كثيراً ما تحدثت قصص الخيال العلمي عن منازل المستقبل التي يمكن التحكم فيها عن بعد، وتتجاوب فيها الأجهزة المنزلية مع رغبات السكان والتغييرات التي تطرأ على الجو أو المنزل آلياً كأن تُطفأ الأنوار مع إغلاق الباب، أو يعمل التكييف والتلفزيون مع دخول أحد الأفراد إلى الغرفة، أو تتم العناية بالحدائق في غياب أفراد الأسرة، وغير ذلك.
وخلال السنوات الماضية تحقق بعضاً من هذه التنبؤات، فتستخدم بعض المنازل كاميرات للمراقبة وأجهزة استشعار، مثل أدوات التحكم في درجات الحرارة والتهوية، التي يمكن متابعة تسجيلاتها والتحكم فيها عبر الإنترنت، كما يمكن لهذه الأنظمة إرسال تنبيهات للمستخدمين عبر تطبيقات مخصصة للهواتف أو بالبريد الإلكتروني، لكن حتى الآن تُستخدم أغلبها بشكل منفرد دون وجود نظام متكامل للتحكم فيها.
ويحقق استخدام أدوات وأنظمة التحكم الآلي في المنازل أهدافاً عدة من بينها الأمن والراحة والتكامل بين الأجهزة المختلفة بما يوفر في استخدام الطاقة، وقد يساعد مستقبلاً في تقديم الرعاية للمسنين والمرضى، كما يفيد اعتماد مفهوم التشغيل الآلي للمباني في إدارة المنشآت التجارية والطبية، وتوفير الجهد والوقت والطاقة.
وكجزء من الأبحاث الساعية لتطوير هذا المجال كشفت شركة “مايكروسوفت” الأسبوع الماضي عن منصة جديدة باسم “مختبر الأشياء” أو “Lab of Things”. ويرتبط الاسم بمفهوم “إنترنت الأشياء” الذي يُشير لربط كثير من العناصر والأجهزة بالإنترنت. وتتيح المنصة الجديدة للباحثين جمع البيانات حول نظم التحكم الآلية في المنازل.
وتعتمد المنصة على مشروع “هوم أو إس” أو “HomeOS” الذي أطلقته الشركة عام 2010. ويعمل بمثابة نظام تشغيل للتحكم الآلي في المنازل لربط الأجهزة المنزلية كالحواسيب والهواتف الذكية والطابعات ومعدات الإضاءة والتلفزيون، بحيث تعمل كملحقات يمكن التحكم فيها عبر جهاز حاسب واحد يُطلق عليه “هوم هَب” أو “محور المنزل”.
وأتاحت “مايكروسوفت” النموذج الأولي من “هوم أو إس” بشكل غير تجاري لتشجيع الباحثين على دراسة وتطوير نظم التحكم في الأجهزة المنزلية. ويختبر باحثون من الشركة نظام “هوم أو إس” في عددٍ من المنازل، كما يعتمد عليه آخرون من خارجها، وجرى استخدامه في أبحاث عديدة منها التحكم في الأجهزة عن طريق الإيماءات وتطوير تطبيقات للهواتف الذكية للإدارة الالية للمنازل.
وتوفر منصة “مختبر الأشياء”، الذي كشفت عنه “مايكروسوفت” خلال مؤتمرها الرابع عشر للأبحاث في واشنطن، وسائل أفضل لجمع البيانات التي يمكن الوصول إليها عبر خدمات “ويندوز آزور” السحابية وتحليلها. كما يُفسح المجال للمطورين لبناء تطبيقات يمكن تشغيلها في المنازل. ووفرت الشركة النسخة التجريبية من المنصة للتحميل عبر موقعها.
وخلال المؤتمر شرح أرجماند صامويل، الباحث في “مايكروسوفت”، بعضاً من فوائد المنصة الجديدة، وقال إن استخدامها سيُسهِم في التغلب على عقبات عدة تحول دون تشغيل أجهزة التحكم الآلي في المنازل، وستدفع الباحثين للتفكير في استخدامات وتطبيقات جديدة.
وأضاف أن المحاولات السابقة لبناء أنظمة للتحكم الآلي في المنازل تمت على نطاق ضيق، ولم تنجح في الاستمرار لفترات طويلة بسبب عدم التوافق بين الباحثين من جهة والمتطوعين الذين يقبلون بتجربة هذه الأجهزة في منازلهم من جهة أخرى.
وتتوقع بعض الدراسات أن يكون لنظم التحكم الآلي في المنازل استخدامات مختلفة تتجاوز نطاق المنزل إلى التوصل لوسائل مناسبة لترشيد استهلاك الطاقة، وإدارة دور الرعاية والمؤسسات الطبية، وتشغيل المباني الضخمة.
وتحدث كامين وايتهاوس، الباحث في جامعة فيرجينيا، عن تجربته في دراسة استخدام المنازل للكهرباء والمياه من خلال التحكم الآلي في المنازل، واعتمد فيها على تركيب أجهزة استشعار في عدة منازل؛ منها ما يراقب استهلاك الكهرباء والمياه بهدف تتبع عادات السكان ونمط استخدامهم للطاقة، وهو ما يساعد في استنتاج طرق مناسبة للتوفير تتلائم مع نظام الحياة في المنازل.
من جانبه، أشار دين محمدعلي، من كلية لندن الجامعية، إلى أهمية توسعة مجال عمل منصة “مختبر الأشياء” ليشمل إدارة وتشغيل المباني مثل المنشآت الطبية ودور الرعاية ونوادي الألعاب الرياضية.
يشرح الفيديو التالي منصة “مختبر الأشياء”:
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها