ضمن سلسلة فعاليات إحياء الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد الرئيس الشهيد ياسر عرفات "أبو عمّار"، وبدعوة من حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، انطلقت مسيرة في مخيَّم برج البراجنة، عقب عصر السبت 10-11-2018 من أمام جامع الفرقان باتّجاه مقبرة المخيم، رُفِعَت فيها أعلام فلسطين ورايات حركة "فتح"، وتقدّمتها صورة كبيرة للرئيس الشهيد.

وشارك في المسيرة عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" الحاج رفعت شناعة، وأمين الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين "المرابطون" العميد مصطفى حمدان، وأمين سر اللجان الشعبية في لبنان أبو إياد الشعلان، وأمين سر فصائل "م.ت.ف" وحركة "فتح" في بيروت العميد سمير أبو عفش وأعضاء قيادة المنطقة، ومختار برج البراجنة نبيل عبد العزيز الحركة، وممثِّلو الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، وممثِّلو الفصائل والقوى الإسلامية والفلسطينية، والمكاتب الحركية الفتحاوية والأطر التنظيمية كافّةً، وممثِّلو المؤسسات والجمعيات والهيئات والتيّارات اللبنانية، وممثِّلو اللجان الشعبية وقوات "الأمن الوطني الفلسطيني" في بيروت، ووحدات "فتح" العسكرية، وممثِّلو المؤسسات الأهلية الفلسطينية، كشافة المرشدات الفلسطينية والفرق الموسيقية، أشبال وزهرات "فتح"، وحشد شعبي من المخيَّم.

ولم يثنِ الجو الماطر المسيرة عن إكمال طريقها باتجاه المقبرة حيث أُلقيَت الكلمات، فكانت الكلمة الأولى للعميد مصطفى حمدان قال فيها: "من هنا من تراب مقابر شهدائكم، من زواريب مخيّماتكم، ومن آلامكم، ومن أعمالكم، تعلَّمنا النضال، منكم أنتم يا أشرف، الناس ويا أعز الناس، يا أبناء المخيمات، مخيمات الشّتات الفلسطينية، كنتمُ وكنا أبدًا الأوفياء الذين ما خانوا ولا هانوا من أجل أن تبقى فلسطين حرة.. حرة.. حرة عربية.. يريدون إذلالكم، إخضاعكم من أجل حرمانكم، من أجل مقومات العيش الكريم للإنسان، لكنَّنا نعلم تمامًا أن عنصريَّتهم ستُدفن، وأنّ حقوقكم ستنالونها، ليس فقط على أرض لبنان، إنَّما على أرض فلسطين، ستستعيدونها كاملة بإذن الله.. يرونها بعيدة ونراها أقرب من القريب.. يحاولون أن يصنعوا ربيعًا عربيًّا، لكنه أصبح صقيعًا خاويًا، وصفقة عصر ركيزتها إمارة ساقطة، ودويلات دينية منافقة لاستقبال يهودية (إسرائيل) على أرض فلسطين، وعربانًا يهرولون إلى أرض السلام".

وأضاف: "ليخسأ الخاسئون من أول الزمان إلى آخره، فهم يعلمون ولا يفقهون من أنتم.. أنتم شعب الجبّارين، أنتم رجال الفتح، أنتم عاصفة على العاتي، أنتم أشبال وزهرات أبو عمار، أنتم الذين كلَّفكم ياسر عرفات بـ"دعوسة" صفقة العصر وصقيعهم العربي من أجل أن تبقى شعلة الكفاح المسلح وهّاجة من أجل تحرير فلسطين، كل فلسطين وقدسها الشريف.

سلام عليك أبا عمار.. سلام على روحك الطاهرة الهائمة فوق ربى فلسطيننا. وأنت تغادر هذا الوجود وتترك دم الشهداء العاصفة، ويمضي شهداء الأقصى والبرغوثي والأسرى عهد ووعد".

وختم حمدان مؤكِّدًا عروبة القدس وأنَّها العاصمة الأبدية لفلسطين، وباب الجنة إلى ما بعد الأبد.

ثُمَّ ألقى عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" الحاج رفعت شناعة كلمة "فتح"، فقال: "يا جماهير شعبنا الفلسطيني في لبنان، وفي الشتات، وفي الأرض الفلسطينية المحتلة، يا اهلنا في لبنان يامن وقفتم معنا والى جانبنا في كل المحطات النضالية وقفتم معنا مساندةً لثورتنا المعاصرة التي انتقلت وما زالت.

في مثل هذا اليوم ودّعنا الشهيد القائد ياسر عرفات، ودعناه شهيدًا، لكننا كنا على موعد مع رجل لا يقل أهمية في القيادة الفلسطينية بشيء، إنه الرئيس محمود عباس "أبو مازن"، الثابت على الثوابت، والمؤتمن على ثوابت ياسر عرفات".

واستذكر شناعة جميع محطات حياة الرئيس الشهيد أبو عمار ومسيرته، وتحدَّث عن انطلاقة أعظم ثورة معاصرة في هذا العالم في العام ١٩٦٥ مؤكِّدًا أنَّها كانت وستبقى الأعظم وستنتصر، وأنَّ "ياسر عرفات هو الذي أسَّس المشروع الوطني الفلسطيني الجامع لكل أبناء فلسطين، رغم الاختلاف في الانتماءات السياسية".

واستطرد قائلاً: "ياسر عرفات قائد الثورة في كلِّ محطاتها الصعبة بعد هزيمة عام ١٩٦٧ وفي معركة الكرامة التي لقّن الصهاينة درسًا قاسيًّا، وأيضًا في كل المحطات السياسية والكفاحية المسلحة، كانت الثورة عملاقة كانت تصنع المجد، نعم استطعنا واستطاع الزعيم الخالد أن ينتشل الشعب الفلسطيني من مستنقع التشرّد والهزيمة إلى ذروة القمة الوطنية إلى حيث استعدنا وجودنا على الخارطة السياسية، بفضل هذه الوقفات التاريخية التي شاهدناها لياسر عرفات ورفاقه من أبو جهاد الوزير إلى صلاح خلف إلى أبو الهول ويوسف النجار وكمال عدوان وإلى أبو صبري صيدم، وأبو علي إياد وكل هذا الرّعيل الذين صنعوا هذه الثورة المجيدة ،نحييهم ونقول لهم، نحن على العهد باقون. ونقول لياسر عرفات، سنبقى أوفياء على الدرب الذي رسمته، وسنبقى مخلصين لكلمة ثورة حتى النصر، وإنّنا لعائدون، وإنّنا دائمًا في المقدّمة لقيادة شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية".

وأضاف شناعة: "نعم هذه الأمانة سنحملها بكلِّ أمانة، ياسر عرفات الذي خاض المعارك، ولم يسجّل هزيمة، فمن بيروت نؤكِّد أنه طُلِبَ منه بأن يرفع العلم الأبيض، ولكنه قال للجميع، نحن نخرج احترامًا للشعب اللبناني، وليس احترامًا لأمريكا و(إسرائيل)، وليس خوفًا منهم، لكننا سنخرج حاملين علم فلسطين بيد، والبندقية باليد الأخرى. وهكذا خرجنا، وعندما سئلنا قلنا نحن ذاهبون إلى فلسطين. وهناك على أرض فلسطين أقمنا دولتنا الفلسطينية من خلال السلطة الوطنية التي كانت من المفترض أن تكون هي المقدمة لإقامة الدولة على كل الأراضي المحتلة، ولكن المتآمرين على شعب فلسطين وعلى قرار الشعب الفلسطيني، شعب التضحيات والشهداء لم تترك مجالا لشعبنا وإنما تآمروا عليه و على وجوده وعلى قضيته. نحن اليوم تحت الاحتلال وكل أرضنا تحت الاحتلال لأن إرادة الشعوب هي التي تقهر الأعداء. إرادة شعبنا في الداخل هي بالمرصاد لهؤلاء الصهاينة، نحن ننتظرهم على أبواب كل مستوطنة على باب كل زاروب ،وفي كل المقدسات الأثرية في الخليل وفي القدس و غيرها".

