خاص مجلة القدس - حوار/ رفعت شناعة

فتح ميديا - لبنان

حسمت القيادة الفلسطينية أمرها بالتوجه الى الامم المتحدة لتقدم طلب نيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران العام 1967، هذا الطلب يعني بالتالي نقل الملف الفلسطيني الى الجمعية العمومية الى المكان الأصل الذي ولدت فيه القرارات الفلسطينية التي تهم هذه القضية ابتداءً من العام 1947، قرار 181، مروراً بالقرار 194 ولغاية اليوم.

عن هذا الموضوع وتداعياته المستقبلية، يحدثنا المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني محمود عباس نمر حماد، وما يلي نص المقابلة.

 

كما تعلمون موضوع الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية كما نفهمه نحن هو وسيلة وليس غاية، فماذا أعددنا نحن كقيادة فلسطينية من أجل ان نستثمر هذا الاعتراف مستقبلاً؟

نحن سنتوجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة لطلب عضوية دولة فلسطين بموجب الإجراءات المتبعة في الأمم المتحدة. الأمين العام يقدم هذا الطلب إلى مجلس الأمن. حتى الآن خيارنا هو التوجه إلى مجلس الأمن. أما لماذا اخترنا الذهاب الآن إلى الأمم المتحدة بعد هذه السنوات التي أعقبت اتفاق أوسلو الذي نصَّ على تسوية تاريخية ما بين إسرائيل وفلسطين تؤدي إلى إنهاء الاحتلال الذي وقع عام 1967،  ويفترض بموجب ذاك الاتفاق وما أعقب من تفاهمات أن لا تقوم إسرائيل بأي إجراءات تمس بمستقبل الأراضي الفلسطينية. بمعنى دقيق يعني أن يتوقف الاستيطان، وأن لا تجري أي إجراءات إسرائيلية داخل مدينة القدس، وأن يحافظ على المؤسسات الفلسطينية القائمة. كل هذه الأمور الجانب الاسرائيلي لم يلتزم بها. وكل المحاولات التي بُذلت من جانب قيادة الشعب الفلسطيني منذ أيام القائد الراحل الرمز المرحوم أبو عمار، ثم استمرت منذ انتخاب الرئيس ابو مازن لم تنجح مع الجانب الاسرائيلي، فوجدنا أن الاسرائيليين يريدون مفاوضات على الطاولة، ولكن لهم حرية الإجراءات على الارض، أي ان يستمر الاستيطان ويستمر التهويد، ثم يقولون عن الحديث الذي يجري على الطاولة أنه مفاوضات.  هذا الأمر هو الذي دفع القيادة الفلسطينية ان تقرر الذهاب إلى الامم المتحدة لانَّ الجانب الاسرائيلي غير جاد في موضوع المفاوضات، يعني يجب أن يكون واضحاً للجميع أننا ندرك تماماً تعقيدات وصعوبة الوضع، ندرك جيداً العلاقات المميزة والقوية ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وقلنا ولا زلنا نفضّل أنه لو كانت هناك إمكانية أن يتم إيجاد حل لهذا الصراع من خلال المفاوضات حتى لا نُدخل أنفسنا في صراع مع الولايات المتحدة الأميركية، وما للولايات المتحدة الاميركية من تأثير.

حتى الآن هناك وضع  يعتبر من قبل إسرائيل وبعض الأطراف الأخرى الدولية، وكأن الأرض التي احتلت العام 1967  بالنسبة للموضوع الفلسطيني أن الأرض الفلسطينية  متنازع عليها. الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67 وتحديد هذه الحدود ينهي نهائياً موضوع الصفة القانونية لهذه الارض. وهذا هو السبب الذي دفع القيادة الفلسطينية بطلب الذهاب إلى الأمم المتحدة، خيارنا هو الذهاب إلى مجلس الأمن.

