المخيّمُ هو رمزُ الهجرةِ القَسريّةِ منْ فلسطينَ بكلِّ ما فيها من وَجَعِ المنفى وعذابِ الغربةِ الدائمةِ، لكنّهُ نقيضُ النسيانِ وهُزالِ الذاكرةِ، فهو نداءٌ يوميٌّ لا يملُّ اللاجئونَ منَ الجَهْرِ بهِ وتوارثِهِ معَ مفاتيحِ البيوتِ، نداءٌ يختصرُ المسافةَ بينَ المنفى والوطنِ ويختزِلُها لتأخذَ شكلَ مظاهرةٍ غاضبةٍ تارةً، وتارةً أخرى شكلَ المسافةِ بينَ الإصبَعِ والزّناد.
ظلَّ المخيّمُ حارسَ الثورةِ ورفيقَ دربِ "أبو عمّارَ" وسيفَهُ المُشرّعَ في وجهِ الأعداءِ، وظلَّ خزّانًا للحلمِ الفلسطينيّ، وتذكيرًا بنكبةِ الشعبِ الفلسطينيّ في وقتٍ يتظاهرُ فيهِ العالَمُ بالعمى ولا يريدُ أنْ يرى المخيّمَ وهو يوجّهُ لهُ أصابعَ الاتّهامِ بالرّكونِ إلى جريمةِ الصّمتِ بكلِّ ما في الصمتِ من قرائنِ الاعترافِ بالمسؤوليةِ عن الجريمةِ التي وقعَ شعبُنا ضحيّةً لها.
من هنا تأتي الحملةُ ضدَّ المخيّمِ والتي قدْ تبدو للوهلةِ الأولى وكأنّها مجموعةٌ منَ الأحداثِ المتفرّقةِ، لكنّها في الحقيقةِ تسيرُ نحوَ هدفٍ واحدٍ هو القضاءُ على حقِّ العودة. لقد كانَ المخيّمُ أولى ضحايا الحربِ العبثيّةِ في سوريا، وبدأتْ صفقةُ القرنِ بالهجومِ المتزامِنِ على القدسِ بكلّ ما تمثّلهُ في الوعيِ الفلسطينيّ، وعلى حقّ العودةِ بما لهُ من رمزيّةٍ وما يحظى بهِ من إجماعٍ وطنيّ.
في السياقِ ذاتِهِ تأتي قراراتُ وزيرِ العمَلِ اللبنانيّ ضدّ حقِّ الفلسطينيّ بالعملِ، فهيَ لا تهدفُ إلى حمايةِ سوقِ العملِ في لبنانَ أو ضَبطِهِ وترشيدِه، لكنَّها عملٌ عدوانيٌّ مبيّتٌ تمَّ الإقدامُ عليهِ في لحظةٍ حاسمةٍ من تاريخِ القضيّةِ الفلسطينيّةِ وفي إطارِ صفقةِ القرنِ وورشة المنامةِ التي تظاهرتْ حكومةُ لبنانَ بمقاطعَتِها لتسارِعَ فورَ انتهاءِ أعمالِها إلى تنفيذِ الجزءِ الأخطرِ من بينِ بنودِها، وهو الجزءُ المتعلّقُ بقضيةِ اللاجئينَ والهادفُ إلى تجاوزِ هذهِ القضيّةِ نهائيًّا.
*منْ يدَّعي رفْضَ التوطينِ عليهِ ألّا يَجعلَ المخيّمَ رمزًا للمعاناةِ، ومَنْ يظنُّ أنَّ التّضييقَ على الفلسطينيّ يُمكنُ أنْ يُجبِرَهُ على الموافقةِ على صفقةِ القرنِ والتخلّي عن حقّهِ في وطنِهِ فهوَ واهم
٢-٨-٢٠١٩
رسالة اليوم
رسالة حركيّة يوميّة من إعداد أمين سر حركة "فتح" - إقليم بولندا د.خليل نزّال.
#إعلام_حركة_فح_لبنان