طلبت الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية في الاسبوعين الاخيرين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عدم اتخاذ خطوات عقابية حادة ضد السلطة الفلسطينية في اليوم التالي للتوجه الى الامم المتحدة. نتنياهو، الذي يوجد تحت ضغط شديد من جانب وزير الخارجية ليبرمان، وزير المالية شتاينتس والنائب الاول لرئيس الوزراء يعلون في الرد بشدة على الاعلان، قرر في هذه المرحلة الا يقرر، طالما لم تتضح معاني الخطوة الفلسطينية.

وحسب موظف كبير في القدس، فان مبعوثي الادارة الامريكية دنيس روس ودافيد هيل، ومحافل امريكية اخرى، توجهوا الى نتنياهو وطلبوا منه عدم اتخاذ خطوات عقابية تضعضع استقرار السلطة الفلسطينية. رسالة مشابهة نقلتها الى نتنياهو الاسبوع الماضي وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون، ووزير الخارجية الالماني، غيدو فاسترفالا.

وصرح الرئيس الامريكي براك اوباما في استعراض امام الصحفيين الاسبوع الماضي بانه اذا قطعت اسرائيل التعاون الامني في أعقاب التوجه الى الامم المتحدة فانها ستضر بنفسها فقط. وقال اوباما ان "مثل هذه الخطوة لن تساعد اسرائيل بل ستضرها".

في محاولة لاقناع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) بالعودة الى المفاوضات مع اسرائيل وتجميد التوجه الى الامم المتحدة، وافق نتنياهو على تلطيف حدة مواقفه في مسائل الاعتراف الفلسطيني لدولة يهودية، حدود 67 وتبادل الاراضي، وكذا في موضوع الجدول الزمني لانهاء المفاوضات. وقال نتنياهو أمس في جلسة الحكومة ان المحاولة الفلسطينية لنيل العضوية الكاملة في الامم المتحدة مآلها الفشل.

وزير الدفاع ايهود باراك يقود الى جانب الوزير دان مريدور معارضة العقوبات الحادة على السلطة الفلسطينية. ويحذر الوزيران من أن الامر من شأنه ان يؤدي الى التدهور نحو العنف الذي في اطاره يوقف الفلسطينيون التنسيق الامني مع اسرائيل، وفي سيناريو معين ايضا الى الانهيار الشامل للسلطة الفلسطينية بحيث ان اسرائيل تأخذ المسؤولية عن حياة السكان في الضفة.

والتقى باراك أمس في نيويورك مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض وبحث معه في استمرار التعاون الامنين وفي محاولة لمنع اشتعال العنف في المظاهرات التي ستعقد في الضفة الغربية في أعقاب التوجه الفلسطيني الى مجلس الامن في الامم المتحدة.

حيال المطلب الدولي من نتنياهو للتصرف بضبط للنفس، يتعاظم الضغط داخل الحكومة لاتخاذ خطوات عقابية شديدة تجاه الفلسطينيين.

من يقود هذا الخط هو وزير الخارجية افيغدور ليبرمان الذي تحدث غير مرة مؤخرا عن الحاجة الى قطع كل العلاقات مع السلطة الفلسطينية في أعقاب التوجه الى الامم المتحدة بما في ذلك التنسيق الامني، بل وفحص امكانية الغاء اتفاقات اوسلو.

الى جانب ليبرمان، فان وزير المالية يوفال شتاينتس يدفع ايضا باتجاه معاقبة السلطة الفلسطينية، حيث عرض على الثمانية اقتراحا بوقف تحويل اموال الضرائب التي تجبيها اسرائيل للسلطة بنحو 400 مليون شيكل في الشهر، حتى قبل التوجه الفلسطينية الى الامم المتحدة.

وكذا النائب الاول لرئيس الوزراء موشيه بوغي يعلون يؤيد ممارسة العقوبات ضد السلطة بل واقترح على نتنياهو الاعلان عن بناء الاف وحدات السكن الجديدة في الكتل الاستيطانية ردا على الخطوة الفلسطينية. وقال في محادثات مغلقة انه "كحجم الخطوة الفلسطينية في الامم المتحدة، هكذا ينبغي أن يكون الرد الاسرائيلي.

اما نتنياهو فيقرر حاليا الا يقرر وهو يميل في هذه المرحلة الى باراك ومريدور ويرغب في فحص معاني الخطوة الفلسطينية قبل أن يتخذ القرار في كيفية العمل، ومع ذلك فقد اشار مصدر سياسي رفيع المستوى الى أنه يوجد تخوف كبير في أن يدفع الضغط الذي يمارسه ليبرمان ويعلون عليه بنتنياهو الى أن ينجر الى جانبهما، مثلما حصل في مسألة الاعتذار لتركيا. 

نتنياهو: المحاولة الفلسطينية في الامم المتحدة ستبوء بالفشل

في محاولة لاقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) العودة الى المفاوضات وافق نتنياهو على تلطيف موقفه في مسألة الاعتراف بدولة يهودية في بيان الرباعية. كما وافق على المرونة في حدود 67 وتبادل الاراضي والجدول الزمني لانهاء المفاوضات.

في مسألة الدولة اليهودية اشار البيان السابق للرباعية في تموز بان تقام "دولتين للشعبين بحيث تكون اسرائيل دولة يهودية والدولة القومية للشعب اليهودي". وافق نتنياهو السماح بصيغة تتحدث فقط عن دولتين للشعبين ودولتين قوميتين بحيث أن اسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، دون اشارة الى تعبير "دولة يهودية".

رغم ذلك، رفض عباس الاقتراح الجديد الذي رفعه له المبعوثان الامريكيان ومبعوث الرباعية طوني بلير. وحاليا توضح السلطة بان ليس في نيتها التراجع عن قرارها التوجه الى مجلس الامن للمطالبة بالعضوية الكاملة. وسافر عباس امس الى نيويورك تمهيدا للمداولات في الجمعية العمومية في الاعتراف بالدولة الفلسطينية. واقلع عباس من عمان على رأس وفد فلسطيني كبير يضم كبار رجالات السلطة الفلسطينية كياسر عبد ربه، صائب عريقات ونبيل ابو ردينة. وكان على الطائرة النائب احمد طيبي الذي دعا انه ليس جزءا من الوفد الرسمي وانه ينضم الى الحاشية في الطريق لالقاء محاضرة في نيويورك.

وكان المبعوثان الامريكيان ومبعوث الرباعية اجروا مع نتنياهو محادثات مكثفة حول بيان الرباعية الذي سيدعو الى استئناف المفاوضات. في شهر تموز عرض في جلسة الرباعية في واشنطن صيغة بيان كانت مقبولة على اسرائيل ولكن رفضها الفلسطينيون وكذا روسيا والاتحاد الاوروبي.

وأوضح بلير والامريكيان لنتنياهو بان عليه أن يبدي مرونة اخرى. وحسب وزير كبير في الثمانية، استجاب نتنياهو للطلب. وقال المصدر المقرب من بلير انه "خلافا للماضي المشكلة هي ليست مع نتنياهو، المشكلة هي مع عباس الذي يرفض كل اقتراح يعرض عليه". هكذا مثلا، في صيغة بيان الرباعية السابق جرى الحديث عن مفاوضات على اساس حدود 67 مع تبادل للاراضي تأخذ بالحسبان "الواقع الديمغرافي الذي نشأ على الارض". وافق نتنياهو على ان تكون الصيغة الجديدة اكثر عمومية، فقد وافق على المرونة ايضا في موضوع تحديد مدة المفاوضات، في مسألة الحدود والترتيبات الامنية، الامر الذي تحفظ منه في الماضي.

بالمقابل، ادعى الفلسطينيون بان الامريكيين تعاونوا مع اسرائيل بل انهم اشاروا الى أن بلير تحدث معهم "كدبلوماسي اسرائيلي وليس كمبعوث دولي". بينما دنيس روس تحدث مع عباس "بلغة غير دبلوماسية".