الولايات المتحدة أعلنت بوضوح أنه إذا قُدِّم هذا الطلب فستستعمل الفيتو في مجلس الأمن. إستعمال الفيتو في مجلس الأمن يعني أن هذا القرار لن يمر، وهناك بحث الآن يجري حول هذا الموضوع لأنه حساس ومصيري بالنسبة لنا، لكن أيضاً موضوع يشغل بال قوى إقليمية ودولية عديدة. هناك نصائح الآن تقدم أنه بدلاً من مجلس الأمن نذهب إلى الجمعية العامة.

ما الذي سنحصل عليه من الجمعية العامة؟ ماذا سيكون الموقف الأميركي في الجمعية العامة؟

حتى هذا الوقت، هناك إتصالات من قبل أطراف دولية عديدة معنا، فالأوروبيون معنيون، ويحاولون أن يجدوا صيغة للجمع ما بين مجلس الأمن والجمعية العامة، يحاولون أن يصلوا مع الجانب الاميركي إلى صيغة ما. صحيح في الجمعية لا يوجد فيتو، وبالإمكان الحصول على إعتراف، لكنه مختلف عن اعتراف مجلس الأمن. مجلس الأمن هو صاحب صلاحية الإعتراف الرسمي بالدول. الجمعية العامة أقصى ما يمكن الحصول عليه هو صيغة يعني قُبلت أو وُجدت بعض الدول داخل الجمعية العامة تحت هذا المسمى وهو دولة.

 

برأيك ماذا تقتضي مصلحة شعبنا في هذا الوقت؟

أولاً: لا يمكن أن تبقى هذه القضية بلا حل، ولا يمكن أن تبقى هذه القضية قضية تمارس فيها إسرائيل ما تريد على الأرض، لا يمكن أن تبقى هذه القضية وكأنها قضية يتحكم فيها منطق القوة، وليس منطق ومفهوم العدالة. آن الأوان للمجتمع الدولي أن يثبت عملياً أنه قادر على تنفيذ مواقفه النظرية.

الولايات المتحدة تقول لا شرعية للاستيطان، الولايات المتحدة تقول لا نعترف بضم القدس، الولايات المتحدة تقول "حتى لا نتحدث عن أطراف أخرى" تقول حل الدولتين، الولايات المتحدة تقول يجب أن ينتهي الاحتلال الذي وقع العام 1967، لكن، كيف يمكن أن نترجم هذه الأقوال وهذه المواقف إلى إجراء عملي، أي الضغط على إسرائيل من اجل توقف الاستيطان بكافة أشكاله، وبدء مفاوضات جادة بمشاركة دولية وبجدول زمني. هذا هو الهدف الذي نسعى إليه.

الاحتلال الاسرائيلي يعدّ العُدة لمواجهة ردود الفعل والتحركات الفلسطينية على مستوى الوطن من خلال إجراءات عسكرية قمعية، ماذا أعددنا نحن كقيادة فلسطينية، بالمقابل؟

الذي يضخِّم الآن موضوع الأخطار التي ستتراكم مع مناقشة القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة هو الجانب الاسرائيلي. الاسرائيليون من الآن يتحدثون عن أن هناك سيناريو خطيراً لأن الفلسطينيين سيتظاهرون وسيلجأون للعنف.

هذا الأمر لن يحصل. لن تكون هناك إنتفاضة جديدة لأننا ندرك تماما أنه آن الأوان أيضاً أن تنتهي المزاودة بشأن الانتفاضة الثانية التي أدت إلى مزيد من المآسي للشعب الفلسطيني، لم نحقق شيئاً، على العكس خسرنا، وكل واحد يقول لي كم قتل من الاسرائيليين، لقد قُتل أضعاف أضعاف منَّا، وللأسف أُلصقت بنا تهمة مرة أخرى الارهاب وقتل المدنيين وغير ذلك.

إذاً الذي سيحصل، وهذا ما يجب أن نحرص عليه هو حركة تضامن كبيرة سلمية داخل الوطن، وخارجه، لن ندفع أي مواطن فلسطيني يذهب إلى الحدود، هي ليست سياسة القيادة الفلسطينية إطلاقاً، بالإمكان أن تحصل مظاهرات سلمية في كل المدن الفلسطينية وفي الشتات، وفي دول العالم تطالب وتضغط وتبرز مأساة الوضع الفلسطيني، والحاجة والضرورة من أجل إنهاء الاحتلال من أجل قيام الدولة.

تجربة نعلين وبلعين والنبي صالح هل هذه التجربة تعتبرونها إيجابية، وممكن إعتمادها أيضاً ضمن الخطة والبرنامج لمواجهة الاحتلال وخاصة الاستيطان، والجدار العنصري وغيره؟

نعم، لا شك انه ليس فقط أثبتت هذه المقاومة جدواها، هذه المقاومة هي التي تعزل إسرائيل على الصعيد الدولي.  دعنا نرى ما الذي حصل مؤخراً بمناسبة الخامس من حزيران، اضطرت إسرائيل أن تستعمل نفوذها بإجراءات غير قانونية على الاطلاق، لأنه كان يوجد مئات إن لم يكن آلاف من المتضامنين الاجانب الذي كانوا قادمين إلى فلسطين من أجل التضامن والتظاهر، ماذا فعل الاسرائيليون؟  قسم منهم منعوهم من مغادرة المطارات الأوروبية، حتى لا يصلوا إلى مطار بن غوريون، وقسم آخر تمّ وقفهم حين وصلوا لمطار بن غوريون ثم أعادوهم، ماذا يعني هذا؟ يعني هذا كل واحد على الأقل سيؤثر في خمسة، ستظهر إسرائيل دولة عنصرية، دولة متطرفة ضد القانون، وضد الديمقراطية، هذا النضال في جنوب افريقيا أدى إلى إنهاء كل نظام التمييز العنصري، وهو بحاجة إلى رؤية معينة للمستقبل، لذلك نحن نقول إنه لا توجد الآن إمكانية لإنهاء الاحتلال ومنع إسرائيل من مواصلة الاستيطان.

ماذا سنفعل لنحافظ على قضيتنا حية؟

الأمر الأول- هو أن تثبِّت وجود شعبك على أرضه، يعني الأخ أبو مازن عندما يقول باستمرار، رغم كل ما تفعله إسرائيل، نحن سنحافظ على الأمن الداخلي الفلسطيني، لن نسمح باستعمال العنف ضد إسرائيل لأنَّ اللعبة التي تفضِّل اسرائيل جرَّنا إليها هي الدم ومربع العنف. لذلك نحن نريد الحفاظ على أمْننا الداخلي داخل فلسطين، وعندما نقول سلاح شرعي واحد فلأننا لا نريد أن نعود إلى مرحلة كل تنظيم فلسطيني عنده ميليشيا خاصة، وبالتالي كل ميليشيا ممكن أن تستعمل السلاح، وتجعل الشعب بأكمله يدفع الثمن، هذه تجربة لن تتكرر، البعض أنا أعرف يحب قصة المقاومة ولكن المقاومة ليست فقط بندقية.

إنما الذي حصل بالنسبة لواقع أهلنا في لبنان ثم ما رأيناه في العراق هو عملية التهجير القسري للمواطن الفلسطيني، نحن لا نريد التوطين، ولا هذا التهجير القسري ولذلك هناك إهتمام الآن من خلال عدد من المشاريع التي يرعاها الرئيس شخصياً، ويدفع باتجاهها، وخاصة صندوق الطالب الفلسطيني، الآن هناك صندوق أخر هو "التضامن الأسري"، أيضاً المبادرة التي ستتواصل بالنسبة للمجال الطبي، أطباء ودواء إلى أهلنا في لبنان، وهذه قضايا نريد فعلاً أن تكتمل بمشروع جديد هو مشروع "دعم المشاريع الصغيرة" لأهلنا في لبنان، يعني من يستطيع أن يتقدم بطلب لتنفيذ مشروع صغير سيقدم له قرض يُسدد بعد سنتين، ثم يبدأ السداد بدون أي فائدة، هذا كله الغاية منه بالتالي أن الشعب الفلسطيني يستطيع أن يصبر، لكي يبقى محافظاً على قضيته وعلى حقوقه داخل الوطن.

