدة من سير الأنقياء والأوفياء الذين نزفوا الوقت والجهد من أجل فلسطين".
وفي نهاية الحفل، كرمت نقابة الصحفيين الكاتب الصحفي نبهان خريشة، والمتوكل طه.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها