اكد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"محمد شتية أن السلطة لن تعمل على حل نفسها، ويضيف، إن إحدىأهم ركائز هذه الاستراتيجية أن السلطة ستعيد صياغة وظائفها، أو بالأحرى وظيفتها، بعدأن أفرغها الاحتلال الإسرائيلي من محتواها. ويفسر قائلا: "بدلا من أن تكون السلطةمرحلة انتقالية تنتهي بدولة فلسطينية مستقلة، تحولت إلى مجرد بلدية كبيرة في الضفةالغربية تقدم الخدمات من كهرباء ومياه وغيرها".

وستعيد السلطة علاقاتها مع إسرائيل، حسب أشتية،في عدد من النواحي. والركيزة الأساسية الثانية لهذه الاستراتيجية هي المصالحة مع حركة"حماس"، وعلى حد قول أشتية، فإن هذه المصالحة هي جزء رئيسي من مكونات الاستراتيجيةالجديدة، وانطلاقا من ذلك يلتقي الرئيس عباس، في الأيام القليلة المقبلة مع خالد مشعل،رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، من أجل التوصل إلى تفاهم سياسي.

ويشرح أشتية القناعةالتي وصل إليها الجانب الفلسطيني عبر ما يقارب 20 عاما من المفاوضات، ويقول:"إن الجانب الإسرائيلي احتال علينا طيلة هذه الفترة، بمعنى أننا دخلنا في مسارسياسي تفاوضي، هذا المسار أنتج من دون أدنى شك السلطة الوطنية الفلسطينية كسلطة انتقالية.هذه السلطة كان يفترض أن تنقلنا من سلطة انتقالية إلى دولة مستقلة في 4 أيار (مايو)في عام 1999. ومنذ ذلك التاريخ والمفاوضات تراوح عمليا مكانها".

ويضيف أنه"تحت مظلة التفاوض زاد عدد المستوطنين من 92 ألفا أيام مؤتمر مدريد للسلام عام1991، إلى 600 ألف عام 2011. من جانب آخر، حاولت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، المسؤولةعن المفاوضات والملف السياسي، جاهدة أن تنهي هذا الاحتلال عبر المسار التفاوضي، لكنإسرائيل وصلت إلى قناعة بأنه مهما عملت (نحرد) قليلا، وتتوقف عن المفاوضات، ثم نعودإليها، لذا فإنها عملت في اتجاهين؛ الأول برنامج استيطاني مكثف وظيفته الرئيسية تدميرأي مجال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للعيش في الضفة الغربية، وهذا البرنامجالاستيطاني يشمل القدس أيضا".

وتابع اشتية القول:"على ضوء فهمنا لهذا الواقع، أخذنا في الاعتبار الحالة العربية الانتقالية التيستعيش إلى 4 أو 5 سنوات مقبلة، سواء في تونس أو مصر أو ليبيا أو سوريا.. أقصد أن الاستقرارفي المنطقة يحتاج من 4 إلى 5 سنوات، يضاف إلى ذلك الأزمة الاقتصادية في أوروبا التيسيكون لها انعكاس سياسي كبير، وبالتالي ستأتي بمجتمعات بقيادات يمينية أكثر منها منقيادات عقلانية وسطية تنظر إلى فلسطين من باب تصفية الاستعمار والعدل.. بل تنظر إليهامن ناحية آيديولوجيا، بعضها توراتي، والآخر سياسي يميني، ويوازي هاتين الحالتين تآكلقدرة الرئيس الأميركي باراك أوباما على التأثير في مجريات الأحداث في المنطقة، نتيجةانشغاله بأزمته الاقتصادية الداخلية ومحاوله إعادة انتخابه ولي ذراعه من قبل إسرائيلعبر الكونغرس، كل ما تقدم حدا بنا لكسر الأمر الواقع على طاولة المفاوضات عبر الذهابإلى مجلس الأمن الدولي طلبا للعضوية الكاملة لدولة فلسطين، وبالتالي التحرر من أزمةطاولة المفاوضات، التي لم تكن قادرة على أن تفعل شيئا لإنهاء الاحتلال، نتيجة عجز الطرفالثالث، سواء كانت اللجنة الرباعية أو الولايات المتحدة أو أوروبا أو حتى العرب، وإنأقصى ما تأتي به هذه الطاولة هو مزيد من الاستيطان".

أما المسار الثاني، يقولأشتية، فيخص الواقع على الأرض.. "بعد أن كسرنا الواقع على طاولة المفاوضات.. الواقععلى الأرض هو أن إسرائيل تسيطر سيطرة كاملة على عسكريا وإداريا على 62 في المائة منالضفة، المسماة بمنطقة (ج). ثانيا عدد الفلسطينيين في هذه المنطقة لا يتجاوز 5 في المائةفقط، بينما يبلغ عدد المستوطنين ثلاثة أضعاف الفلسطينيين.. ثالثا أغلقت إسرائيل بالكاملمدينة القدس ولديها برنامج استيطاني مكثف من أجل تهويدها الكامل. رابعا عزلت إسرائيلقطاع غزة بالكامل عن الضفة. خامسا قسمت مدينة الخليل إلى إتش1 وإتش2، ولا يوجد أي سيادةفلسطينية على منطقة إتش1. زد على ذلك أن إسرائيل أغلقت منطقة غور الأردن التي تمثل18 من مساحة الضفة الغربية، ويعيش فيها 7 آلاف مستوطن ينتجون نحو ما قيمته 4 ملاييندولار من البضائع والخدمات، بينما هي مغلقة أمام أي استثمار فلسطيني.. في المقابل حوصرتالسلطة الفلسطينية في منطقة (أ) التي لا تمثل سوى 18 في المائة من الضفة الغربية، وأنإسرائيل في حصارها هذا قد حولت السلطة الفلسطينية من معبر نحو الدولة المستقلة إلىبلدية كبيرة تقدم خدمات حياتية من كهرباء ومياه وطرق وغير ذلك".

ويرى أشتية أن هذهالإجراءات وما نتج عنها أفرغت السلطة من محتواها، وحولت السلطة إلى سلطة إدارية وخدماتيةللسكان (مشروع إسرائيلي قديم تقدم به إيغال ألون، وزير خارجية إسرائيل بين 1974 -1977، وهو حكم ذاتي للفلسطينيين على السكان وليس الأرض) مع سلخها عن مصادرها ومواردهاالطبيعية وغيابها عن حدودها وفقدانها لأي سيادة على مناطق (أ)، ناهيك عن (ب) أو (ج)- قسمت الضفة بموجب اتفاقات أوسلو إلى 3 مناطق وهي (أ) خاضعة أمنية وإداريا للسلطة،و(ب) وهي خاضعة إداريا للسلطة وأمنيا لإسرائيل، و(ج)، وهي خاضعة أمنيا وإداريا لإسرائيل".

وأضاف أشتية: "إن العلاقة بين السلطة وإسرائيلمتمثلة في أربعة مفاصل رئيسية، الأول: المفصل السياسي، وهو مغلق على طاولة المفاوضات.والمفصل السياسي الثاني، وهو ذاك المتعلق بالشق الأمني، وهو يسير على أكمل وجه.. وهناندفع نحن في الأمن من أجل الحفاظ على أمن شعبنا الذي تحصي حاصل تنتفع منه إسرائيل لذانحن ندفع في الملف الأمني ولا نتلقى مقابلا في الملف السياسي".

المفصل الثالث وهو الاقتصادي:وهو طريق باتجاه واحد.. تصدر لنا إسرائيل ما قيمته 4 مليارات دولار، ولا يزيد ما نصدرهلها على ما بين 300 - 350 مليون دولار". والمفصل الرابع هو المفصل الخدماتي، فإسرائيلتزودنا بنحو 95 من الكهرباء، وتسرق مياهنا الجوفية وتبيعها لنا.. ولا تسمح لنا إلاباستهلاك 70 مترا مكعبا من المياه سنويا لكل فرد مقابل 450 مترا مكعبا لكل مستوطن".

و"تدفع الحالة التي نعيشها"، حسب أشتية"القيادة الفلسطينية، إلى إعادة النظر في وظيفة السلطة وعلاقتها مع إسرائيل فيالنواحي المختلفة التي سلف ذكرها.. معنى هذا الكلام أن إسرائيل قتلت احتمال تطور وظيفةالسلطة كما نحن نريد، إلى ناقلة للمشروع الوطني نحو الاستقلال، وإحالة السلطة إلى بلديةخدمات. كل هذا الكلام يأتي في سياق أن الاحتلال الإسرائيلي بمجمله هو احتلال غير مكلفمن الزوايا التالية: أولا.. لا تصل لإسرائيل جثث الجنود في الضفة في أكياس سوداء، لأنناتبنينا مسارا سياسيا تفاوضيا ومقاومة شعبية سلمية. ثانيا.. لا يوجد مظاهرات في تل أبيبوالمدن الإسرائيلية الأخرى تطالب بإنهاء الاحتلال، مما يعني أن الشعب الإسرائيلي لايحس بآلام ومعاناة الشعب الفلسطيني.. ثالثا لا يوجد ضغط دولي على إسرائيل من أجل إنهاءاحتلالها... لا من قبل أميركا ولا أوروبا أو حتى العرب، ليس هذا فحسب، بل إن الاحتلالالإسرائيلي يربح من الناحية الاقتصادية والمادية والسياسية.. مثلا إسرائيل تأخذ أرضنامجانا، إسرائيل تسرق تاريخنا وتزوره في القدس والخليل وبيت لحم ونابلس وتبيعه على أنهجزء من التاريخ اليهودي التوراتي، وتأتي بأربعة ملايين سائح إلى الأراضي المقدسة وتبيعهمتاريخا مزورا، وإسرائيل تستخدم الأراضي الفلسطينية كمكب للنفايات، بما فيها النفاياتالصلبة والصناعية.. إسرائيل تسرق 600 مليون متر مكعب من مياه الضفة وغزة من مجموع800 مليون، وهي الموازنة المائية في الأراضي الفلسطينية.. وخامسا تصادر أراضينا مجاناوتعطى لشركات خاصة للاستثمار لبناء مساكن للمستوطنين".

وخلص أشتية إلىالقول إن القيادة الفلسطينية، وبتعليمات من أبو مازن، تدرس "إلى أين نحن ذاهبونبعد 11/ 11/ 11 موعد تقديم تقرير لجنة الخبراء إلى مجلس الأمن". واستطر قائلا:"نحن الآن في منحنى استراتيجي جديد هدفه كسر الأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيلعلينا ميدانيا وسياسيا".v