 

الى ماذا ستقود هذه السياسة الآن؟

رغم ضعفنا دعنا نعترف وصلنا الى مرحلة بتنا فيها نقرأ ونستمع إلى ما يقوله قادة إسرائيليون، ولما نصح أولمرت لنتنياهو "بادر الى الاتفاق مع القيادة الفلسطينية من أجل قيام دولة فلسطينية، ولا تتمسك بموضوع كيلو متر زيادة أو كيلو متر ناقص لأنّ البديل عن حل الدولتين هو دولة واحدة خلال عشر او خمس عشرة سنة"، لا شك أن الاستيطان مؤلم، وهو إعتداء على الشعب الفلسطيني لكن الذي سيحصل التالي: عدد المستوطنين اليوم ثلاثمئة الف او اربعمئة ألف،  عملياً بعد خمس سنين يصبحون ستمئة الف، الفلسطينيون بالمقابل يبلغ عددهم مليونين وسبعمئة الف فلسطيني، في الضفة الغربية، يوجد ايضاً حوالي مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة،  ويوجد ايضاً حوالي مليون ونصف مليون فلسطيني الذين يعيشون داخل الخط الأخضر.

 

إذا ما تمَّ حل الدولتين الذي سيحصل من الآن لعشر أو خمس عشرة سنة  أن الأمور ستتداخل تماماً بحيث لا يبقى إمكانية إلاّ لحل واحد هو الدولة الواحدة ثنائية القومية. البعض يتساءل عن مضمون القرار الذي يمكن أن نحصل عليه فيما لو مارست الولايات المتحدة نفوذها سواء أكان في مجلس الأمن أم في الجمعية العمومية لاعتماد قرار ينتقص من حق الشعب الفلسطيني؟ في مثل هذه الحالة ماذا سيكون موقف القيادة الفلسطينية؟

إذا استعملت الولايات المتحدة الفيتو في مجلس الأمن معنى ذلك هذا الطلب لن يمر، ولن يكون صدام مع الولايات المتحدة، يجب ان تكون رسالتنا صادقة لشعبنا، واعتقد أنّ كل من يتابع يجد أَنه يوجد لغة صادقة وواضحة فيها حوار مع الناس.

وإذا استعملت الولايات المتحدة الفيتو في مجلس الأمن، واوقفت هذا الطلب لن نسعى لعداء الولايات المتحدة، سنقول التالي: انتم يا إدارة أمريكية، فعلتم ما تعتقدون أنه مصلحتكم، نحن بالمقابل عملنا ما هو مصلحتنا.

وخيارنا في حال لجأت الولايات المتحدة الى استخدام حق الفيتو، أن نذهب إلى الجمعية العامة، حتى الآن ربما ان الوساطات والمحاولات التي تجري بشكل خاص من جانب الاتحاد الأوروبي أن تكون هناك صيغة مثل ما طرح ساركوزي بتجنُّب أن تكون هناك مواجهة في الأمم المتحدة. لكن أياً كانت النتيجة سنبقى نعمل مع الولايات المتحدة الأميركية، ونحن نعرف تماماً أن أمريكا هي البلد الوحيد القادر على أن يؤثر في الموقف الاسرائيلي.

بتقديركم أخ أبو المجد هذه المعادلة أو هذا الواقع الذي تريده الولايات المتحدة وحتى الاوروبيون الذين يعيشون حالة إنقسام داخلي بما يتعلق بالموضوع الفلسطيني ويتمنون أن يتراجع الفلسطينيون عن موضوع الجمعية العمومية ما هي توقعاتكم؟

الأوروبيون لا يقولون نتراجع عن الجمعية العمومية، الاوروبيون يقولون نتراجع عن الصدام مع الموقف الأميركي في مجلس الأمن. بالنسبة للجمعية العامة الأوروبيون يقولون بالإمكان التفاهم معكم على صيغة الجمعية العامة من أجل الحفاظ على وحدة السبع والعشرين دولة.

نحن نقول لهم إذا تفاهمتم مع الولايات المتحدة على صيغة وقدمتموها لنا ممكن أن نبحث ذلك. موقف الاوروبيين هو التالي فالمفوّضة للشؤون الخارجية آشتون تقول إن  الذهاب لمجلس الأمن والصدام مع الولايات المتحدة سيؤدي إلى ضرر، لكن ما هي الفائدة التي تريدون أن تجنوها بالصدام مع الولايات المتحدة.

ستُفرض عقوبات، وربما إذا عدتم بعد ذلك للجمعية العامة دول الاتحاد الاوروبي ستنقسم، قسمٌ يمكن سيكون ضد قسم، وقسم سيمتنع عن التصويت، وطبعاً فهناك  مواقف للاتحاد الاوروبي أنتم كفلسطينيين تعتبرونها إيجابية وجديدة. بيانات الاتحاد الاوروبي تتحدث بوضوح عن دولة عاصمتها القدس، بعض هذه الدول ليس فقط ستصوت ضد بل إنها ستتراجع عن البيانات التي كان متفق عليها سابقاً.

هذه هي نصيحة الأوروبيين، ومع ذلك الذي يقوله الاوروبيون القرار لكم إنما نحن متهمون أننا إلى جانب الفلسطينيين يعني إسرائيل تقول أن الاوروبيين منحازون للفلسطينيين، وهذا الموضوع القيادة الفلسطينية تأخذه بعين الاعتبار.

 

هناك مخاوف مطروحة في الساحة الفلسطينية حول ماذا بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟ وهل هذا يعني إلغاء دور م.ت.ف خاصة بما يتعلق بالوجود الفلسطيني خارج الوطن في الشتات، وتحديداً بما يتعلق بدور المنظمة بمتابعة موضوع اللاجئين، أم ان هذا الاعتراف يفصل ما بين دور المنظمة ودور الدولة؟

سيبقى التداخل ما بين الدولة عندما تقوم، حتى عندما تقوم على الارض. يعني عندما قامت سلطة وطنية فلسطينية، الذي وقّع الاتفاق هو منظمة التحرير الفلسطينية والآن كل إتفاق يُوقع نكتب منظمة التحرير الفلسطينية بالنيابة عن السلطة الوطنية الفلسطينية، حتى الآن كل الاتفاقات التي نوقعها لا زالت الجهة التي تمثل الشعب الفلسطيني هي منظمة التحرير الفلسطينية، وفي حال الاعتراف بدولة فلسطين من قبل الأمم المتحدة ستبقى منظمة التحرير الفلسطينية قائمة، ودورها سيستمر طالما قضية اللجوء الفلسطيني مستمرة، ليس بصفتها تمثل اللاجئين بل بصفتها تمثل جوهر أو إحدى المسائل الأساسية بالنسبة لمأساة الشعب الفلسطيني وهي قضية اللجوء.

 

الآن هناك اعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وهل سيستمر هذا الاعتراف إلى جانب الاعتراف بالدولة؟ أو أن الاعتراف بالدولة سيلغي هذا الاعتراف الدولي بالمنظمة؟

حتى الآن المنظمة معترف بها  بصفة مراقب في الأمم المتحدة، أنا قانونياً أتحدث بالنسبة للجمعية العامة للأمم المتحدة، لا يوجد تحديد للأرض ولا تحديد للشعب، نحن الآن بالاعتراف بالدولة الفلسطينية لأول مرة إعادة لشرعية الاعتراف بك أرضاً وشعباً، وبالتالي الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة يعني اعتراف بدولة محددة الحدود، واتفقنا على أن تكون الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة. منظمة التحرير الفلسطينية أخذت هذا الاعتراف بصفة مراقب في مرحلة كان مرفوضاً الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني، يعني الولايات المتحدة كانت عندما يُقدم مشروع قرار فيه حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، كانوا يعترضون على قضيتين على كلمة الشعب الفلسطيني، وعلى حق تقرير المصير، والاسرائيليون كانوا يقولون لا يوجد شعب فلسطيني، وبالتالي نحن اعتبرنا في مرحلة تاريخية معينة ان الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفة مراقب في الأمم المتحدة هو إنجاز وبلا شك كان إنجازا تاريخيا.

