تقرير: الحارث الحصني

يتهيأ المواطنون في طوباس والأغوار الشمالية لتجهيز أراضيهم الزراعية؛ لاستقبال موسهم الزراعي "البعلي" الجديد، بينما في خربة "ابزيق" شمال شرق طوباس، يجري العمل بجهد مضاعف لتهيئة عشرات الدونمات من أراضيها.

فبعد أن أنهت قوات الاحتلال الإسرائيلي، قبل أشهر تدريباتها العسكرية المكثفة في الخربة، خلفت وراءها أراض "ميتة" لا تصلح للزراعة، فتلك الآليات التي تزن عشرات الأطنان فتكت بأراضي المواطنين ومزروعاتهم.

يقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس، معتز بشارات: "إن التدريبات خلفت خسائر فاقت 350 ألف شيقل".

وبذلك لا يمكن الاستفادة من هذه الأراضي بأي شكل من الأشكال، فالأرض التي تدوسها جنازير الدبابات وهي مشبعة بالماء، وتجف بعد ذلك، تصبح صلبة ولا تصلح للزراعة أبدا، لكن حجم الخسائر "الكبير"، لم يغير من إصرار المواطنين هناك على استمرارية الحياة في الخربة التي تقع في المنطقة الشفا غورية.

ولأن الاحتلال يمنع إقامة أي مشاريع تنموية في المنطقة بحجج تتعلق بالترخيص غالبا، فإن المواطنين يعتمدون في الزراعة على المحاصيل البعلية، ويزرع في سهل "ابزيق" بشكل أساسي المحاصيل الزراعية البعلية، التي تروى بمياه الأمطار، وتحتاج لتربة لينة وغير صلبة للنمو.

وخلال اليومين الماضيين، دأبت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ومكتب رئيس الوزراء، بالتنسيق مع محافظة طوباس، على استصلاح عشرات الدونمات من الأراضي المدمرة بفعل التدريبات العسكرية الإسرائيلية.

ويؤكد بشارات: "استصلحنا ما يقارب 350 دونما من الأراضي الزراعية، سيستفيد منها نحو 70 عائلة بينها عائلات تسكن الخربة... كل شبر مدمر قمنا باستصلاحه".

وشوهدت على مدار يومين جرارات زراعية ضخمة تحرث الأراضي التي دمرتها دبابات الاحتلال في وقت سابق من هذا العام، وتشمل عملية الاستصلاح إعادة حراثة الأراضي المتصلبة باستخدام جرارات ضخمة وجعلها أقل صلابة، يمكن أن ينبت بها الزرع مستقبلا، وقد استبشر المواطنون هناك خيرا بذلك.

ويقول بشارات: "اليوم ننتهي من استصلاح كل شيء(..)، اخترنا هذا الوقت تمهيدا للموسم الزراعي المقبل".

و"ابزيق" كغيرها من المناطق الفلسطينية المصنفة بأنها مناطق عسكرية مغلقة، يستخدم الاحتلال أراضيها المفتوحة للتدريبات العسكرية، ويتحتم على سكانها ترك خيامهم ومواشيهم في حظائرها أثناء التدريبات.

وبحسب النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2017، يسكن الخربة 129 نسمة، يزيدون أو ينقصون سنويا بناء على حركة الترحال التي تقوم بها العائلات الباحثة عن الغذاء لمواشيها.

فعشرات المواطنين الذين يسكنون الخربة، يأخذون مهنة الرعي مصدرا أساسيا لهم، يستفيد بعضهم من الأراضي التي يبذرونها سنويا بأنواع مختلفة من المحاصيل الزراعية البعلية، وآخرون بعد حصادها من القش الزائد، وأمكن في مرات عديدة مشاهدة عدد من الرعاة وهم يجوبون بمواشيهم الجبال المحيطة بخيامهم.

يقول علي تركي، وهو أحد سكان المنطقة: "استصلحوا لي ما يقارب 150 دونما كنت أزرعها بأصناف مختلفة من البقوليات... لقد حرثوا أماكن داستها جنازير الدبابات".

وأضاف: "الشتاء الماضي دمر الاحتلال لي مساحة من أرضي.. لم استفد منها شيئا، واستصلاحها يعني عودة الحياة لها وتعويض ما يمكن تعويضه من خسارتي الموسم المنصرم".

بالنسبة لنمر حروب، وهو واحد من الذين يسكنون الخربة باستثناء فصل الصيف، فإنه يستفيد من القش المتبقي من حصاد المحاصيل البعلية في إطعام أغنامه، واستصلاح الأراضي يعني الاستفادة من القش بعد حصاد المحاصيل الموسم القادم، وهذا يعني إعفائه من تكاليف إطعام ماشيته.

مواطنون من الخربة قالوا إن استصلاح الأراضي يبقيهم في تلك المناطق.

لكن المواطنين هناك متخوفون من تكرار سيناريو الموسم الماضي من تدمير وتخريب لمحاصيلهم.

وتركي مثله مثل بعض سكان الخربة الذين يظلون في الخربة على مدار السنة، قال إنه تكبد خسائر كبيرة بسبب دمار الأراضي الزراعية، لكنه في المقابل قال: "بعد الاستصلاح سنزرع القمح، والشعير، والبرسيم، لبيع جزء منها، والإبقاء على الجزء الآخر للماشية".

يقول حروب: "الآن أصبح في أراضينا روح للحياة".