تقرير: عنان شحادة
ما زال لدى والدة الأسير ناصر أبو سرور من مخيم عايدة شمال بيت لحم والمحكوم بالمؤبد في سجون الاحتلال الإسرائيلي، مزيونة، وهي في السبعينيات من عمرها، الأمل لمعانقته وتحقيق امنيتها قبل مغادرتها لهذه الدنيا.
اتعبتها السنون وهي تنتظر لحظة اللقاء، ضعف بصرها من كثرة حرقتها وبكائها على ابنها، كان من المفروض ان يفرج عنه في الصفقة الرابعة للأسرى المحررين لكن ألغيت في اللحظات الأخيرة.
بادر نشطاء في المخيم في اطار الأجواء العامة التي تمر بها فلسطين بعد ظهور فيروس كورونا، الى اطلاق مبادرة "مزيونة بخير" تضامنا مع الاسرى ولطمأنتهم على احوال بعضهم البعض، بعد أن حرم الاحتلال أهالي الاسرى من زيارة أبنائهم.
في بيتها المتواضع الذي يتوسط المخيم فاجأها مجموعة من النشطاء بزيارتها والاطمئنان عليها وتسليمها "لوحة" عليها صورتها ومكتوب عليها مزيونة .... بخير.
لم تتمالك الحاجة مزيونة نفسها، وذرفت الدموع، وقالت "منذ ثلاثة اشهر لم ازر ابني، كان من المفروض ان اكون الاثنين الماضي في زيارة له، لكن صار اللي صار وجاء كورونا ليزيد معاناتنا الى جانب معاناة الاحتلال ولوعة الفراق".
"الله يعلم بحالتي، وربنا يقف الى جانب الاسرى، وهذا نصيبنا، أسبوعين انحشرت الناس في منازلها، وبدأوا بالتذمر، كيف لابنائنا الاسرى الذين يقبعون في سجون الاحتلال منذ عشرات السنين، أتمنى من الجميع ان يعلم معنى الحرية ويشعر بحال اسرانا اكثر من أي وقت، قالت مزيونة لــــــ "وفا".
وأضافت، "ابني ناصر لم ير السماء منذ 28 عاما الا مرة واحدة، وقال لي انه شاهدها دون شبك، أيام ما كنت انا ممنوع من زيارته على مدار سبع سنوات .... صار ينزل محكمة حتى أزوره، وأبلغني انه عندما سار في الشارع وهو مقيد اليدين والارجل، كانت لحظة جميلة له بان يرى السماء قبل دخول المحكمة".
"وباء كورونا زاد من مواجع كل عائلات الاسرى، حرمنا من زيارة أبنائنا، رغم السجن والسجان الا انني كنت كل شهر اطمئن عليه في سجن "هداريم"، وقالت: "ايش بدنا نعمل.. بدنا نصبر ولكن ما ظل صبر".
صاحب المبادرة والقائم عليها رئيس مركز شباب عايدة والناشط المجتمعي منذر عميرة قال لــــــــ "وفا"، ارتأينا في ظل هذه الظروف القاسية ان نطلق حملة " مزيونة .. بخير"، تضامنا مع اسرانا الابطال، امام تزايد عذابات وآلام عائلات الاسرى للاطمئنان عليهم بعد ان حرموا من الزيارة، في محاولة للطمأنة المتبادلة من خلال الإعلام.
وأضاف، إطلاق اسم الحاجة مزيونة هي رمزية لشخصية ام تعاني الويلات منذ سنوات، أردنا ايصال صوت عائلات الاسرى الى أبنائهم والعكس، كما ان الحملة تشمل فعاليات كثيرة، منها احياء عيد الام وزيارة أمهات الاسرى وزوجاتهم في المخيم، وتوزيع باقة ورد لكل واحدة، لنؤكد لهن ان المجتمع الفلسطيني لن يترككن، سواء بالمناسبات الاجتماعية او الوطنية والتضامنية.
وقال، ان حملة مزيونة انطلقت في المخيم لكن ستعمم فعالياتها الى مواقع جغرافية أخرى في المحافظة، مع تأكيدنا اننا نريد منها أيضا دفع الرأي العام المحلي والدولي لتذكر أبنائنا الاسرى والعمل على حمايتهم من بطش السجان، الا ان فيروس كورونا زاد من معاناتهم، وان على الجميع حمايتهم من الوباء بتوفير المعقمات والرعاية الصحية.
بدورة قال المتحدث باسم هيئة شؤون الاسرى حسن عبد ربه، ان وقف زيارات الأسرى من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ومنع أهاليهم من الوصول الى قاعات المحاكم العسكرية، من شأنه المساس بقدرتهم على التواصل مع عائلاتهم، ما شكل حالة من الضغط النفسي والعصبي والعاطفي عليهم وعائلاتهم.
وأضاف يجب البحث عن بدائل من خلال السماح للأسرى بالاتصالات الهاتفية كبديل مؤقت بهدف الطمأنينة، مشيرا الى وجود 5000 اسير ومعتقل منهم 43 أسيرة، 200 طفل قاصر، 700 مريض وحوالي 500 معتقل إداري.
ولم يخف حقيقة خشية أهالي الاسرى والأسرى أنفسهم نظرا لعدم قيام مصلحة السجون باتخاذ إجراءات وقائية لحمايتهم والحفاظ على سلامتهم استنادا الى اتفاقيات جنيف.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها