يوم الثلاثاء الماضي الموافق 5/1/2021 أرسل حوالي 60 شابًا إسرائيليًا رسالة لكل من وزيري الحرب والتعليم ورئيس أركان جيش الموت الإسرائيلي عشية التحاقهم بالخدمة الإجبارية، أعلنوا فيها رفضهم الخدمة لأكثر من سبب، منها أولًا مواصلة الاحتلال الإسرائيلي لأرض شعب آخر؛ ثانيًا رفض نظام التعليم الصهيوني، باعتباره نظاما مشوها، يسلط الضوء على الرواية الصهيونية، وينفي كليا الرواية الفلسطينية بدءًا من النكبة إلى التاريخ الحاضر؛ ثالثًا التجنيد بالجيش لتكريس العدوان على الشعب الفلسطيني، وحرمانه من ابسط حقوقه؛ رابعًا سياسة الفصل العنصري، التي تنعكس في نظامين قانونيين مختلفين، أحدهما فلسطيني والآخر إسرائيلي صهيوني، وتتكرس بتعاظم وتزايد حدة خطاب التحريض والكراهية، وتأليب الرأي العام الصهيوني عموما وقطعان المستوطنين خصوصًا لتعميق العنف البوليس والسياسي؛ حسب ما نشر في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بذات التاريخ.
وأكد الشبان رافضو التجنيد الإجباري في جيش الحرب والقتل، ان رفض التجنيد ليس "خطوة انفصال أو تنكر للمجتمع الإسرائيلي، بل تحمل المسؤولية عن أفعالنا ونتائجها". بتعبير آخر، أرادوا التأكيد، أن مسألة التجنيد ليست مسألة معزولة عن مجمل المركبات المتداخلة معها وفيها وعليها، لأن التجنيد يعني بشكل محدد وواضح، الالتزام بالنظرية الأمنية الإسرائيلية العدوانية؛ وتنفيذ الأوامر الملقاة عليهم ضد ابناء الشعب الفلسطيني؛ وحراسة قطعان المستعمرين على أرض الدولة الفلسطينية المحتلة؛ وتأبيد العملية الاستعمارية على الأرض الفلسطينية؛ وتعزيز وتكريس العنصرية بكل تجلياتها ضد هوية وثقافة ومصالح وحقوق الشعب الفلسطيني أينما كان على أرض فلسطين التاريخية؛ ومخالفة القوانين والأعراف والمواثيق الدولية؛ وتبديد خيار السلام والتعايش والأمن المتبادل بين دول المنطقة عمومًا ودولتي فلسطين وإسرائيل.
هذا وتميزت الرسالة الجديدة للشباب الإسرائيلي عن الرسائل المماثلة السابقة بالنضج السياسي، والمحاججة العلمية والسياسية والقانونية في رفضها لعملية التجنيد، التي لم تعتبرها أمرًا مسلمًا به، ولا مفصولة عن خيارات دولة الاستعمار الإسرائيلية العدوانية، ولا عن الرواية الصهيونية المزورة والكاذبة، التي تتنكر لرواية وحقوق الآخر الفلسطيني، صاحب الأرض والبيت والبستان والبحر والهواء والتاريخ والجغرافيا والموروث الثقافي والحضاري.
وأعاد الشباب- رافضي الخدمة- للأذهان في رسالتهم، كيفية التأصيل للوعي المزيف للأطفال الإسرائيليين بدءًا من الحضانة والروضة إلى المدرسة ومنهاج التعليم الجامعي، الذي يقوم بتحريف وتزوير التاريخ والحقائق كلها، ليس هذا فحسب، بل بحقنهم بالأفكار السوداء، وشحنهم عبر عملية تحريض ممنهجة على كراهية الفلسطيني، وتشبيهه بابشع الصور والمعايير، والدعوة لقتله دون تردد، ولتحقيق غاية البطش بالآخر. كما ويقومون بتعبئتهم بمقولة عنصرية كاذبة: أنك إن لم تقتل الفلسطيني، فهو قاتلك لا محالة.
مما لا شك فيه، أن رسالة الشباب رافضي الخدمة في جيش الموت الإسرائيلي تحمل دلالات سياسية وقانونية وأمنية وثقافية وأخلاقية تستحق التوقف أمامها، وإعطاءها ما تستحق من الاهتمام، والنشر والتعميم في اوساط الراي العام الإسرائيلي أولًا وثانيًا وعاشرًا، والعمل على كي الوعي السياسي الإسرائيلي من خلال هذه الوخزات والمحفزات، التي تمثلها الشباب الإسرائيلي، وأيضًا العمل على تعميمها على الرأي العام العالمي، ووضعها أمام قادة العالم والمنابر الحقوقية والبرلمانية والإنسانية ليتعرفوا أكثر فأكثر على الوجه الحقيقي لدولة الفصل العنصرية، الدولة الخارجة على القانون الدولي، والمزورة للحقائق والتاريخ، الدولة المرتكبة آلاف جرائم ومذابح الحرب ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل. وتحفيز العالم الانتصار للسلام ودعم خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والمساواة لأبناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، وتعزيز التعايش بين شعوب المنطقة والإقليم.
نعم عدد رافضي الخدمة محدود وصغير. لكن رسالتهم مهمة، ومامة جدًا، وعظيمة الدلالات، وتستحق التبني والتعميم من قبل كل محب للسلام، ورافض للعنصرية والكراهية، والعنف والظلم والتزوير والإرهاب الصهيوني الوحشي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها