تقرير:  نديم علاوي

تسير مياه نبع العوجا شمال مدينة أريحا نحو مجموعة من القنوات المائية تغذي بعضها التجمعات السكانية في المنطقة، وأخرى تسرق مياهها المستوطنات القريبة كباقي مصادر المياه الطبيعية في الأغوار.

منذ عام 2000، تضمحل مياه نبع العوجا الى حد انقطاعها ثلاثة الى أربعة أشهر بالسنة، وحسب شدة ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف، إلى جانب سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على مياهه منذ عام 1967 عبر قنوات مائية تغذي مستوطنات "نعما" و"ايطاف" و"نتيف جدود" و"نعران" و"ميديئوت" المحيطة بالنبع.

يقول رئيس بلدية العوجا صلاح أبو ستة: إن مطامع الاحتلال بالاستيلاء والسيطرة على أراضي منطقة العوجا وقريتها البالغة مساحتها 25 ألف دونم، ظاهرة منذ عشرات السنين، وإنه إذا ما أقدمت حكومة الاحتلال على ضم الأغوار، فستكون هناك كارثة زراعية حقيقية، لا سيما أن مخطط الضم يطالها.

وقال، إن سلطات الاحتلال تحرم المزارعين في العوجا من مصادر رزقهم في الخضراوات الموسمية التي تنبت خلال الصيف بسبب الجفاف، خاصة الحمضيات والموز، وتسلب جزءا كبيرا من مياهها من خلال القنوات والآبار الارتوازية التي  يصل عمقها إلى 700 و800 متر، فيما يتردد مستوطنو المستوطنات المحيطة منذ عشرات السنين على النبع بهدف السيطرة على المنطقة، إضافة الى منع الاحتلال للمزارعين من حفر آبار ارتوازية تغذي القرية.

ويضيف، ان نبع العوجا الذي كان يطلق عليه "نهر العوجا" لشدة مياهه قبل ان تفصله سلطات الاحتلال عن نهر الأردن عام 67، سلب من كمية مياهه نحو 65% من قبل الاحتلال، وهو ما جعل المزارعين متخوفين على الدوام من انقطاع مفاجئ لمياه العوجا التي هي مصدر حياتهم ورزقهم.

ومع بداية العام الجاري، هدمت سلطات الاحتلال تسعة مساكن في تجمع رأس عين العوجا أقرب منطقة من النبع، وأخطرت 60 مسكنا آخر مكونة من الصفيح بالإزالة والتفكيك، رغم أنها ممولة من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، الأمر الذي اعتبره مسؤولون خطوة اضافية تندرج ضمن مساعي الاحتلال لضم الأغوار.

وفي الأيام الأخيرة، اقتحم عشرات المستوطنين المسلحين ترافقهم الكلاب، التجمع، وحاولوا سرقة أغنام أحد المواطنين، واعتدوا بالضرب على الشبان الذين تصدوا لهم، ما أسفر عن إصابة شابين بجروح بالرأس، نقلوا على إثرها إلى مستشفى أريحا الحكومي، حيث وصفت حالتهما بالمتوسطة.

إلى ذلك، يوضح مدير جودة البيئة في محافظة أريحا والأغوار امجد جبر لـ"وفا"، أن سلطات الاحتلال تسيطر على نحو 90% من منطقة الأغوار، ويعتبر النبع منطقة مصنفة (ج)، حيث منعت سلطة جودة البيئة من ترميمها وتنظيمها وتعبيد طرقها من قبل سلطة جودة البيئة وبلدية العوجا على اعتبار أنها محمية طبيعة إسرائيلية.

ويبين جبر أن سرقة الاحتلال لمياه نبع العوجا ساهمت في اختفاء التنوع الحيواني في المنطقة، وتخفيض نسبة الزراعة في المنطقة المحيطة إلى ما نسبته 80%، من خلال سحب المياه من الاعماق السحيقة.

ويشير إلى أن انتاجية النبع من الماء وصلت إلى 3747000 كوب خلال عام 2000، قبل أن تتناقص تدريجيا وفي بعض الاحيان تختفي بفعل الجفاف.

ويضيف، ان السهل الشرقي لنبع العوجا توقف عن الزراعة تماما بسبب سرقة المياه، بعد أن شكل خلال العقود السابقة مصدرا اساسيا لتسويق خضراوات الأغوار في بعض الدول العربية.

ودعا جبر المزارعين إلى تعزيز استثماراتهم في المنطقة، وزراعة الاشتال، واقامة حملات نظافة هناك، وتطوير المنطقة وإعادة تأهيلها سياحيا، في مواجهة حالة المنع التي تفرضها سلطات الاحتلال الاسرائيلي.

ويشهد نبع العوجا سياحة شعبية للمواطنين على ضفتيه من كل عام، وتوافد المواطنين من جميع محافظات الوطن.