تقرير: الحارث الحصني

بعد جهد استمر أشهر، أصدرت جمعية الحياة البرية في فلسطين كتاب (الدليل الحقلي للتنوع الحيوي في جبال فقوعة)، والمختص بالحياة البرية في منطقة جنين.

الكتاب الذي أصدرته الجمعية، وأعده مديرها التنفيذي عماد الأطرش، هو حصيلة لتوثيق عدد من هواة التصوير للحياة البرية، جرى تجميعها في كتاب واحد مختص، بالاعتماد على مراجع علمية دقيقة.

ويضم الكتاب 150 صنفا من أصناف الحياة البرية في المنطقة، وثقها مصورون وهواة ومختصون في علم الطبيعة، وباحثون في علم التنوع الحيوي بشقيه النباتي والحيواني.

ويعكف المحاضر في جامعة النجاح الوطنية والمهتم بالشأن البيئي عماد أبو دواس منذ خمس سنوات على نقل الحياة البرية والشأن البيئي والطيور عبر قناته التعريفية على موقع "يوتيوب" وموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ويقول إنه يعرض من خلالهما أنواعا مختلفة من الطيور البرية في فلسطين، والعيش معها لحظة بلحظة.

ويلجأ أبو دواس، أحيانا إلى بعض المختصين في التنوع الحيوي بالمنطقة، لكن في حالات كثيرة يتعذر عليه الحصول على معلومات عن بعضها.

قبل عام، خاض أبو دواس تجربة بتعريف الناس بمنطقة (وادي الفيران) وهي منطقة في سلسلة الجبال الشرقية للضفة الغربية، والمليئة بالتنوع الحيوي، وأدت هذه التجربة لإيصال أكبر قدر من المعلومات عنها للآخرين.

ويقول المدير التنفيذي لجمعية الحياة البرية في فلسطين عماد الأطرش، إن موثقي الحياة البرية نوعان هاوٍ ومحترف. فالهواة يصورون زوايا الحياة البرية، وينشرونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أما المحترفون فأولئك الذين يعملون في ضمن جهات منظمة كالجمعيات، والمؤسسات المختصة، وهم على دراية علمية بالحياة البرية، ومعاييرها، ومفاهيمها.

تقول الدراسات إن نحو 550 نوعا من الطيور (المقيمة، والمهاجرة)، تعيش في فلسطين، حيث يؤهلها  موقعها الجغرافي أن تكون الموطن الرئيسي لها، كذلك وقوعها ضمن ثلاث مناطق للطيور، وهي المنطقة القطبية في الشمال، والمنطقة الأثيوبية في الجنوب الغربي، والمنطقة المنطقة الهندية في الجنوب الشرقي.

وشكلت الأغوار الفلسطينية على امتدادها مع الشريط الفاصل بين الضفتين، معبرا مهما لبعض الطيور المهاجرة، وموطنا مؤقتا لعدد من أنواع الطيور النادرة، كما تلعب التضاريس أيضا سببا كبيرا في جذب العديد من الطيور المقيمة فيها إقامة دائمة، أو موسمية.

"بحسب التقسيمات فإن الطيور في فلسطين تصنف في خمسة أنواع مختلفة منها العصفوريات، والطيور الجارحة، والدجاجيات، والبرية الأخرى، والطيور المائية، لكن بعضها أصبح مهدد بالانقراض لكن لا يوجد حاليا أرقام دقيقة عن عددها" يقول الأطرش.

محمد دراغمة أحد الهواة المشاركين في الكتاب يقول "يوميا أوثق أنواعا مختلفة من الطيور (..)، أعرف المعلومات العلمية والدقيقة عنها من خلال كتاب مختص في ذلك، وأنشر على حسابي الشخصي على الفيسبوك يوميا صورا لطيور وثقتها".

دراغمة الذي شق طريق التوثيق للحياة البرية في فلسطين منذ عام 2017 كهاوٍ، بات اليوم لديه زخم في المعلومات حول الطيور المقيمة والمهاجرة، كما وثق غزال الجبل الفلسطيني، وبعض النباتات الطبيعية، والبرية.

وترصد عدسة دراغمة يوميا أنواعا جديدة من الطيور، وأخرى لحيوانات، ونباتات منها ما هو مهدد بالانقراض، معتمدا على كتاب "طيور الشرق الأوسط" في معرفة أنواع التنوع الحيوي في فلسطين.

"هؤلاء هواة تصوير، يصورون الطيور، والزواحف، والنباتات المختلفة، لكنهم يمتلكون خلفية علمية عن أسمائها حيث أنه من يصور الحياة البرية يجب أن يتسلح بالمعرفة العلمية الدقيقة عن أصناف التنوع الحيوي". يقول الأطرش.

يحتاج المصورون لكاميرا حديثة، وعدسة تستطيع التقريب بشكل جيد، ولباس خاص للتصوير، كما أن التقاط مقاطع الفيديو يحتاج لمعدات إضافية تعادل أستوديو كامل، واكتساب مهارات جديدة في "المونتاج".

يقول الأطرش "لا يوجد مسح شامل للتنوع البيئي في طوباس والأغوار الشمالية، فأصناف الطيور تزيد، وتنقص باختلاف السنوات، وتسعى الجهات المختصة لإيصال صورة التنوع الحيوي في فلسطين للجهات العالمية المعنية في ذلك؛ لمعرفة أنواع الطيور المهددة بالانقراض".

في العام 2017، أطلقت جمعية الحياة البرية في فلسطين، الطبعة الثانية من كتاب (المناطق ذات الأهمية للطيور في فلسطين)، وهو كتاب معتمد من الاتحاد العالمي لحماية الطبيعة، والمجلس العالمي لحماية الطيور، فهواة التصوير الذين يصورون التنوع الحيوي في فلسطين، وثقوا في أكثر من مناسبة طيورا مهددة بالانقراض.

ويشير الأطرش إلى الطيور المهددة بالانقراض قائلا إن "معرفة ما إذا كان الطير مهددا بالانقراض يكون بالرجوع إلى معايير وضعها الاتحاد العالمي لحماية الطبيعية، والمجلس العالمي لحماية الطيور، حيث ونهاية كل عام تصدر هاتان المؤسستان "القائمة الحمراء"، التي تحتوي على الأصناف المهددة بالانقراض وترفقها بمعلومات عن أماكن تواجدها.

والنباتات أيضا جزء من التنوع البيئي في فلسطين، فعندما كان "دونزمر" يعمل في مشتل في حيفا، عام 1912، وضع في ذلك الوقت، أول فهرس للنباتات الطبيعية في فلسطين، احتوى على 2300 صنف من النباتات الطبيعية، منها أكثر من 140 نوعا لا يوجد إلا في فلسطين.

ووثق المصورون ومنهم دراغمة أنواعا كثيرة من النباتات، كشقائق النعمان، والترمس البري، في مناطق الأغوار الشمالية.

"في شباط أبدأ بتوثيق الحياة النباتات الطبيعية، تكون حينها النباتات قد نمت، واستمر بشكل مكثف حتى نهاية نيسان". قال دراغمة. مضيفا: "وثقت السوسن في أحد جبال طوباس الشرقية".

لكن أبو دواس قال: إنه يهتم أكثر بتصوير الطيور الموجودة، معللا ذلك بقوله إن علم النباتات معقد ويحتاج إلى دراسة لمعرفة التصنيفات الخاصة بها، حتى صار اليوم وبعد خمس سنوات من الخبرة أصبح قادرا على تمييز بعض أنواع الطيور من خلال أصواتها.