وتابع: "نحن نستعد لأنَّ المعركة القادمة ستكون شرسة وقوية، لأن شعبنا لا يعرف الاستسلام ونحن حاولنا إقناع العالم بأننا نريد السلام احترامًا لقرارات العالم، لكن عندما أختار العالم أن يركع لقرارات ترامب، اكدنا للجميع بأن قرارات ترامب لن ترعبنا، فنحن اليوم أصحاب القر، ونعرف مصلحة شعبنا، وأين طريقنا وما هي استراتيجيتنا ومستقبلنا. لذلك نحن ندعو كل أبناء شعبنا في غزة والضفة وفي الشتات، وندعو كل القوى السياسية على اختلافها في منظمة التحرير أو في خارج إطار المنظمة، نقول لهم نحن اليوم أمام خطر داهم، نحن أمام قوى تريد أن تخلفنا وتشردنا مجددا، فإن لم نكن يدًا واحدة سينجح العدو في تشتيت صفنا".

وأردف: "تعلَّموا من ياسر عرفات عندما تحصَّن داخل المقاطعة داخل غرفة واحدة كانت تتعرَّض للقصف الإسرائيلي ورفض أن يخرج منها، قال له الإسرائيليون اخرج ولن نقتلك، فقال لهم لن أخرج من هنا، سأبقى هنا، سأبقى قرب القدس، وسأموت وسأدفن هنا، وظلّ صامدًا وخاض المعركة، وقتلوه مسمومًا من خلال جواسيسهم، فلم يتمكّنوا من قتلهِ. وطائراتهم تقصف المقاطعة التي كان فيها ولكنهم خائفون ومرعبون من هذا الرئيس الفلسطيني الذي نجح في الانتخابات الفلسطينية، فهو الرئيس المنتخب، فهم لا يجرؤون على قتله، لذلك بقى الرئيس في المقاطعة إلى أن مَرِض وتوفاهُ الله، وهناك دفن جنبا إلى جنب القدس.

فهناك كانت محطة أوسلو التي من خلالها دخلنا إلى ارض فلسطين من أجل أن نكون على أرضنا مهما كلّف الأمر ونقلنا ثورتنا من لبنان وغيرها إلى فلسطين واقمنا دولتنا وقال أبو عمار مقولته المشهورة "هذا الاتفاق اتفاق أوسلو هو الاتفاق المرّ، هو الخيار المرّ، ولكن أعلمُ تمامًا لو أنَّني لم أوافق على أوسلو لما بقي هناك منظمة التحرير الفلسطينية. فرغم كل المؤامرات التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني بقينا صامدين ولن نركع مهما كلف الأمر".

وقال شناعة: "إنَّنا على الدرب باقون فنحن ياسر عرفات ونحن جزء لا يتجزّأ منه، ونحن لا نعرف المذلة ولا المهانة، ولن نرضى بالهزيمة، ولن نرفع العلم الأبيض إطلاقًا، وستجدون قريبا هناك الملاحم على أرض الوطن، إلّا إذا تراجع ترامب وفريقهُ عن هذه الجرائم التي يرتكبونها بحق الشعب الفلسطيني أمام الدول العربية والإسلامية".

وحيّا شناعة الشعب اللبناني على مُساندته ودعمه للشعب الفلسطيني وكل من وقف معه دعمًا للقضية الفلسطينية لافتًا إلى أنَّ "المشوار طويل لكن الوعد هو الوعد، والعهد هو العهد، وأمالنا كبيرة بالرئيس محمود عباس، قائد هذه المسيرة لحين العودة إلى فلسطين وعاصمتها القدس الشريف".

من جهة ثانية وعلى هامش إحياء الذكرى، عرض مركز الولاء للتنمية فيلمًا وثائقيًّا عن حياة الشهيد الرمز أبو عمار، ليل السبت 10/11/2018 في قاعة الشهيد أبو علي مصطفى- مخيم شاتيلا، حضره ممثِّلو الفصائل الفلسطينية وحركة "فتح" وحشد من الأهالي.

وفي ذات الوقت قامت الشعبة الغربية بإضاءة الشموع عن روح الشهيد الرمز أبو عمار عند مدخل مخيَّم مارالياس.

خبر: حسن بكير

#إعلام_حركة_فتح_لبنان