 

ماذا لو الغت اسرائيل اتفاق اوسلو؟

منذ أن تم توقيع اتفاق أوسلو، كانت القوى المتطرفة في إسرائيل وقفت ضد هذا الاتفاق والكل يتذكر في الانتخابات التي جرت بعد مقتل رابين. نتنياهو خاض حملته الانتخابية تحت شعار لا لأوسلو، وقامت القوى اليمينية الاسرائيلية بمظاهرات أيام رابين، وكانوا يلبسون رابين الحطة ويصورونه كأنه ياسر عرفات. هذا يدل على أن القوى اليمينية الاسرائيلية والقوى المتعصبة كانت ترى في إتفاق أوسلو ولا زالت أنه ضد مصلحة إسرائيل وضد أهداف إسرائيل.

السبب ببساطة هو التالي ان هذه القوى تاريخياً وأيديولجياً ليس فقط تنكر وجود الشعب الفلسطيني بل لها أفكار عنصرية إذا هم ألغوا أوسلو وما زالت تخرج منهم تصريحات بهذا المعنى، وبعد إلغاء أوسلو ماذا سيحصل؟ هم يفكرون إذا تم إلغاء أوسلو يتبعونه لشيء آخر إسمه تهجير الفلسطينيين، وهنا سيصبح هذا التهجير ليس مقتصراً على مجموعة معينة من الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية هذا يعني أنهم سوف يهجِّرون أكثر من خمسة ملايين ونصف مليون  فلسطيني هم الآن يعيشون على أرض فلسطين. وهذا يضعنا أمام سؤال ماذا تقول بإلغاء اتفاق أوسلو؟ ما هو الغرض من وراء ذلك؟

إذا ألغى الاسرائيليون إتفاق أوسلو كما يعتقدون، فإنّ هذا يعني رجوع السلطات العسكرية الاسرائيلية كاملة الى أراضي السلطة الوطنية، وحتى الآن الوضع الموجود في هذه المناطق كون الاحتلال الاسرائيلي يمارس عملياً سيادة حقيقية. وأي شخص فلسطيني يود الخروج لزيارة الاردن أو غيره يتطلب هذا الأمر الموافقة الاسرائيلية، حتى الهوية التي تصدر للمواطن الفلسطيني على الارض الفلسطينية لا بد من موافقة الحكومة الاسرائيلية. لكن أقول أنه يوجد مؤسسات قامت في ظل إتفاق أوسلو كمؤسسات فلسطينية تقوم بدورها كاملاً، وإذا كان المقصود إلغاء هذه المؤسسات ستعود إسرائيل مسؤولة عن التعليم ومسؤولة عن الشؤون البلدية وغيرها.

ولا شك أن الدول المانحة التي تقدم مساعدات للشعب الفلسطيني ستتساءل وقتها بأن هذه المساعدات تقدم بهدف، والهدف منها هو أن يصل الفلسطينيون إلى اقامة دولتهم، وهذه ليست مساعدات جمعية خيرية تعطي كمساعدات بدون هدف.

 

إذا كانت إسرائيل مصممة على إلغاء إتفاق أوسلو فبهذا سيترتب عليها أن تلغي كل ما ترتب عن إتفاق أوسلو؟

أعتقد انَّ إسرائيل لن تستطيع أن تفعل ذلك رغم كل ما نسمعه من تهديد في هذه المواقف. ليبرمان صرّح بالماضي سنقصف السد العالي وما زلنا نسمع تصريحات متطرفين إسرائيليين بهذا الخصوص وغيره. لكني أقولها بموضوعية إلغاء اتفاق أوسلو حتى لو كان مطلب وهدف قوى اليمين والتطرف الاسرائيلي ويتمنون الوصول إليه، لا أعتقد أن الواقع الموضوعي على الأرض أو على الصعيد الدولي يمكن أن يسمح بذلك.

