ميساء عمر

منذ عامين بدأ الشاب معاذ هاني شبيطة (26 عاما) من بلدة عزون شرق قلقيلية بخوض تجربة الزراعة المائية المعلقة، على سطح منزل سكناه، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي لأسرته، بإبداع ينسجم مع ما يمتلكه من امكانيات مادية بسيطة.

الزراعة المائية "الهوائية" أي زراعة النباتات، تكون عن طريق تعليقها بشكل منفصل في الهواء دون تربة، وتعتمد على وضع جذور النباتات داخل محاليل مُغذّية بلا وسيط أو تربة، وبالتالي الحصول على أفضل بيئة للأكسجين، والرطوبة، ما يوفر ظروفا أكثر توازنا للاستفادة من العناصر الغذائية.

"الحاجة أم الاختراع"، قاعدة كانت أم مثلا متداولا طبقها شبيطة الذي يتحدث عن بدايته بالمشروع قائلا: "كنت ابحث عن مشروع استثمر فيه على سطح المنزل لتوفير المال، الى جانب عملي على حفارة للآبار، وخلال تصفحي مواقع التواصل الاجتماعي ذات يوم، جذبتني فكرة تجربة الزراعة المائية بإحدى المحافظات، وقررت تجربة ذلك، وكان الانترنت أفضل معلم، فاستمعت الى جميع الدورات التعليمية المتعلقة بالزراعة المائية".

وتابع: "سعدت جدا بالنجاح من أول تجربة، لم أكن أتوقع أن الأمر بهذه السهولة، فالزراعة المائية، اضافة الى أنها ممتعة، تتيح زيادة كميات الانتاج في أسرع وقت ممكن، وتساهم بشكل كبير بالتقليل من استخدام المبيدات، خاصة المستخدمة لمكافحة الآفات، ناهيك عن أنها تتجاوز عوائق التربة، ومشكلة المساحات، كما انها لا تحتاج الى تكاليف باهظة، وتعد الخضراوات الورقية، أمثلة على النباتات التي يُمكن زراعتها بهذه التقنية".

تمكن شبيطة من زراعة 3 آلاف شتلة بأصناف مختلفة من الخضار، بعد نجاح تجربة إنتاج 45 شتلة، من الخس، والنعنع، والبقدونس كخطوة أولى، ثم استنبات أنواع أخرى، وبذلك انتقل من مرحلة الاكتفاء الذاتي الغذائي الى مرحلة التسويق.

ما لا شك فيه أن أزمة الطوارئ التي عاشتها البلاد وما زالت بسبب فيروس "كورونا"، أثرت على التسويق وسببت له خسائر مادية، لكن ذلك لم يثنه على مواصلة التفكير والخروج بأفكار من شأنها أن تدعم عمله، فهو الآن يسعى لانتاج اشتال بأشكال وأصناف مختلفة، على أمل تسويقها، وسبق له أن توجه لمديرية زراعة قلقيلية لدعمه، في انشاء مشتل خاص قائم على الزراعة المائية .

بدوره، بين رئيس شعبة المحاصيل الحقلية بمديرية زراعة قلقيلية محمد أبو صالح، أن تجربة الزراعة المائية نادرا ما يلجأ اليها المواطنون في محافظة قلقيلية، لتوفر المساحات الزراعية الشاسعة بالمحافظة، وهي مناسبة جدا للمناطق التي تعاني من شح بالمياه.

وأشار إلى أن وزارة الزراعة تشجع اقامة المشاريع الاسثمارية الزراعية وتدعمها، وأطلقت مؤخرا مبادرة "زراعة الحدائق المنزلية"، من أجل تعزيز الأمن الغذائي الفلسطيني والأسري، لتوفير سلة السلع الزراعية الرئيسية على المستوى المنزلي، خاصة في الظروف الراهنة.

ويشجع أبو صالح المواطنين على استثمار أسطح المنازل بالمشاريع وبالتحديد الزراعية، قائلا: "مهما كانت الجدوى المادية منها، فإن أقل ما تقدمه هو تشجيع المواطنين على ابتكار البدائل التي قد تدفعهم الأوضاع البيئية في البلدة إلى استخدامها، إلى جانب المتعة المصاحبة للإنجاز الذي يحول الأسطح لجنائن للاستضافة، ورؤية الشمس، التي حجبتها عنهم منازلهم الضيقة.