في لقاء جمعني مع عدد من الأخوات الكريمات ضمن ورشة عمل حول دراسة مهمة قدمت لطاقم شؤون المرأة وذلك في قاعة الهلال الأحمر بالبيرة المجاورة لمدينة رام الله في فلسطين تحدثت الأخوات من كافة الفصائل بإسهاب حول دور الفصائل في العمل النسوي ، وفي دعم الأطر (التشكيلات) النسوية داخل تنظيماتهم، وظهر حسب الدراسة وكلمات المتحدثات نقص كبير في التثقيف والديمقراطية والتمويل ما كان نتيجته العزوف الجماهيري عن المشاركة في الأطر النسوية، إضافة لمعيقات عدة أخرى تم التطرق لها في الدراسة التي اختتمت بمجموعة هامة من التوصيات المأمول الاخذ بها من قبل التنظيمات.
ونضيف على الدراسة المهمة المذكورة مبرزين عامل سلبية الثقافة المجتمعية (في أجزاء منها) في النظر تجاه المرأة، وهي نظرة تحكمها معطيات كثيرة في ثلاثة منها النظرة الدينية القاصرة، والنظرة الجاهلية المجتمعية والنظرة الحداثوية السافرة.
فالنظرة الحداثوية دخلت علينا من باب بعض المنظمات النسوية التي تختط نهجا لا يأخذ بالاعتبار احتياجات المرأة في بلادنا من نضال ضد الاحتلال وضد الجهل وضد التخلف، فتحاول النظر للمرأة بمعزل عن القيم النضالية والمجتمعية الصحيحة، وبمعزل عن الدين وافتراض أن منظومة حقوق المرأة التي تتبناها المرأة في الغرب منقطعة عن خصوصيات كل ثقافة أو حضارة أو عن الأديان عامة ما هو خطر على المرأة والأسرة.
والنظرة الدينية القاصرة لدى بعض المتفيقهين التي تحاول استبعاد دورها من المجتمع بحجج واهية وأكاذيب تاريخية، أما النظرة الجاهلية المجتمعية المتعانقة مع الموروث المنسوب خطأ للدين فتعمل على قهرها بالحط من شأنها وتصوير ذلك وكأنه من الله، تعالى عن ذلك، فالرجل والمرأة خلقا من نفس واحدة بنص القرآن الكريم.
لكل ذلك يأتي دور المؤسسات والأحزاب جميعا في ضرورة دعم الأطر النسوية في سياق التالي :
- الهدف النهائي للدعم هو الوصول لحالة أو موقف تكون فيه المرأة غير محتاجة للتزاحم مع الرجل على أي موقع وطنيا أو اجتماعيا أو حزبيا.
- يعني ذلك أن يصبح الوضع متيسرا فيه داخل الأحزاب والتنظيمات السياسية وغير السياسية لأن تكون المرأة ممثلة في كل المواقع بنسبة 50% تحقيقا للشعار غير المطبق في عالمنا العربي والإسلامي أن المرأة نصف المجتمع.
- ثالثا فان الأساس في ذلك لاحقا هو تحقيق المشاركة لمن تستحق أو يستحق، والتي تستحق أويستحق هو/هي من يمتلك 3 عوامل – القدرة/العلمية والإدارية والفكرية والجسدية – الوقت – الرغبة في العمل وإرادة الفعل وتحقيق الانجاز.
طبعا كل ذلك لا يتحقق بسهولة إلا في حالة وجود خطة شاملة تحقق إدماج المرأة في التخطيط والتنفيذ والقرار ما يحتاج لصيرورة وطنية طويلة تسعى إلى :
1. تغيير في الثقافة المجتمعية بإزالة النظرة الاستتباعية للمرأة.
2. تغيير في الثقافة التنظيمية نحو المرأة التي تشير لاستصغار قدراتها.
3. تغيير في التشريعات والآليات والقوانين.
4. تمتين دور الأطر النسوية في تدريب الكادرات.
5. دور المرأة نفسها في التخلص من الإرث القبلي.
في حركة فتح تقول المادة 116 من النظام الداخلي (يتم تمثيل المرأة في كافة أطر الحركة القيادية، وتعمل الهيئات القيادية على ضمان الوصول لنسبة لا تقل عن 20% وبما لا يتعارض مع انطباق المعايير التنظيمية ونصوص النظام)، ومع ذلك أعتقد أن هذا غير كاف ، فأمامنا في حركة فتح لدعم الأطر النسوية حقا أن نعمل على تجاوز عدة تحديات منها:
- تغيير النظرة المجتمعية وهذا يحتاج خطة شاملة.
- تغيير الصورة النمطية عن المرأة بالتنظيم أن وجودها للزينة (=ديكور) فقط، أو لإظهار التنوع أمام الأجانب وليس لحقيقة الايمان بدورها وقدراتها.
- تغيير التشريعات ومواد النظام خاصة أن المؤتمر السابع لحركة فتح تبقى له عام ما يحتاج لجهد كبير بهذا الشأن.
- دعم الاطار النسوي الفتحوي بالتجدد عبر المؤتمرات والندوات والدورات والتدريب.
- تحقيق مشاركة أكبر للطالبات ما هو مفقود أو مفصول في الحركة عن العمل النسوي.
إن المرأة التي وقفت في الثورة الفلسطينية وفي حركة فتح على قدم المساواة مع الرجل في كثير من المجالات، ما زالت تعاني لتحقيق الاعتراف بدورها الكثير، ما تعانيه أختها في كافة التنظيمات، وهي أن قدمت لبلدها وثورتها ووطنها ومجتمعها وعائلتها الجهود والانجازات طواعية ومحبة، فانه يجب أن يقابل كل هذا بالاعتراف والتمتين والدعم ليس منّة من أخيها الرجل أبدا وانما رغبة في بناء المجتمع ورفده بالطاقات الهائلة القادرة على إحداث التغيير والتقدم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها