خاص القدس/ حوار: ولاء رشيد
فنان موهوب تمثيلاً وإخراجاً، جذبه المسرح في الصغر فلم يُلفِ نفسه إلا وقد تعلَّق به، ولم يعد يقدر على مبارحته. يرى في المسرح مرآةً للمجتمع، ويدأب على نقل ما أمكنه من صور واقعية تمس الإنسانية. أداؤه لغة جميلة، وحروفه وتر يعزف مأساة أمة ناضلت في سبيل العيش بكرامة. ولأنه من المتمسِّكين بمقولة إذا أردت أن تعرف مدى ثقافة وحضارة شعب من الشعوب انظر لمسارحه، فهو لا يتوانى عن بذل جل اهتمامه لإغناء أعماله فناً وإبداعاً. إنه المخرج والممثِّل المسرحي عضو الهيئة الإدارية للاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين عضو نقابة الفنانين اللبنانيين أحمد صلاح.
*من المعلوم أنك شغفتَ بالتمثيل منذ الصغر، فهل لك أن تخبرنا كيف اكتشفت هذه الموهبة لديك، وكي تحوُّل شغفك بالتمثيل لرغبة في الإخراج؟
عشتُ طفولة صعبة فيما مضى، وكنت أشغل نفسي بتقليد الشخصيات، وهو ما كان يستهويني إلى أبعد الحدود، وخاصةً تقليد بعض الشخصيات من المسلسلات التلفزيونية المعروفة، أو بعض كبار السن ممن حولي. وكنت أشعرُ أن بداخلي شيئاً يدفعني دفعاً لممارسة هذه الهواية. وفي الثمانينيات، كانت سينما "اشبيليا" تقيم كل يوم سبت عرضاً للمواهب من غناء وتمثيل وغيره، وكنتُ أقدِّم دائماً العديد من الفقرات وخاصةً عن فلسطين. أمَّا أول مسرحية مثَّلت فيها، فكانت في عين الحلوة. وفي عام 1988، التحقت بالمسرح القومي الفلسطيني حيثُ درست فن المسرح، وهكذا اكتسبت الكثير من المعارف. وبعد ذلك بدأت أتنقَّل من مخيم لآخر، ولكنني لاحظت وجود العديد من المواهب والخامات الجميلة في المخيمات التي تحتاج فقط اهتماماً. وهكذا تشجَّعت أكثر للعمل على صقل موهبتي في مجال المسرح. وهنا لا بدَّ من التنويه إلى أن الموهبة وحدها لا تكفي، ولكن على الإنسان أن يعمل على صقلها وإغنائها بالمزيد من المعارف من خلال الممارسة والمطالعة.
*في رصيدك العديد من الأعمال الفنية المسرحية، فما هي أبرز هذه الأعمال والمشاركات التي تعتز بها؟
من أبرز أعمالي تمثيلي في مسرحية "مواطن عمومي"، وفي مسرحية فرنسية قمت بتمثيل فلسطين فيها، حيثُ تمَّ عرضها في 40 قرية ومدينة فرنسية وذلك على المسرح الأرجواني، وهي تدور حول دمج الثقافات بين الغرب والشرق والوسط، وقد شارك فيها ممثلون من كافة المناطق التي تشهد نزاعات وحروب مثل لبنان واريتريا وغيرها. وعلى صعيد السينما مثَّلت في فيلمَين من إخراج إيراني هما "طريق النجاة" و"كناري"، إضافةً إلى تمثيلي في مسلسل العائدون بجزأَيه، ومسرحية "على كف عفريت" التي كانت من إخراجي وتمثيلي وتروي مأساة المخيم بجرأة، ومسرحيتَي "عرس النصر" و"تعوا شوفوا" وهما من إخراجي، إضافةً إلى "إلي إستحوا ماتوا" من تمثيلي وإخراجي، و"السر المدفون".
وللعلم فعندما بدأت أقيم مسرح دمى للأطفال عام 2006 كنت أول فلسطيني يقوم بذلك في لبنان، وكانت أولى مسرحياتي مسرحية توعوية حول القنابل العنقودية، وتمَّ عرضها في كافة القرى اللبنانية، هذا إضافةً إلى عدة مسرحيات أخرى منها "جحا" و"عازف الغيتار"، و"الأستاذ كشكول".
*هل من أعمال جديدة شارفت على إنهائها؟
هناك ثلاثة أعمال مسرحية، جميعها من تأليف الشاعر والكاتب محمد سرور، وهي مسرحية "كلو منك" وهي مونودراما، تندرج تحت تصنيف الكوميديا السوداء. والثانية "حبة القمح" وهي بدورها مونودراما وكوميديا سوداء، ولكنها تتحدَّث عن المرأة من وجهة نظر الرجل. أمَّا المسرحية الثالثة فهي مسرحية دمى أطفال من إخراجي وإعدادي.
كذلك فسأفتتح قريباً مركزاً فنياً مستقلاً للفنون المسرحية وذلك بمجهود خاص مني، وهذا المركز يُعنى بشكل رئيسي بالأطفال إلى جانب الفئات العمرية الأخرى.
*ما الذي دفع بك لاختيار الفن المسرحي من بين كافة الفنون، وأيهما تفضِّل التمثيل أم الإخراج؟
اخترته لأن الفن المسرحي يخدم قضيتنا كفلسطينيين بشكل خاص لكونه يتكلَّم جميع لغات العالم، ويخاطب العقل والقلب في آن واحد. وللأسف فالعدو الصهيوني أدرك قيمة المسرح قبل أن ندركها نحن، بدليل أنه قام بحرق المسارح والمكتبات عام 1948 لدى احتلاله فلسطين، والأمر نفسه أثناء اجتياحه للبنان.
كذلك فمن خلال المسرح أمارس قناعاتي وحريتي، وهذه نقطة لا بدَّ من الإشارة إليها، لأن الفنان إذا افتقد لحريته فقد إبداعه. من جهة ثانية فالمسرح يتيح لي رؤية ردة الفعل المباشرة للجمهور وهذا ما لا يتوفَّر إلا في المسرح.
وبالنسبة للشق الثاني من السؤال فأنا أفضِّل التمثيل ولا سيما في الكوميديا السوداءـ حيثُ يمكننا إضحاك ولذع المشاهد في آن واحد، من خلال الإسقاط والتركيب، لأن المسرح المباشر يفتقد للإبداع.
*أيهما تفضِّل العمل مع الأطفال أم العمل في مسرح الكبار؟
أُفضِّل مسرح الأطفال وتحديداً حين يكون مضمون هذه المسرحيات هادفاً تربوياً أو بيئياً، حيثُ أنه لا قيمة لأي عمل فني ما لم يُقدِّم رسالة هادفة.
*ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتك كفنان فلسطيني خاصةً كونك تعمل في مجال المسرح؟
أهم الصعوبات تتلخَّص في الإنتاج، حيثُ أننا نقوم رغم عدم امتلاكنا للإمكانيات والموارد والدعم الكافي، بالإنتاج وتحقيق الانجازات.
من ناحية أخرى، فهناك بعض التقييد على حرية التعبير، ولكنني أُمارس قناعاتي لأن الفنان ملك الناس، وهو يؤدي دوراً على المسرح الذي يمثِّل مرآة للمجتمع.
*هل من كلمة أخيرة ترغب في توجيهها؟
أتمنى الاهتمام بالفنان الفلسطيني وبالفن المسرحي تحديداً، فالفنان لا يأكل فناً ولكنه يأكل خبزاً. وهذا الاهتمام يجب أن يمتد ليشمل الصعيد الإعلامي أيضاً، لكي يتم الدفع بالفنانين للأمام لا إعادتهم خطوات للخلف. كذلك أشكر جميع من وقف إلى جانبي وإلى جانب الفنانين الفلسطينيين وجميع المهتمين بالفن والفنانين.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها