بسام أبو الرب

لم يمض يوم واحد على تعليمات جيش الاحتلال الإسرائيلي، التي تقضي بمنح الضوء الأخضر لجنوده بإطلاق النار صوب الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية، حتى نفذوا جريمتهم البشعة بإطلاق النار وإحراق مركبة الشاب حكمت عبد العزيز (22 عاما) من قرية مركة جنوب جنين، ليرتقي بعدها شهيدا.

شهود عيان أكدوا لمراسل "وفا": أن الشهيد عبد العزيز كان عائدا من عمله داخل أراضي عام 1948 عبر حاجز برطعة، ولكن سرعان ما اشتعلت النيران فيها، عقب إطلاق الرصاص عليها بشكل مباشر؛ الأمر الذي أدى إلى تفحم جثته.

وعن طبيعة المنطقة التي استشهد فيها الشاب عبد العزيز، يقول شهود عيان" أن البرج العسكري يبعد حوالي مترا ونصف عن منعطف حاد على الطريق وكيلو مترا واحدا عن الحاجز الذي يسمى بحاجز "دوتان" القريب من بلدة يعبد، وهذا قد يعني ان المركبة تزحلقت في ظل الأجواء الماطرة يوم أمس".

ويؤكد الشهود انه عقب سماع إطلاق الرصاص من قبل جنود الاحتلال وصراخهم، توجه الأهالي للمنطقة ليجدوا المركبة مشتعلة وبداخلها الشهيد دون أن يستدعي الاحتلال مركبات الإطفاء".

وحسب تصريحات أحد أقارب الشهيد، فإن الاحتلال رفض تسليم جثمانه؛ بسبب تذرعه بأنه متفحم جراء النيران، وأن التحقيقات ما زالت جارية حول الحادثة.

رئيس الوزراء محمد اشتية دعا الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية لإرسال لجنة للتحقيق في الجرائم الإسرائيلية التي يرتكبها جنود الاحتلال بحق الأطفال والشبان في الأراضي المحتلة والتي كان آخرها إعدام الشاب عبد العزيز، واحتراق جثمانه، معتبرا عملية القتل المدانة ترجمة لسياسة إطلاق الرصاص التي أعلن عنها قادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية قبل أيام.

بدوره، أدان المستشار السياسي لوزير الخارجية والمغتربين السفير أحمد الديك في حديث مع "وفا"، الجريمة الوحشية التي أدت إلى استشهاد عبد العزيز، واعتبرها امتدادا لمسلسل الإعدامات التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد المواطنين الفلسطينيين العزل.

وحمّل الديك المستوى السياسي والعسكري في دولة الاحتلال المسؤولية عن هذه الجريمة وغيرها من الجرائم المشابهة، خاصة بعد التعليمات الجديدة التي تسهل على جنود الاحتلال التعامل مع الفلسطينيين العزل كأهداف للرماية والتدريب وإطلاق النار عليهم وقفا لأمزجة وتبريرات جنود الاحتلال المتمركزين على الحواجز في أراضي الضفة الغربية.

وقال الديك "نحن نتابع هذه الجرائم مع الجهات الدولية المختصة كافة، وفي مقدمتها محكمة الجنائية الدولية ومجلس حقوق الإنسان، ويتم رفع رسائل متطابقة حول انتهاكات وجرائم الاحتلال والمستوطنين للأمم المتحدة ومجلس الأمن".

وطالب المدعي العام الجديد للجنائية الدولية بالإسراع بالبدء بالتحقيقات التي أعلنت عنها، للاشتباه بوجود جرائم حقيقة ارتكبها الاحتلال، وفي مقدمتها الاستيطان، والحرب على غزة، وجرائم الإعدامات الميدانية، وهدم المنازل.

وأضاف الديك "أن السيد الرئيس محمود عباس أكد في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة في دورتها الأخيرة، على أن صبر شعبنا لن يطول أمام جرائم الاحتلال وانتهاكاته، وطالب المجتمع الدولي بجميع مكوناته بتحمل مسؤولياته في إنهاء الاحتلال والاستيطان من أرض فلسطين".

وأشارت الأرقام والإحصائيات الصادرة عن مؤسسة الحق إلى أنه منذ مطلع العام 2021، بلغ عدد الشهداء الذين استهدفوا برصاص الاحتلال 84 شهيدا، 79 منهم ذكور، و5 اناث، منهم 7 حالات استهداف وقتل على حواجز الاحتلال المنتشرة في الأراضي الفلسطينية.

وقال مدير عام المؤسسة شعوان جبارين، "إن سياسية الاحتلال قمعية فهي تمارس القتل والتعذيب، ولا تلتزم بأية معاير قانونية مطلقا، وجاءت التعليمات الجديدة بإعطاء الضوء الأخضر بإطلاق النار على المواطنين كعامل مشجع ومسهل لضباط وجنود جيش الاحتلال بقتل المواطنين بكل الظروف، وكنوع من الانتقام، وإن دم الفلسطينيين مباح، مع إيجاد الحجج والتبريرات أمام العالم".

وأضاف أن العامين الماضيين شهدا ارتفاعا في نسبة عدد الشهداء الفلسطينيين بشكل واسع، وقد نشهد عمليات إعدام في كل مكان".

وشدد جبارين على ضرورة التشكيك في رواية الاحتلال وتحمل مسؤولياته، وإثبات عكس روايته كونه ينصب مئات الكاميرات في الشوارع وقرب الحواجز، موضحا أن حادثة استشهاد الشاب عبد العزيز حسب المعطيات تدعو للتساؤل؛ خاصة أن الشهيد كان عائد من عمله، فلا يمكن القول إنها عملية دهس، اضافة الى طبيعة المكان يوصف بانه منعطف خطير وفي اجواء ماطرة.