 

ماذا عن الذين يتحدثون عن موضوع يهودية الدولة؟

رغم أنهم يقولون أنتم كفلسطينيين أنتم المسؤولون العام 1947 لأنكم قبلتم بالتقسيم، وإذا الآن أنتم تقبلون بحل الدولتين إذاً بالتقسيم، نريد دولة يهودية، نحن نقول إذا أردتم الرجوع للتقسيم نحن نقبل. إرجعوا للتقسيم وسنعترف بكم دولة يهودية. لكن إذا أردتم اعترافاً من جانبنا إنكم دولة يهودية لكن على مساحة هي أكبر بكثير من المساحة التي أقرَّها التقسيم نحن لن نقبل. ولذلك ليس فقط على الصعيد القانوني أنت في الموقع الأقوى أيضاً على الصعيد السياسي أنت بجانب الأقوى.

 

لماذا تأجيل تنفيذ المصالحة؟ وأين تكمن المشكلة؟

موضوع المصالحة موضوع له أبعاد مختلفة وفيه قضايا متعددة، البعض منها يجري التعاطي معها وإيجاد حلول، أولاً دعني أقول جو التوتر والتراشق الاعلامي الذي كان موجوداً خفَّ وإلى حد كبير في بعض الأمور وأصبح فيها إنفراج كبير.

واجهتنا قضية أن "حماس" أعلنت أنها لا تقبل بالدكتور سلام فياض. وموقف قيادة "فتح" وموقف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية كان التمسك بالدكتور سلام فياض لأنه منذ أن وقّعت "حماس" على إتفاق المصالحة شاهدنا الحملة التي إستطاعت إسرائيل أن تثيرها ضد أي اتفاق وضد أي حكومة قادمة. ونحن قلنا حتى ننزع بعض الذرائع من إسرائيل ومن يدعمها نختار شخصاً مقبولاً من العالم أثبت نجاحاً في بناء المؤسسات، كون الحكومة التي يقودها الدكتور سلام فياض هي التي تدفع الرواتب من صحة وكهرباء ومياه لقطاع غزة، فلماذا نغيّر الدكتور سلام فياض! إذا كان وجود الدكتور سلام فياض مفيدا.

المرحلة التي يجب أن تستمر فيها هذه الحكومة يُفترض أنها تكون خلال سنة، وتنتهي هذه الحكومة عندما تجري الانتخابات التي تُفترض أن تتم في شهر أيار. فلماذا نفتعل مشكلة من خلال طرح شخصية رئيس الوزراء؟ وربما نعرض أنفسنا لردود فعل وضغوط وحصار بلا سبب.

 

أخيرا، ماذا تريد القيادة الفلسطينية من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وخاصة المخيمات؟

 بداية، نحن حريصون أن نقول التالي، نريد أن نوفر لشعبنا الفلسطيني سواء من خلال مواردنا الذاتية أو من خلال العلاقات الجيدة التي نريد أن نقيمها مع الحكومة والدولة اللبنانية توفير فرص الحياة الكريمة لشعبنا الفلسطيني في لبنان، وأن لا نعرضه إلى أي هزات، وأن لا نسمح بأن يستعمل هذا الشعب أو قسم من هذا الشعب لمصلحة أجندات لا تصب في خدمة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. نريد توفير الصحة والتعليم والمساعدة الاجتماعية لشعبنا في لبنان للحفاظ على وجوده وبقائه بانتظار عودته إلى فلسطين، ولا نريد أن نعطي أي ذريعة لأي طرف على الساحة اللبنانية لكي يقول المخيمات الفلسطينية بؤر خارجة عن سلطة الشرعية اللبنانية.

ما نريده لأنفسنا لا يمكن أن ننكره على الآخرين، نحن في فلسطين نقول سلاح شرعي واحد في فلسطين رغم أننا تحت الاحتلال. وانا أعتقد أن الأمر ذاته ينطبق على الوضع في لبنان. نحن لا نريد أن يشكِّل الوجود الفلسطيني في لبنان عبئاً على الدولة اللبنانية. وعلى الاستقرار الداخلي اللبناني، نريد الفلسطينيين في نفس الوقت أن يحصلوا على حقوقهم الاجتماعية والانسانية التي تنص عليها كل الأعراف الدولية فكيف عندما يكون الأمر يتعلق بأشقاء.