إسراء غوراني

منذ قرابة شهر، تعيش العديد من عائلات ومواطني خربة ابزيق إلى الشمال من طوباس، حالة من عدم الاستقرار، بسبب طردهم وإخلائهم من مساكنهم لإجراء تدريبات عسكرية لجيش الاحتلال على مقربة منها.

نتيجة لذلك، قضت هذه العائلات أياما وليال عصيبة متنقلة في العراء وبين سفوح الجبال التي باتت فيها أكثر من مكوثها في مساكنها طيلة هذا الشهر، ذات العائلات فوجئت أول أمس بقوة كبيرة من جيش الاحتلال تقتحم خيامها وتشرع بعمليات هدم فيها حتى سوتها بالأرض.

طالت عمليات الهدم منشآت ل 11 عائلة في الخربة، ست عائلات منها هدمت قوات الاحتلال منشآتها بشكل كامل، فيما أجبرت خمس عائلات أخرى على هدم منشآتها بنفسها، وفقا لمسؤول ملف الأغوار بمحافظة طوباس معتز بشارات.

أبو محمود تركمان وهو أحد المواطنين الذين طالت عمليات الهدم منشآتهم، يقول لـ "وفا"، إن عائلته لم تذق طعم الراحة منذ بداية الشهر الجاري، عندما بدأت تدريبات الجيش في الخربة ومحيطها، حيث أخطرته قوات الاحتلال مع غيره من المواطنين بإخلاء مساكنهم عدة مرات، لإجراء تدريبات على مقربة منها، وفي كل مرة كانت هذه العائلات برفقة أطفالها تتشتت في سفوح الجبال وتبيت في العراء.

هدم الاحتلال لعائلة أبي محمود وحدها ثماني خيام، ما بين خيام سكنية أخرى لإيواء الماشية وتخزين الأعلاف، بالإضافة لتدمير خزانات المياه وخلايا الطاقة الشمسية التي يستخدمونها.

لم يسمح جنود الاحتلال للعائلات قبيل الهدم بإخراج شيء من متاعهم وثيابهم، كما منعوهم من إخراج المؤونة والمواد الغذائية.

يهدف الاحتلال من وراء ذلك، كما يقول أبو محمود، إلى ترحيل السكان عن الخربة والاستيلاء عليها، مشيرا إلى "أن الضابط المسؤول في كل مرة كان يخطرنا بالإخلاء لإجراء تدريبات كان يطالبني بالرحيل عن الخربة نهائيا، لكنني أرفض ذلك بشكل قطعي".

في الجهة المقابلة لخيام أبي محمود كان يقيم المواطن مصطفى نصر الله مع عائلته، قبل أن ترغمه سلطات الاحتلال على هدم خيامه ومنشآته بيده.

مضطرا، هدم نصر الله خيامه ومنشآته، وحمل معه ما تبقى من شوادر وأقمشه متوجها بها للسفوح القريبة عله يستيطيع استخدامها بشكل من الأشكال ليصنع منها ما يؤوي تحته أطفاله الأربعة من البرد القارس وأصغرهم يبلغ من العمر ثلاثة أعوام.

من جهته، يشير رئيس مجلس قروي خربة ابزيق عبد المجيد خضيرات إلى أن سكان الخربة عايشوا أياما عصيبة جدا منذ مطلع الشهر الجاري، فتدريبات جيش الاحتلال لم تتوقف في الخربة ومحيطها على مدار الشهر، وهذه التدريبات كانت تجري في الأراضي الزراعية وفي محيط منازل المواطنين وبينها، مؤكدا أن ذلك يجعل المخاطر كبيرة على حياتهم، حيث كانت القذائف تسقط بالقرب من مساكنهم، وهناك تخوفات كبيرة من مخلفات هذه القذائف.

وأضاف: "بالرغم من أن التدريبات كانت متواصلة طيلة الشهر إلا أن اليومين الماضيين كانا الأصعب على المواطنين، فكانت ابزيق أشبه بساحة حرب، نظرا لزخم التدريبات وأعداد القوات والآليات المشاركة فيها، حيث انتشر في محيط الخربة مئات الجنود، بالإضافة لمشاركة ما يزيد عن 150 آلية من دبابات وجيبات عسكرية، ويضاف لذلك تزامن التدريبات مع عمليات الهدم لمساكن المواطنين ومنشآتهم".

التدريبات التي تجري في خربة ابزيق أسفرت حتى الآن عن تدمير وتخريب قرابة ال 400 دونم مزروعة بالمحاصيل البعلية، وفقا لخضيرات، وعند انتهاء التدريبات التي ستستمر حتى الشهر القادم سيكون من الصعب تدارك الموسم، ما يعني أن المواطنين حرموا من محاصيلهم نهائيا وهو ما يزيد وضعهم صعوبة، فهذه المحاصيل يعتمد عليها الأهالي أساسا لتوفير قوت عائلاتهم من القمح، وأعلاف مواشيهم من الشعير والمحاصيل البعلية الأخرى.

ويؤكد خضيرات أن تدريبات الاحتلال في خربة ابزيق ومحيطها شبه دائمة، فسنويا يتدرب جيش الاحتلال حوالي ستة أشهر متفرقة.

كل ذلك يجعل المواطنين في حالة من عدم الاستقرار طيلة العام، فضلا عن الآثار النفسية على كافة السكان وخاصة الأطفال منهم والذين يعيشون فترات عصيبة من الخوف بسبب أصوات القذائف وتحرك الآليات العسكرية على مقربة منهم، فضلا عن خطر الموت الذي يبقى محدقا بهم بسبب المخلفات، فعلى مدار سنوات الاحتلال قدمت مناطق الأغوار العديد من الشهداء والمصابين نتيجة هذه المخلفات.

خربة ابزيق قرية فلسطينية تمتد أراضيها بما فيها السهول الزراعية والمساحات الرعوية التابعة لها على مساحة 45 ألف دونم، وتقع على تخوم جدار الفصل العنصري، تسكن الخربة الآن 45 عائلة تضم ما يزيد عن 200 نسمة.

ووفقا لتقرير صادر عن مركز أبحاث الأراضي، فإن إسرائيل تستخدم الهدم وإخلاء المساكن بمثابة سياسة تهجيرية للمواطنين تنتهجها في مناطق القدس والمناطق المصنفة "ج"، وفي المقابل تضع كافة التسهيلات لبناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية وأي إنشاء يخدم تلك المستوطنات دون أي قيود.

ووفقا لإحصائيات المركز، خلال العام المنصرم 2020، هدمت سلطات الاحتلال 883 مسكنا ومنشأة فلسطينية، حيث زادت بنسبة 27% عن العام 2019.

ووفقا للتقرير ذاته، فإن المساكن التي هدمها الاحتلال بمحافظة طوباس والأغوار الشمالية عام 2020 بلغ عددها 25 مسكنا يقطنها 126 فردا منهم 54 طفلا، كما بلغ عدد المنشآت الأخرى التي هدمها في المحافظة 133 منشأة تضم ملاحق سكن، ومنشآت زراعية، وحظائر ماشية، وآبار وبرك مياه.