تنسب كلمة الإرهابي في الوقت السياسي الحالي إلى كل مَن يلجأ إلى ممارسة العنف وعمليات التفجير والقتل وكل من يساهم ويدعم هذا المسلك من الإرهاب! لكن لا بد أيضاً من توضيح مفهوم كلمة إرهابي؛ والتي تعني أيضا الشخص المرعب أو المثير للخوف، وقد يكون كذلك دون ممارسة أو مساهمة للعنف وعمليات القتل، وقد تنعكس الصورة حيث توجه تهمة الإرهابي من قبل أشخاص وأطراف وجهات تمارس الإرهاب وعمليات القتل والعنف ضد أشخاص آخرين هم بالأصل رجال سلام! وهذا حقاً ما ينطبق على الرئيس أبو مازن؛ حيث أنه إرهابي في نظر أولئك الذين يمارسون ويساهمون ويشرفون على عمليات القتل والعنف بسبب تمسكه بالسلام ونبذه للعنف وعمليات القتل والتفجير! فعندما توجه أحياناً التهم للرئيس محمود عباس بأنه إرهابي فذلك والله صحيح إنه حقاً إرهابي ومثير للخوف والرعب لكل مَن يسلك طريق العنف ضد الشعوب لأجل تحقيق مكاسب سياسية، ويرى في الرئيس أنه حجر عثرة بسبب سياسته التي لا تحمل في عناوينها وطياتها سوى الرغبة الحقيقية للسلام والأمن والأمان لجميع الشعوب. وعند متابعة الجهات والأطراف التي تصف الرئيس بأنه إرهابي سنجد أنها جهات بالأصل صهيونية إمبريالية ترفض السلام وتمارس كل أشكال العنف جسدياً ومعنوياً، سياسياً وعسكرياً وفكرياً، فالاحتلال الإسرائيلي أعظم وأكبر إرهاب في هذا القرن من مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، وفرض الإغلاقات، والقيام بالاعتقالات وغيرها من الممارسات المعروفة والمكشوفة، وكل مَن يدعم ذلك يساهم ومشارك في هذا الإرهاب. إذن الرئيس إرهابي بالنسبة لكل مَن يريد شرعنة الاحتلال، وتثبيت الانقسام، والمصاب بهوس السلطة، وجنون العظمة وعبادة المنصب بدلا من عبادة الله! نعم الرئيس إرهابي بفكره النير وقناعاته الواضحة وسياساته التي تعتمد على حق الإنسان في السلم والأمن ونبذ العنف والقتل! نعم الرئيس إرهابي لأنه مؤمن بسياسة عدم التدخل بشؤون الغير، وإتباع سياسة النأي بالنفس من براكين الغضب المنتشرة، ومستنقعات السياسة الدولية المصبوغة بالصهيونية، والرمال المتحركة المبعثرة في المنطقة العربية .
في نظر الصهيونية والإمبريالية، في نظر البوشية ( بوش وأعوانه وأصدقائه!)، وفي نظر أصحاب جذور الفكر الصهيوني وتوجهاتهم ومسالكهم وأهدافهم كان ياسر عرفات لا يحترم عملية السلام؛ واعتبروه شخصاً محرضاً وداعماً للإرهاب لأنه كان يحمل غصن الزيتون بيد  وسلاحه في اليد الأخرى؛ فوجدوا ضالتهم في سلاحه حتى سيطر الإرهاب الصهيوني المدعوم من الغرب لوجيستياً، ومن الآخرين صمت وتمرير للسياسة الأمريكية من ثقب باب غرفته في المقاطعة حتى الحصار والقتل ليسقط شهيدا! وفي نظر نفس الممثلين من الصهاينة والإمبرياليين الجدد الرافضين للحق الفلسطيني وللعابثين بمستقبل أبناء الشعب الفلسطيني يرون في الرئيس محمود عباس الذي يحمل بيد دعوة سلام واستقرار لكل الشعوب وباليد الأخرى شهادة النأي بالنفس أنه إرهابي فوجدوا ضالتهم في أوراق سلام يحملها بيديه؛ وانقسام فرضوه عليه وخلق مكونات فلسطينية أخرى تطمح بالزعامة على حساب الحق الفلسطيني والمشروع الوطني الذي بات في خطر محدق. لقد فشلوا جميعاً في ظهور الرئيس أبو مازن في صورة إرهابي على مقاس الصهيونية؛ لكنه حقا إرهابي سلام في نظر أعداء السلم والاستقرار ولم يتبق أمامهم سوى طريقاً واحدة كانوا قد سلكوها مع الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات! فهل نعي ذلك؟

 

بقلم : ميسون كحيل