تقرير: لال غيث كسواني
حزن كبير مشوب بالخوف والقلق، خيّم على بلدة بدّو شمال غرب القدس المحتلة، بعد أن كانت مفعمة بالحياة والحركة النشطة، إلا أن أحوالها تبدلت، بعد أن فقدت سيدة من البلدة حياتها بعد ساعات من الإعلان عن إصابتها بفيروس "كورونا" المستجد.
عدد قليل من أقارب الفقيدة، برفقة طاقم من الطب الوقائي، شاركوا في تشييع جثمانها، في ساعات متأخرة من الليلة الماضية، وسط إجراءات طبية مشددة.
اليوم، التزم أهالي بدو منازلهم، في محاولة لدرء المخاطر للحد من انتشار الفيروس بين أبناء البلدة، وفي ذلك يقول المواطن محمد منصور، "الأهالي لم يلتزموا بالتعليمات في السابق وواصلوا التحرك ما تسبب في تسجيل هذا العدد الكبير من الإصابات".
ويضيف: "تبدو البلدة التي يقطنها قرابة 9 آلاف نسمة خاوية، وتسود بين الأهالي خشية كبيرة من انتقال العدوى إليهم، خاصة أن معظم أبناء البلدة يعملون داخل أراضي 1948"، وناشد جميع أبناء البلدة والقرى المجاورة بعدم الخروج من منازلهم، وتنفيذ تعليمات الجهات المختصة، وعدم الاختلاط، خاصة مع العمال.
وتقع بدو في المنتصف بين 13 قرية شمال غرب القدس المحتلة، ويقطنها قرابة 9 آلاف نسمة، وتعد السوق التجارية الرئيسة لتلك القرى، ويزورها الآف المواطنين يوميا.
انتشر المئات من رجال الأمن في البلدة، وأغلقوا جميع مداخلها، ومنعوا الحركة إلا في حالات الضرورة، وللمرور لمن يسمح له بالحركة إلى القرى المجاورة لنقل الأغذية والأدوية.
المواطن محمد الطري، يقول: "جميع أبناء البلدة يلتزمون منازلهم حاليا، ويجري حصر دوائر انتشار المرض، وينتظرون إجراءات دائرة الطب الوقائي في محافظة القدس، من اجل أخذ مزيد من العينات من المخالطين للعمال القادمين من أراضي عام 1948".
ويضيف: "يوجد كثير من أبناء قرى شمال غرب القدس ممن يعملون في السوق التجارية، يجري حاليا حجرهم منزليا في انتظار الطواقم المختصة لأخذ عينات منهم، خاصة أن المصابين كانوا قد تجولوا في السوق".
ودعا أبناء شعبنا لأخذ العبرة مما جرى في بدو، ويؤكد أن عدم الالتزام بالتعليمات تسبب في تسجيل هذا العدد الكبير من الإصابات هناك، "على الجميع أخذ الحيطة والحذر وتنفيذ التعليمات بحذافيرها".
المواطن أحمد عياش يؤكد أن أهالي البلدة لم يتعاملوا مع الموضوع بجدية، والإصابة الأولى جاءت عبر عامل من الداخل لوالدته المريضة التي توفاها الله بالأمس، ونقلت العدوى لأولادها الأربعة ولعدد من أقاربها، وكل شخص تواصل مع عائلته، ما يعني انتشار الفيروس".
ويضيف ان عشرات العمال من المنطقة، كانوا يتنقلون بنفس الحافلات مع المصابين، قاموا بحجر أنفسهم بعد شعورهم بالخطر الحقيقي.
ويوضح أن أهالي بدو يعكفون حاليا على إيجاد منطقة حجر في البلدة للمشتبه بإصابتهم، إضافة لتنفيذ مبادرات للتخفيف عن الناس، وتوفير الطعام للمحتاجين فيها.
ويلفت عياش إلى أن شباب البلدة، انتشروا عند مداخلها، ويعملون مع الأجهزة الأمنية لمنع الدخول والخروج من وإلى بدو بالمطلق، كما يوجد خط طوارئ لشحن بطاقات الكهرباء للمواطنين المحتاجين.
محافظ القدس عدنان غيث يؤكد لـ"وفا"، أنه تجري متابعة الأحداث في بدو أولا بأول، والنتائج التي أظهرت وجود هذا العدد الكبير من الإصابات فيها مؤشر خطير، يثبت أننا بحاجة للتعامل بجدية في مختلف القرى والبلدات بضواحي القدس، لأن هذا الفيروس لن يرحم أحدا، فالإجراءات الوقائية هي الحل الوحيد لحماية أبناء شعبنا.
ويضيف: "منعنا التحرك بالكامل في بدو، وأغلقنا السوق التجارية، لإتاحة المجال لجهات الاختصاص للعمل، ويجري حاليا تعقيم مختلف الأحياء في البلدة ومؤسساتها، بشكل دوري وبالتزامن مع اتخاذ إجراءات ستحول دون انتشار الفيروس".
وتابع: "من المؤسف أن الفيروس انتقل نتيجة تنقل العمال من داخل أراضي عام 1948 إلى بدو، وتسبب بوفاة السيدة الستينية، ونقل العدوى إلى مخالطين لها".
ويؤكد وجود خطة يعمل عليها الأمن، وهي محاولة لاستنساخ التجربة الناجحة في بيت لحم، ونحن نتابع لحظة بلحظة، وقد نوسع دائرة المنع والإغلاق وتقييد الحركة، وكل التدابير التي ستحد من انتشار الفيروس، ولن ندخر جهدا في القيام بها لحماية أبناء شعبنا.
ويشدد على أنه منذ اللحظة الأولى التي تم فيها إعلان الإصابات في بدو، والطواقم الطبية تعمل على حصر دوائر المصابين والمخالطين، من أجل إجراء فحوص لهم وعزلهم، وأخذ كل الاحتياطات الطبية.
وناشد كل العمال العائدين من أراضي الـ1948، بالابتعاد عن أهاليهم وحجر أنفسهم، وقال: "نحن اليوم في اجتماعات طوارئ متواصلة لوضع التدابير المناسبة للحد من انتشاره، وعمل ما أمكن من إجراءات للحيلولة دون انتشار الفيروس في قرى شمال غرب القدس".
في الخامس من الشهر الجاري، أصدر الرئيس محمود عباس، مرسوما رئاسيا بإعلان حالة الطوارئ، وبناء عليه، أصدر رئيس الوزراء محمد اشتية اجراءات وقائية واحترازية لمنع تفشي الفيروس، ومع ارتفاع عدد المصابين اتخذت الحكومة اجراءات مشددة يوم 22 من الشهر الجاري، من بينها: منع التنقل بين المحافظات نهائيا، ومنع وصول أهلنا من القرى والمخيمات إلى مراكز المدن باستثناء الحالات المرضية والطارئة، ومنع خروج جميع المواطنين من بيوتهم تطبيقا للحجر الإلزامي، ووضع جميع القادمين من الخارج تحت الحجر الإجباري لمدة 14 يوما في مراكز الحجر الصحي كل في محافظته، واغلاق جميع مديريات الوزارات في المحافظات ما عدا مديريات الصحة والمالية والاقتصاد والتنمية الاجتماعية والشؤون المدنية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها