يوم السبت الماضي، كتبت في جريدة الحياة الجديدة مقالا بعنوان "غزة بين الانتحار والانفجار" في محاولة لاستقراء حادث التفجير الذي نفذه احد التكفيريين في موقع امني لحماس على حدود قطاع غزة مع الشقيقة مصر، وحسب رؤيتي المتواضعة بصفتي احد أبناء القطاع، فقد قلت بالحرف الواحد "ان هذا الحادث هو البداية وليس النهاية"، وقد تم تعميق هذا الفهم من خلال مقالات كتبها للحياة اشخاص ذوو خبرة مثل أصدقائي أنور رجب وعمر الغول، واليوم على نشرات الاخبار هناك حادث تكفيري جديد استهدف موقعا جديدا لحماس في قطاع غزة، ويبدو اننا امام حالة من التفجير العنيف المتسلسل، فمن هؤلاء التكفيريون في قطاع غزة !!! ولماذا حماس تسكت عنهم في اعلامها؟؟؟ رغم حملات المداهمة والتفتيش الاستعراضي الرديء الذي يشمل المكان الخطأ، والأشخاص الخطأ؟.
بداية، نحن نعرف جميعا، ان الاخوان المسلمون الذين تنتمي اليهم حماس لهم وجود كبير في سيناء، خاصة شمال سيناء، وان الحرب ضدهم من قبل الجيش المصري وقوات الأمن المصرية مستمرة منذ سنوات، خاصة بعد ان تم تعزيز وجودهم من قبل الاخوان المسلمين في الشقيقة مصر قبل هزيمتهم، خاصة في فترة وصولهم الى الحكم برئاسة الدكتور محمد مرسي الذي يقبع في السجن الآن، وقد نفذ هؤلاء عمليات إرهابية كثيرة، وكان طريقهم سالكا الى قطاع غزة عبر حماس، وأنفاق حماس، وتعاون حماس الوثيق معهم، ولدى أجهزة الأمن المصرية مئات من الوثائق والأدلة، ولديها مطلوبين بأعداد كبيرة طلبت من حماس تسليمهم، وبعض هؤلاء يتحركون بسهولة الى القطاع لأنهم ضمن عائلات عابرة للحدود، أي موجودة في سيناء بهويات مصرية، وموجودة في قطاع غزة بهويات فلسطينية، وهذا امر يعرفه الأمن المصري معرفة تفصيلية، وهؤلاء اطلقوا على انفسهم "انصار بيت المقدس، ثم اعلنوا الولاء لداعش واصبحوا محسوبين عليها، بالإضافة الى كوادر وقيادات أمنت لهم حماس التواجد الآمن في غزة، وقد ذكر في مرحلة سابقة ان عضو مكتب الارشاد في جماعة الاخوان في مصر، مسؤول الجهاز الخاص محمود عزت اختبا في قطاع غزة.
وقد عبر هذا الوجود عن نفسه في بعض الأحيان بشكل عنيف داخل القطاع نفسه، واستعارت حماس من التنظيم الأم كثيرا من الممارسات التي لا وجود سابق لها في فلسطين، مثل الالقاء من اسطح البنايات العالية، او اطلاق النار على اشخاص، حتى من حماس، تحت مظلة العدوان الإسرائيلي، وتفاصيل أخرى كثيرة يحفظها شعبنا في قطاع غزة حيا في تلاقيف الذاكرة، مثل المناضل الفتحاوي سميح المدهون، وتفجير رأس القائد الفتحوي والوطني موسى عرفات بحيث تتأثر مخه على رمل الشارع، واغتيال العميد راجح أبو لحية، وآخرين هذا الوضع الذي جرى برعاية حماس، أدى الى خلق فجوات خطيرة، خاصة في ظل وضع الاختناق الذي تمر به حماس على المستوى الداخلي وعنوانه التربص من الجميع ضد الجميع، خاصة ان الوضع غير الشرعي الذي تعيشه يترك الباب مفتوحا لكل أنواع التكفيريين ليجدوا لهم غطاء تنظيميا وسياسيا وفقهيا وفكريا، فلا تستطيع حماس ان تدحض هؤلاء على أي صعيد سوى العنف المكشوف والا قالوا لها (تأمرون بالبر وتنسون أنفسكم) وبالتالي فإن ما وعدت به حماس الأمن المصري ليس بالأمر السهل، ولكن الأمن المصري يريد نتائج على الأرض وليس وعودا هائمة، وهذا هو مأزق حماس المعقد الآن، مطلوب منها ان تقتلع ما زرعت يداها، فهل ترغب فعلا في ذلك، وهل تستطيع، ما زلنا في البداية، وسوف نرى المزيد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها